القاص والمترجم مأمون الزائدي.
حوارات

مأمون الزايدي عن “سيرة ذاتية للأحمر”.. وسؤال الترجمة

218.net

في عالم الترجمة لا يُمكن الفصل بين صاحب النص الأصلي والمترجم، ولا يُمكن في المقابل أن يتخلّى أحد منهما عن مسؤوليته في النقل والترجمة للمتلقي ” القارئ “، فالمترجم هو شريك للنص بصورة مُغايرة، قد يكتشفها القارئ في مسيرة قراءته. التي ستُضيف لهُ بعد نهاية قراءته، بُعدًا آخر للنص، قد لا يصل معناه إلى اللغة الأصلية، ولكن في النهاية سيملك الفكرة الأساسية والأدوات والشخوص التي رافقت النص المترجم. والذي عادةً ما يكون في شكل مغامرة.

وحين نشرع في قراءة عملٍ أدبي مترجم، لا نفكّر في حكاية الترجمة التي رافقت المترجم وهو يعمل على أن يكون أمينًا في نقله للمفردة وللعبارة وكيفية التعامل معهما بحذر وهدوء. ولأننا لم نعتد الحديث عن سياق الترجمة وأبعادها، أجرى موقع 218 حديثًا مع الشاعر والمترجم الليبي مأمون الزائدي، بمناسبة ترجمته للرواية الشعرية ”سيرة ذاتية للأحمر” التي أصدرتها الشاعرة آن كارسون في العام 1998. وهي رواية شعرية مبنية على أساس أسطورةGeryon جيريون وهو العمل أو المأثرة العاشرة من أعمال البطل الأسطوري هرقل، وبنيت بشكل خاص على ما بقي من أعمال الشاعر الغنائي الاغريقي سيستيكورس Stesichorus الذي أورد هذه المأثرة البطولية في قصيدة.Geryoneis او نشوء جيريون.

لنقترب من عالم الترجمة و”سيرة ذاتية للأحمر” في وقتٍ واحد، لما يحمله النص الشعري والروائي من مآثر بطولية، ونصوص شعرية.

وقبل الحديث مع الشاعر والمترجم مأمون الزايدي، علينا أن نضع القارئ أمام أبجدية النص الذي كان سببا في هذا اللقاء، الذي سنعرضه:

سيرة ذاتية للأحمر

أجواء النص: ”سيرة ذاتية للأحمر “

غلاف كتاب سيرة ذاتية للأحمر.
ترجمة مأمون الزايدي.

جاء بعد هوميروس وقبل جيرترود شتاين، في فترة صعبة بالنسبة لشاعر. ولد حوالي العام 650 ق. على الساحل الشمالي لجزيرة صقلية في مدينة تسمى هيميرا، وعاش بين اللاجئين الذين تحدثوا لهجة مختلطة من الكالسيدية والدوريك. كان السكان اللاجئون متعطشين للغة ومدركين أن أي شيء قد يحدث. فالكلمات تتراقص. والكلمات إذا ما تركتها فستفعل ما تريد وما يتعين عليها القيام به. تم جمع كلمات ستيسكورس في ستة وعشرين كتابا لم يبق لنا منها سوى اثني عشر أو نحو ذلك كعناوين وعدة مجموعات من القطع. ولا يعرف الكثير عن حياته العملية باستثناء القصة الشهيرة التي تقول أنه صار أعمى بسبب هيلين. ويبدو أنه كان قد حقق نجاحا شعبيا كبيرا. فكيف كان النقاد يعتبرونه؟ هناك عدد من المدائح القديمة ترتبط بذكر اسمه. “هو أعظم هومرية من شعراء الشعر الغنائي”، يقول لونجينوس. “إنه يجعل تلك القصص القديمة جديدة”، يقول سويداس. ” تقوده الرغبة في التغيير”، يقول ديونيسيوس من هاليكاراناسوس. “يا له من عبقرية جميلة في استخدام الصفات!” يضيف هيرموجينيس.وهنا نلمس السؤال الجوهري: “ما الفرق الذي أحدثه ستيسكورس ؟” قد تكون المقارنة مفيدة. عندما أرادت جيرترود شتاين أن تلخّص بيكاسو قالت: “كان هذا الشخص يعمل.” وهكذا نقول عن ستيسكورس ” هذا الشخص يصنع الصفات.””

الحديث مع الشاعر والمترجم مأمون الزايدي

هل تُعتبر الرواية عملا شعريا أو روائيا بالمعنى التقليدي لكونها تتحدث عن حقبة زمنية؟

يُمكن تصنيفها كنص شعري أو روائي في ذات الوقت. لأنها تحمل حبكة وعناصر روائية. وإذَا نظرنا إلى ” سيرة ذاتية للأحمر” كنص أدبي يُمكن للقارئ تسميتها بالنص شعري.

