الشاعرة حواء القمودي
سيرة

محاولة القبض على سيرتي الأدبية!؟ (51)

لطفية الدليمي … لم تجد الجرأة؟؟!!

وكما في كل مرة حين أواصل هذه المحاولة، محاولة القبض على السيرة الأدبية، والتي هي حتما تتقاطع مع السيرة الذاتية أو تتماس أو تعلو ربما وربما تنحاز أو تنساق… البوح أو الإخفاء، السبر والكشف والمعرفة، أو السطح والضنّ والجهل، هكذا وأنا في محاولتي هذه بدأت قراءة كتاب (أناييس نن – اليوميات- مختارات) والترجمة لمبدعة قامتها الإبداعية تطاول نخل العراق بلادها، السيدة (لطفية الدليمي) وما أدراك، هي التي ترجمت ما اختارت من هذه اليوميات التي كما تقول الدليمي في (مقدمة أولى): (وقد صدمت للوهلة الأولى وأنا اقرأ مجلدات “يوميات أناييس نن”.. إنه فضاء لا يعرف مفردة التحريم وحدودها)؛ ولهذا اختارت منها ولكن لماذا؟ كما تواصل في المقدمة: (ولأننا في مجتمعاتنا نتعامل مع العمل الإبداعي ونسقطه قسرا على ذواتنا، أو هكذا يفعل القراء ويصدرون الأحكام حين يتماهى القاريء مع النص ويسقط تماهيه على المترجمة أو الكاتبة).

وهكذا وجدت هذه المبدعة الكبيرة نفسها في شبكة العنكبوت المنسوجة بحرفية مجتمعات من مسلمات وعادات وأطر فماذا تفعل، وهي كما تواصل (وجدت حرجا كبيرا في التفاعل مع يوميات أناييس بجوانبها المختلفة وعفوية سردها المتدفق، ففي اليوميات تشكّل العلاقات الإنسانية المتن الأساسي … وبالتالي لم أجد الجرأة على ترجمتها)، فماذا تفعل إذا: (فآثرت اختيار مقاطع تخص نظرتها للإبداع وعلاقاتها بالمبدعين و وجهة نظرها إلى الحروب والحركات النسوية واعترافها ببعض مواقف من علاقات إنسانية)

أناييس نن ترجمة لطيفة الدليمي

وسأضع أكواما من إشارات الإستفهام، وأكوام أخرى للسيدة قاطعة حتى يتوقف سيل تعجبي وأيضا توجسي، (لطفية الدليمي) بجلالة مكانتها الإبداعية لم تجد الجرأة على ترجمة (اليوميات) كاملة واختارت منها الذي يبعد عنها وصمة (المشابهة) أو حتى ربما (الرضا) عمّا هو موجود بهذه اليوميات..؟؟!

فهل ألوم (حواء القمودي)؟ وهي في أحيان تكاد تغلبها تلك الساردة، فإذ بها تكبح جماحها وتقول لها: مهلا لديك متسع في الإبداع، ولكن هنا أحاول القبض على سيرتي الأدبية وكيف استطاعت تلك البنت “حوا”، التي ظلت وهي بالصف السادس ابتدائي تلبس (كندرتها) مقلوبة (الفردة اليمين في الرجل اليصار والفردة اليصار في الرجل اليمين)، ولن تشعر بالفرق إلاّ حين تلميذة تلعب معها (النقيزة) (حيه يا حوا كندرتك مقلوبة)؟؟؟، كيف استطاعت أن تغدو هذه التي تواصل معركتها مع اللغة لتنسج أفكارها، وجعها وأحلامها، وربما حتى هذيانها، …. وهكذا وصلت إلى الحلقة 51 في يوليو 2020م، تحديدا في بداية النصف الثاني منه، ولا تنسي يا حوا (ذو القعدة) واقتراب شهر (ذي الحجة) وهل حقا جائحة (كورونا) أوقفت فريضة؟!!

