المقالة

حكام بلا نخوة بلا ضمير

أرواح أطفال غزة (الصورة: عن الشبكة)
أرواح أطفال غزة (الصورة: عن الشبكة)

رغم وصول عدد الضحايا الى اكثر من 12300 شهيد حتى لحظة كتابة هذا المقال اكثرهم من الاطفال الذين تجاوز عددهم 4 الاف طفل من مختلف الاعمار حتى من لم يطلق عليه اسم ومن مازال لم يصل الى سنة الولادة الطبيعية ووضع في حضانات خاصة ” الاطفال خدج ” لم يسلم من حقد ومجازر الصهيونية ليدفع الثمن ويتحول الى شهيد.. فيما اكثر من ربعهم من النساء الذين تجاوز عددهن 3 الاف شهيدة.. اضافة الى الاف المفقودين تحت الانقاض والمصابين والجرحى.. ام النازحين المهجرين فحدث ولا حرج فهم بمئات الالاف بل حتى هؤلاء وهم في طريقهم الى النزوح والتهجير من بيوتهم المدمرة وما قيل عنها اماكن وممرات امنة لم يسلموا من القصف والعدوان.. هذا كل الدمار الممنهج الذي يصل الى حد الابادة الجماعية والتي لم يسلم منها بشر ولا شجر ولا حجر فهدمت البيوت ودمرت على اهلها.. وجرفت الطرق وكل ما يحيط بها.. بل حتى المستشفيات المحرمة في كل الشرائع والقوانين لم تسلم من هذا العدو الذي فعل بها ما لم يحدث طيلة الحروب البشرية تقريبا.. فدمر منها ما دمر وحاصر منها الكثير واقتحم العديد من المستشفيات فارهب المرضى وطلب اخراجهم منها رغم حالاتهم الصحية الصعبة وهدد اطباءها والعاملين بها.. بل اعتقال الكثير منهم دون أي تردد.. دون ان ننسى ما فعله منذ بدء العدوان بل قبل ذلك بسنوات طويلة وان زاد حدة وشدة مع انطلاق المواجهات الاخيرة من حصار ومنع للغذاء والماء والكهرباء وكل ما يطلبه ويحتاجه الانسان للعيش حتى في ادنى حد عن اهالي غزة منذ اول يوم للمعركة وحتى المساعدات التي تدخل من معبر رفح فهي تدحل بالقطرة وبكميات تكاد لا تغنى ولا تسمن من جوع.. اضافة الى منع ادخال الوقود الذي تحتاجه المستشفيات وغيرها من اجل الحياة وضرورياتها تم منعه.

ان ما فعله ومازال يفعله العدو الصهيوني لا اعتقد ان احد من البشر فعله طيلة الحياة البشرية وليس في عصرها الحديث فقط ولا اظن ان التاريخ سجل او شاهد مثل هذه الهمجية والقوة التدميرية والحرب الابدية الغير مسبوقة تقريبا.. فحتى النازية التي يعتبرها البعض اكثر الجماعات وحشيا ورعبا وتم تجريمها ومحاسبة كل من ينتمى اليها لا اعتقد انها قامت بمثل هكذا فعل في كل حروبها العالمية.. ان ما يحدث اليوم في قطاع غزة ويشمل ولا يستثني الضفة الغربية منها ومناطقها ايضا التي وصل هي الاخرى عدد شهداءها الى العشرات اضافة الى الاف المعتقلين امر لا يمكن تصوره ولا يمكن ان يفعله بشر.. وكل ذلك ينقل مباشرة ويشاهده كل العالم بجل تفاصيله دون أي خفية او تستر.. ورغم كل ما يشاهد من صراخ الاطفال بكل اعمارهم وبكاء النساء وقهر الرجال تحت تهديد السلاح في جرائم غير مسبوقة وان كانت جرائم الصهاينة لم تتوقف طيلة 75 سنة تقريبا لكنها هذه المرة فاقت كل الحدود وتجاوزت كل المحرمات وتشاهد تنقل على الشاشات بأكثر مما حدث سابقا.

وغم كل ذلك وكل ما وصل اليه الحال في غزة خاصة وفلسطين المحتلة عامة لا وجود لأي ردة فعل حقيقي وعملي لدى كل الحكام عربا ومسلمين للفزعة من اجل ايقاف هذه الجرائم ومنع العدو من مواصلة افعاله ومجازره.. فلم يصدر عن مثل هؤلاء الحكام الخانعين والمتحكمين في مصير ملايين البشر من العرب والمسلمين الا البيانات الوهمية والجلسات الاستعراضية التي لا تقدم الا مزيد هوانهم وضعفهم وتعلن خنوعهم وعمالتهم لمن يقوم بكل هذا الاجرام ومن يدعمه ويقف خلفه.