ترجمة عمل أدبي ” شعري ” ويتحدث عن الأسطورة.. كرواية “سيرة ذاتية للأحمر”، غير المصنفة على أنها نص شعري أم روائي ..ألا تراه مغامرة كبيرة في حقل الترجمة بالنسبة لك؟

عندما أكتب نصا أغامر بدخول منطقة مصحوبا بمخاوفي وأحكامي المسبقة، وأحاول دائما بعدم الاعتراف بذلك، وإقناع من يؤمنون بالأفكار الراسخة وأن هناك جدوى.. أقبل بصفة المغامر.

وإذا تحدثنا عن الكتابة كمفهوم، فهي تُعتبر في حد ذاتها مغامرة،وعلى القارئ أن يقرأ “سيرة ذاتية للأحمر “، لفهم آليات توليد النص، ولفهم طرق الكتابة.. وكيف يمكن أن ننتج نصا.

القاص مأمون الزائدي.

سؤال الترجمة عادةً ما يُطرح مع أول عمل مترجم، هل يُمكن للقارئ أن يستغنى تماما عن لغة النص الأصلية ، أم ماذا برأيك؟.. بمعنى هل وصلت الترجمة اليوم إلى حال يُمكن للقارئ الاستغناء عن لغة النص الأولى؟

الترجمة يجب أن تكون قادرة على إضافة شيء للنص الأصلي، والنقل الحرفي والمباشر للنص هي مهمة شاقة للمترجم الذي عليه أن يكون قادرا في تحويل عملية النقل والترجمة.

أما عن نص ”آن كارسون” الأصلي فهو مكتوب بصورة سلسة ومريحة جدا وبالتالي حاولت في ترجمتي أن ألتزم بالنص الأصلي قدر الإمكان،ولم أتصرف في النص المترجم ” العربي” إطلاقا، باستثناء مناطق شديدة ودقيقة لا تؤثر على النص، كما إنني قدمت نص “سيرة ذاتية للأحمر” كما هو.

وحول إضافة قيمة مصطنعة للنص الأصلي، فأنا لا أعمل على ذلك ولا أؤمن أن من حقي أن أفعل ذلك. وما فعلته أنني نقلته من اللغة الأصلية إلى اللغة العربية والتزمت تماما، حتى في المقاطع الصوتية وترتيب المقاطع على الأسطر.. مع الصعوبة التي واجهتني في هذا العمل.

ومسألة الاستغناء عن لغة النص الأصلية، فهناك نصوص تقترب قليلا ولكن مع هذا الاقتراب فهي تظل بعيدة مقارنة بغيرها.

أما الحديث عن نص كارسون لا أعتبره نصا مخدوما بلغة شعرية كما يُكتب النص الشعري عادة. فهي كتبت روايتها بشكل القصيدة النثرية وبشكل مفتوح دون الالتزام بأدوات النص التفعيلي.

ولمعرفة صاحبة ” سيرة ذاتية للأحمر” عن كثب الشاعرة آن كارسون فهي في الأصل أستاذة جامعية ومتخصصة في الأدب اليوناني وما تحدثت عنه في نصها “سيرة الأحمر” يقودنا إلى أسئلة ويجب أن يكون القارئ على دراية مسبقة عن الحدث وأن يكوّن أسئلته. من هو بطل النص الروائي، ولماذا أصبح بطلا.؟

أما عن فكرة الرواية فهي تتناول أحد الشعراء اليونانيين، هيلر الذي قام بعدة مآثر عظمى ومجموعة كبيرة من الشعراء من بينهم هوميروس وذكروها في قصائدهم ولكن هي اختارت هيتكيلوس .. وهنا يبقى السؤال لماذا اختارت هيستكولس؟

ويقودنا إلى السؤال السابق: هل رواية شعرية أم روائية.. وهُنا يجب أن أقول أنني أفهم الشعر من زاويتين، نص ينظر إلى الحياة من زاوية شعرية، أو مكتوب بلغة شعرية. بدون الاستعانة عن بالمنظرين وبمن ينتمون لهذه المدارس.

وكارسون اختارت ستيسكورس دون غيره لأنه الشاعر الوحيد الذي تناول المأثرة بصورة غير اعتيادية ،بل ونظرت إلى ضحيته الذي كان يقبع في جزيرته. وهُنا يجب على المتلقي أن يقرأ ” سيرة ذاتية للأحمر” بكل أجزائها لفهم الصورة الكاملة للعمل الأدبي ولفهم الجوانب الطبيعية، لأن طرحها مختلف في اختياراتها للضحايا.

مقالات ذات علاقة

غالية الذرعاني: الرواية الليبية بخير برغم ظهورها المتأخر.

رامز رمضان النويصري

في أول حوار لها.. زوجة «الكوني» تكشف للوكالة عن «المبدع والإنسان»

المشرف العام

حـوار صـريح .. مع الدكتور محمد محمد المفـتي

المشرف العام

اترك تعليق