وها الحلقة 51 (يبدو أن هذه السيرة مثل مسلسل مكسيكي أو تركي)، لا تدري متى تنتهي حلقاتها، فأيّ (تركينة) في هذا العمر الذي استطال وتطاول، يمكنني القبض على حكاية أو ذكرى أو حياة، والذاكرة كأنها تتآمر فلا تحفظ ألا القليل، وها أنا كعادتي أثرثر لأهرب؟، ولكن لا مهرب (يا حواء)، لقد دخلت مدججة بالشغف لتقبضي على هذه السيرة (الأدبية)، ونسيت الفخاخ الكثيرة يالكِ من غبية، فخاخ و(طربيقة) لابدّ أن (تُحصلي فيها) و(مقاليع) لا غرو ستصيبك حصواتها المحلقات باتجاهك، تحديدا باتجاه رأسك الذي يوسوس بالفرار، ولكن مهما ركضت ستقعين ومهما كان الألم فلا بأس، لهذا عليك الامتثال الآن ومحاولة التعامي ولا مفر!!!

أراقب العالم بدهشة .. ولا زلت ..؟؟؟؟

ما الذي يحفر مسارب وجع في الروح؟ ويجرح القلب الذي حاول ولايزال أن يحب؟

وربما كتبت جزءا من هذي الحكاية أقول ربما، لأني لم أراجع ما كتبت منذ فترة، ولكن التساؤل مازال يحفر ويبحث ، لماذا لا يراجع مجتمعنا نمط تفكير وتعامل يتخذ من الشفوي حقيقة، لا يتثبث ولا يفكر في الذي سمع ولا يضعه على مشرحة السؤال، كيف ولماذا ومتى وأين وووو، ببساطة نسمع ونتداول ما نسمع، حلقة متراصة وتكثف جهدها كي تصل الحكاية حتى آخر مداها، هس إياكم أن ….، غريبة كتابتي هذه ومرتبكة….، وكان عدد مجلة الناقد الذي احتفى بالإبداع الليبي، والمعلمة تذهب بعد اليوم الدراسي إلى جامعة ناصر كلية اللغات، ولأنها بدون سيارة خاصة ستستعمل (الأفيكو- الركوبة او المركوب) وستكون محطتها الأولى عند (ميدان الغزالة). وذات يوم حين نزلت من (الافيكو) وجدت الاستاذ (محمد القاعور) من سوريا الشقيقة، وهو أستاذ اللغة العربية في ذات (الثكنة أو الشعبية فالمسميات كثيرة ومتغيرة)، وبيننا أحاديث عن الثقافة والكتاب وأيضا أستفيد من خبرته حين أحاول أن أكون معلمة جيدة، تحية وحديث متبادل عن الثقافة والدراسة ثم سؤال: قريتي القصيدة اللي في الناقد ؟

تغابيت وقلت: أي قصيدة؟

فقال: هي اللي كاتبتها وحدة اسمها دلال المغربي؟

آآه خيرها؟

فقال محتجا: معقول هللي كاتبته عن طرابلس و كل الاشياء.

فتساءلت: ولكن هذا حقيقي وموجود.

فأجاب: ولو ما بيصير هيك!!! وتابع حديثه قائلا: عموما أنا سألت (وذكر اسم شخص أعرف أنه تربوي مدير مدرسة) وقال لي: هي بنت فاسدة من سوق الجمعة!!!!

وليزيد الطين بلة سألني: معليش حوا بدي أسألك هو أنت فعلا مخابرات؟؟؟

وانفلتت ضحكة ربما أزعجت غزالتنا، وجعلت طيور نخلاتها الست تحلّق بعيدا، وسألت: علاش السؤال؟

فأجابني: هيك بيحكوا في الإدارة إنك مخابرات!!!

الشاعر الراحل: محمد الفقيه صالح. عن الشبكة.

