الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان
استضاف المعهد العالي لتقنيات الفنون بطرابلس ضمن برنامجه الثقافي لعام 2022م، محاضرة بعنوان (علاقة الفن التشكيلي بالمسرح) ألقاها الأديب والكاتب ” منصور أبو شناف“، وتولى تقديمها الشاعر “محمد الدنقلي“، وذلك مساء يوم السبت 3 من شهر ديسمبر الجاري بحضور نخبة من الكتاب والمثقفين، وتطرق أبوشناف في مستهل حديثه لتعريف مفهوم السينوغرافيا باعتباره فن تكوين المشهد المسرحي من رسم وإضاءة وموسيقى وملابس، وممثلين، مشيرا إلى مسألة ملحمة السينوغرافيا قائلا: لو نظرنا إلى الدنيا كمسرح كبير كما رآها شكسبير فإننا بالتأكيد سنجد عناصر الفرجة المسرحية مبثوثة منذ بدايات الحياة، وقبل وجود الإنسان، وتابع : لقد كان الديكور والموسيقى، والضوء والظل والظلام، وكل عناصر ما عرف فيما بعد بالفن المسرحي موجودا، موضحا بأن ملحمة (السينوغرافيا) وتشكلها تحدث وتتحول وتتطور استعدادا لما عرف فيما بعد عبر الفكر الديني (بالدراما الإلهية).
مراحل رسومات أكاكوس
من جهة أخرى أضاف أبوشناف بأن الرسومات القائمة على جدران كهوف أكاكوس مقسّمة إلى نحو أربعة مراحل، فالمرحلة الأولى تسمى بمرحلة الحيوانات المتوحشة والغابة الأولى حيث تأخذ شكل الرقش أو الحفر على الجدران، وتصوّر الفيل والزرافة وغيرها من الحيوانات الضخمة والضارية لكن دون رسم إنما حفر على الجدران فلا يحضر فيها أي شكل من أشكال البشرية والإنسان، وأوضح أن هذه الفترة أخذت حوالي من ثلاثة لأربعة آلاف سنة من الإستمرار، والملاحظ أن هذه اللوحات كانت ترسم خارج الكهف كالوديان والمراعي وأردف أبوشناف أن هنالك نقلة أخرى بعد ذلك في آخرها يظهر ويحضر ما يمكن تسميته بالحيوان المدجّن كالبقرة والماعز، ومن هنا نتتبع هذا المشهد السينوغرافي من الغابة التي تسودها الحيوانات الضارية إلى الغابة وحد فيها عنصرآخر متمثلا في الإنسان دون أن نراه في هذه اللوحات، وهو الإنسان الذي دجّن هذه الحيوانات لتظهر لنا صور الرعي والصيد وما نحوها، وهذه المرحلة تسمى بمرحلة الرعي أو التدجين وأضاف أبو شناف بأنه خلال هذه المرحلة تستمر ظهور عناصر الصيد فنرى مظاهر الصيد والرعي، وأكد أن من أفضل المشاهد المرسومة في الجنوب الليبي هو مشهد المرأة التي تحلب البقر إذ يعد من أفضل فنون الرقش إتقانا، لتجيء بعد ذلك مرحلة الرعي والإنسان الصياد ثم يدخل الفن داخل الكهف داخل بيت الإنسان الذي يسكنه دون ظهوره أيضا.
ظهور الإنسان على مسرح الأحداث
كما أشار أبو شناف أنه في داخل الكهف لا يصبح تسجيل هذه الأشياء بالحفر بل يتحول لظاهرة رسم الحياة اليومية بتفاصيلها ونجد أن غالبية هذه التفاصيل تأخذ الشكل الإنساني ويبدأ ظهورالإنسان في هذه المشاهد، وكأن هذا المشهد قد جُهّز للإنسان وانتقلت السينوغرافيا لتصوير حياة الإنسان اليومية من رقصة الكاسكا إلى صبغ الشعر، والكثير من هذه العناصر نجدها في هذه الفنون، وأردف أن هذه السينوغرافيا تتطور إلى مرحلة أخرى المسرح فيها لم يعد هو المسرح لتغيب العناصر الطبيعية بالكامل عن المسرح وبرز شيء واحد وهو الإنسان، فسميت المرحلة بالرؤوس المستديرة وهي مرحلة عبارة عن كائنات تشبه إلى حد كبير الكائن الفضائي.
فن الحدث
فيما عرّج أبوشناف على فن التنصيب كونه ينتمي لما بعد الحداثة، وقد ترسّخ كفن مستقبل عام 1970م يركز على تصوير الفضاء بشكل مختلف ثلاثي الأبعاد (دوشامب)،ويُعرف أحيانا بأنه فن تكوين البيئة، ويقال أيضا أنه فن يوحد المسار بين المسار الظهر في العمل الفني والقطعة الفنية وإزالة الفواصل بين المشاهد، والعمل الفني بادخال المشاهد داخل العمل الفني بشكل كامل، وفي سياق متصل أشار أبو شناف كذلك لفن (الهابيننغ) أو الحدث مُعرِّفا إياه بأنه الانفصال بين الفنون الجميلة والشعبي والانفصال بين الغر المصنوع يدويا، والطقس الجسدي، وأكد أبوشناف أن المستقبليون الإيطاليون بدأوا في أوائل القرن العشرين في إنتاج وتقديم أعمال تمزج بين الطقس والعمل الفني بنثر الألوان في فضاء التنصيبات باشعال الأضواء وترقصها ليلا مزجوا بين تنصيبات متحركة ورقصات فنتستيكية، موضحا بالقول أن الطليان وجدوا أنفسهم يجربون أعمالهم التشكيلية عبر مسرح تجريبي ويدشنون لفن (الهابيننغ) الفنان والمشاهد يعيشون حالة تشكل، وتكوين العمل الفني.