فتصريحاتهم لا قيمة لها ولا تساوي قطرة دم واحدة من طفل فلسطيني دفع حياته.. وكل بياناتهم ارخص حتى من الورق الذي كتبت به ولا تتجاوز القاعة التي اعلنت فيها.. وما يثير الدهشة والغبن على مثل هؤلاء الحكام الذين فقدوا كل نخوة وشجاعة وحتى كلمة حق ان بيدهم الكثير من الاوراق للمساومة والتهديد لإيقاف مثل هذه المجازر والابادة الجماعية لمن يفترض انهم اخوانهم في الدين والعرق والتاريخ والجغرافيا.. ولا نقول الدخول في حرب اخر ما يمكن ان يفعله مثل هؤلاء الخانعين.. لكن هناك وسائل اخرى يمكن ان تحدث فرقا وتغير الاحداث على الارض من قطع العلاقات لدول التطبيع والاستسلام الى التهديد بالنفط وايقاف التعامل الاقتصادي وحتى العلاقات الدبلوماسية ليس مع العدو فقط بل مع كل من يدعمه ويقف خلفه في هذا الاعتداء الوحشي علنا وجهارا.. ان ردة فعل هؤلاء الحكام امام كل ما يحدث تسقط عنهم كل نخوة وعروبة ودين وانسانية.

ولا نجد من هؤلاء الحكام وفي مقدمتهم من يحكمون الدول العربية الا من يبحث عن السيطرة دون مواقف ولا كلمة حق.. فمنهم من كل همه ان لا يهجر الفلسطينيين الى ارضه وكأنهم واقفون على الحدود ينتظرون مغادرة وطنهم وهم اول من يرفض ذلك ويعلنون ان الموت افضل من هجرة ونزوح تفرض عليهم لترك ارضهم لكنه يرى ان قتلهم امرا عادي لا يعنيه في شيء.

 ومنهم من يريد ان تكون له الكلمة العليا عربيا واسلاميا من خلال قمم فاشلة لا تقدم الا البيانات الوهمية الساقطة بل وصل به الامر الى اقامة مهرجانات الفسق والرقص ورفع صوت الغناء وكأنه لا يسمع صوت البكاء الذي تجاوز كل اركان الارض والسماء دون خجل او استحياء.. ومنهم من هو مشغول بفتح الخزائن ودفع الاموال على الكرة والمباريات دون ان يرى ما يحدث في ملاعب غزة من موت ودمار والتي لو صرفت من اجل الارض والانسان لغيرت الكثير ولا منعت جل هذا العدوان.

دون ان ننسى من يرفض المقاومة بل ويتهمها بالإرهاب تماهيا مع الاعداء من اجل نيل الرضاء وضمن البقاء ويريد تصفية القضية الفلسطينية باي ثمن ولو على جثت ودماء الابرياء.

ام قرارتهم ومواقفهم فهي تكون شديدة وفاعل عندما تكون ضد عربا مثلهم يسمح عندها بدعم السلاح وفتح المخازن وقصف المدن وتقسيم الدول واليمن وليبيا وسوريا والعراق خير دليل على ذلك وشاهدا على افعالهم المخزية.

ام بقية دول العالم والتي نجد حكام وقادة الكثير منها وبعضا من شعوبها قد اعلنوا صراحة وبصوت مسموع دعمهم للعدو وعدوانه بكل قوة وبكل الطرق والوسائل تصريحا وتشجيعا وسلاحا ومباركة لهذا العدوان بحجة الدفاع عن النفس.. حتى وصل ببعضهم الى تجاوز حتى الموقف الصهيوني نفسه وقدم كل ما يستطيع لاستمرار العدوان ومواصلة القتل والدمار ومن لم يفعل ذلك وقف صمتا لا كلمة له ولا دور وكأن ما يجري لا يعني كل الانسانية في كل مكان.

ان ما يحدث في فلسطين وخاصة بقطاع غزة اليوم يسقط عن العالم كل الانسانية وكل ضمير وكل حقوق وقوانين بعض ان ضرب بها العدو وافعاله الاجرامية الغير مسلوقة عرض الحائط وحولها الى كلام وقوانين ومواد لا قيمة لها ولا معنى ولا دور في منع القتل وسفك الدماء ودمار البناء.

فمنعت العقوبات عن هذا العدو رغم كل ما يقوم به ويفعله امام اعين كل البشر والتي كانت اول ما تفرض على دولا اخرى عند القيام باي فعل حتى لو كان لا يتجاوز نسبة ضئيلة مما يحدث اليوم لتكون العقوبات وبكل انواعها ووسائلها السياسية والرياضية والتجارية وغيرها حتى الجنائية.. اننا اصبحنا نعيش في عالم لا ضمير له ولا انسانية خاصة لدى حكامه وقادته الذين تحولوا الى داعمين للموت والدمار دون تردد لتسقط كل حقوق البشر في الحياة.

لنجد امامنا حكام بلا نخوة وعالم بلا ضمير ولا انسانية..

مقالات ذات علاقة

هك ولا يناموا

عوض الشاعري

مدينة قابيل

نورالدين خليفة النمر

ما بعد صوت الربيع العربي: لا صوت يعلو على صوت الثقافة

أحمد الفيتوري

اترك تعليق