وأجبته محللة لهذا التخمين الذي تفتق عن وقائع عادة نبني عليها حقائق ربما تكون قريبة أو بعيدة، فقلت: يمكن كلامهم هذا لأني كنت نكتب في صحيفة الجماهيرية، و كتبت في صحيفة (لا) وأيضا كنت محررة في صحيفة الطالب، وربما الأماكن التي توجد بها هذه المجلة والصحيفة هو مكان أمني، ومن يراني أدخله سيظن أني مخابرات وببساطة سيقول هذه المعلومة، والتي ستنتقل بسرعة الضوء للتحذير من المعلمة / المخابرات …، وحييت الأستاذ محمد لأكمل الطريق حيث محطة (طريق السكة) لآخذ (افيكو الجامعة) ولكن غصّة قبضت على قلبي وطوال الطريق كانت دموعي تهمي، يااااااه الغضب يتفاقم و الطريق تتوه، وبيقين أن كل معلم ومعلمة وكل طالبة وووو أن هذا الخبر اليقين تداولوه ونشروه وأقسم كل منهم ومنهن على وثوقية معلومته، وأتذكر كيف كانت الادارة تختارني باعتباري استاذة لغة عربية وكاتبة لأقوم بإلقاء محاضرة في الأسبوع المفتوح أو أيام المؤتمرات داخل الثكنات، حين يجمع المعلمون والمعلمات في قاعة حسب المتوفر، وكان المتوفر لدينا معمل العلوم، وكانت المحاضرات في الفكر الجماهيري ووووو، وهكذا ما أسهل أن تلتصق بك تهمة بحجم (المخابرات الليبية)، وأن تكوني (بنت فاسدة) لأنك كتبت قصيدة غاضبة ومحتجة وموجوعة.

قصيدة كتب عنها الشاعر المبدع والمثقف الكاتب “محمد الفقيه صالح”، (أراقب العالم بدهشة نص شعري لافت بكل معنى الكلمة أكاد أقول إنه من عيون شعرنا الحداثي الليبي نص شعري متمرد ومحتج غاضب ساخر حزين نزق مشاكس صريح إلى حد التوهج والإنجراح)

وكم تمنيت أني نشرت الملاحظات المتميزة التي كتبها الشاعر “محمد الفقيه صالح” عن مجموعة قصائدي التي جمعتها لأول مرة في أضمومة وقدمتها لرابطة الكتاب والأدباء أثناء التجهز لندوة الكتابة النسائية ، ثم أرسلتها وقصائد الشاعرة “كريمة حسين” عبر فاكس مجلة البيت إلى حيث كان الشاعر ملحقا ثقافيا في اسبانيا، وقد بعث لنا ملاحظاته الثمينة والهامة وخصّ هذه القصيدة بهذا الرأي، وكنت أتمنى نشر ما كتب، ولكنه طلب مني عدم نشره حتى يكتب دراسة عنّا عند صدور الديوانين…؟؟؟

مقالات ذات علاقة

محاولة القبض على سيرتي الأدبية!؟ (29)

حواء القمودي

الراحلة القيادي: هذه أنا .. كأي امرأة أخرى

رامز رمضان النويصري

في الذاكرة (الإعلامي المرحوم فتحي العريبي)

المشرف العام

6 تعليقات

د/عبدالهادي. 5 أغسطس, 2020 at 23:51

الكاتبة الاديبة الرائعة..لقد استمتعت بقراءة ما تكتبينه..مقالاتك تدل عى كاتبة متمكنة تملك ادواتها وتملك زمام الكلمات..فهي تمتعك بما تقراء وتفيدك..
تابعت “محاولة القبض على سيرتي الأدبية” ففيها الكثير من سيرتك الذاتية..وهي رائعة وتحمل الكثير من الاحداث المهمة وكثيرا من الاحداث التي تؤرخ لفترة مهمة من التاريخ والثقافة التي يجهلها الكثير من اللليبيين..
..ولكن اسمحي لي ببعض الملاحظات التي ارجو ان يتسع صدرك لها..وهي
1. نشرها في موقع طيوب صّعب الامر على من يريد متابعتها..لان اخراج الموقع وطريقة النشر فيه تصعب على المتابع متابعة مايريده..وهذا ينطبق على مذكرات الشاعر عبد الحميد بطاو..ربما يرجع ذلك الى الامكانات المادية..والى الكمية الهائلة لمنشورات هذا الموقع المهم الذي لا احد ينكر تأثير وفائدتة..واتاحته الفرصة للمبدعين
2. ترتيب الاحداث وسردها جاء بطريقة مفككة وغير مترابطة..وفيها الكثير من التكرار..ربما -قد اكون مخطئا- تكوني قد دفعت على نشرها دفعا..لانها توحي للقارئ انها مخطوط ومشروع لكتابة مذكرات…مما افقدها المكثير من التألق والجمال الذي نطمح ان نراه من كاتبة رائعة مبدعة اسمها حواء القمودي
هذه مجر ملاحظات قارئ لا يحمل لك الا كل تقدير واحترام ..وفي الختام تقبلي من فائق التحية والاحترام.. د/عبدالهادي..

رد
المشرف العام 6 أغسطس, 2020 at 07:39

نشكر مرورك الكريم..
وبخصوص ملاحظتك حول النشر بالموقع..
ما هي الصعوبات التي ترى إنها تعيق التصفع أو نشر المواد بالموقع؟
وكيف يمكن تحسين طريقة النشر، من وجهة نظرك؟
سنكون سعداء بتلقي ردك لتطوير الموقع وتحسين عملية النشر والتصفح.

إدارة الموقع…

رد
حواء القمودي 6 أغسطس, 2020 at 10:51

السلام عليكم؛ د. عبد الهادي
قرأت تعليقك على حلقات السيرة بشكل عام، وأوّد أن أشكرك لاهتمامك بكتابة رأيك،لقد اعتذرت من خلال بعض الحلقات لمن يتابع وتتابع سيرتي أنه ربما وقعت في التكرار، لأن حلقات السيرة طالت ولايخفى (أن الذاكرة صارت مكتظة، ولن تستطيع تصفح هذه الحلقات ببساطة من كانت في العقد الثاني من عمرها) ، ولكن هذا السيرة ما وقعت فيه من التكرار، والذي حتما سأقوم لمراجعته حين تصبح هذه السيرة جاهزة كي تكون كتابا مطبوعا؛ هذا أولا

رد
حواء القمودي 6 أغسطس, 2020 at 11:05

ثانيا: أظن أني تساءلت في بعض حلقات هذه السيرة، عن الواقع الذي تستهويني لكتابة لتوثيق هذه السيرة الأدبية المتواضعة( حقا)؛ وأظن أني ضحكت من جرأتي هذه؛ ولكن أيضا في تسالي وقعت بعض إجابة وقلت : ربما هي محاولة التميز، وربما ايضا رفع لواء الريادة، أي نعم هكذا ببساطة، ولكن أيضا مازال التساؤل مضمّرا ويحتاج البحث في داخل تلابيب النفس وشبكات الدماغ كي ( اقبض) على السبب الحقيقي الذي دفعني لكتابة هذه المحاولة؛

من دفعني لذلك ، او احتمال أنني كنت أجهز كتابا للسيرة، كلاهما غير صحيح، وربما الذي يدفع قارئا متابعا وقارئة متابعة بهكذا من أتساءل هو تستهويني في أحيان ربما عندي من كراسات أكتب بها وأحيانا أجد بين ثناياها تحقيقا لذكرى ما،

شاكرة جدا هذا الاهتمام بكتابة هذه الملاحظات، وأرجو أن تكون في إجابتي ما يفيد.

واعتذر عن أخطاء وردت في التعليق الأول: لأن الأجهزة الإلكترونية لها من الجاهزية أكثر من ثقافتي البسيطة في التقنية.

رد
د/عبدالهادي 20 أغسطس, 2020 at 15:29

لا يملك المرء الا ان يرفع “القبعة” احتراما وتقدير للكاتبة المتميزة على ردها وعلى احترام رائ قد يكون به بعض الاجحاف..وشكرا لمشرف الموقع الاستاذ رامز النويصري على نشر التعليق وراحبة الصدر..

رد
المشرف العام 21 أغسطس, 2020 at 08:55

لا شكر على واجب دكتور عبدالهادي.. ملاحظاتك التي أشرت إليها استفدنا منها كثيرا.
وتم تحويلها لقسم التطوير بخصوص دراستها.
مودتي

رد

اترك رداً على د/عبدالهادي.