الذاكرة الليبية
طواه النسيان حتى أصبح المهتمون بالشأن الثقافي لا يعرفون اسمه أو نتاجه الروائي.. وربما يعود السبب في ذلك إلى طبعه الميال للعزلة ومحدودية علاقاته الاجتماعية..
ورغم ذلك لا يزال اسمه حاضرا في تاريخ الرواية الليبية كواحد من روادها الأوائل يتبوأ مرتبة متقدمة في مجال الريادة بعد محمد فريد سيالة وروايته (اعترافات انسان) الصادرة عام 1961 م. حيث أصدر محمد علي عمر أول عمل روائي له بعنوان (أقوى من الحرب) عام 1962 م عن مكتبة النسر الذهبي ــ بنغازي.. ليصدر بعده الكاتب سعد عمر غفير سالم عام 1968 م رواية (غروب بلا شروق) عن دار الكتاب الليبي.. بنغازي.
ولد محمد علي عمر الدرسي بمدينة المرج عام 1936 م. وعاش فيها حتى عام 1950 م. لينتقل إلى مدينة بنغازي ويقيم فيها باقي حياته..
وفي حوالي عام 1953 م. التحق للعمل (مبرقا) بمكتب بريد بنغازي..
عرف عن محمد عمر شغفه بالقراءة والاطلاع فكان يقرأ بنهم واستطاع أن يكون رصيدا ثقافيا من خلال اطلاعه على الكتب وخاصة ما يتعلق منها بالأدب العالمي والعربي من روايات ودراسات أدبية إضافة للكتب الأخرى التاريخية والسياسية..
ظهرت موهبته في الكتابة منذ أن كان عمره 17 عاما.. وكان يميل إلى العزلة وربما كان أقرب رفيق له الكتاب..
صدرت له أربعة أعمال روائية هي:
1. رواية (أقوى من الحرب).. عام 1962 م عن مكتبة النسر الذهبي.. بنغازي
2. رواية (حصار الكوف).. عام 1964 م عن مطابع دار الزمان.. بنغازي
2. رواية (جديد حتى الروح).. عام 1972 م عن مطابع دار الزمان بنغازي
3. رواية (أنا الوطن).. عام 1972 م عن دار الإتحاد للطباعة.. بنغازي
وللكاتب الروائي محمد علي عمر مخطوطان لنصين روائيين بعنوان:
ــ سلام الغازي
ــ أقوى من الرصاصة
انتقل الكاتب الروائي محمد علي عمر إلى جوار ربه بتاريخ 1. 10. 2021 م
رواية (أنا الوطن):
تعتبر أول رواية ليبية تحكي عن فترة الحرب العالمية الثانية التي قامت بين دول الحلفاء والمحور.. وتدور أحداثها بين شوارع مدينة بنغازي ومناطق الشرق الليبي حيث ساحة العمليات الحربية..
شخصية البطل في هذه الرواية (إسماعيل عمران) المولود عام 1915 م. الذي تفتحت مداركه في زمن الاحتلال الإيطالي لبلاده.. ودرس حتى الصف الثالث من المرحلة الابتدائية.. وعندما بلغ سن الرشد كرهت نفسه ممارسات المستعمر وظلمه ورفض الخدمة في الدولة.. واشتغل في بيع العطور وسمسرة الغلال.. وأخفق في تجارته ليعمل حوذيا لعربة (كارو) يجرها حصان فينقل الركاب عبر خط (دكاكين حميد ــ الصابري).. وعندما يعلم بأن السلطات الإيطالية تبحث عنه لتجنيده يترك العربة ويهرب عبر شارع (الحمام) ومنه إلى جبانة (سيدي الشريف).. ثم شارع (بن غشير) ويمضي سيرا على الأقدام حتى منطقة دريانة.. ويجد سيارة في طريقه تنقله إلى الباكور.. ومنها إلى درنة ويلتحق بمعسكر للجيش البريطاني ويشارك في العمليات الحربية..
مقتطف من الرواية التاريخية (أنا الوطن):
(عجز اسماعيل عن الجلوس فاحتضن بندقيته وتمدد وآلمه ارتجاج السيارة بالغ الإيلام.. فنهض على ركبتيه وضرب براحة يده على صفيحة الوقود المثبتة بموازاة الرفرف.. فتوقفت السيارة وأطل عليه رجل بريطاني سفعت الشمس وجهه.. فأبان له أنه يكابد من إصابة رأسه.. وجاء آخر وفحصه وأشار بجز شعره فوق الإصابة ثم عالجه بحك موجع وضمده.. وكان غسق المساء يكتنف دغلا عند صعدة رابتهم.. فأغلقت المصفحة الأمامية برجها وعرجت حول الكثيب..
ما إن توارت خلفه حتى توالت فرقعات مكتومة وأسرعت المصفحتان الأخريان فاستدارت إحداهما ووجهت مدفعها صوب الدغل وقذفته ونأت الأخرى تحمي السيارات.. فيما وثب الجنود شاهرين أسلحتهم وربضوا متحفزين.. ومرقت أخيلة دون الصعدة فألهبها الجنود بنيرانهم تساندهم المصفحة.. وإذا نحو عشرين من ألمانيين يظهرون رافعين أيديهم واندفع جنديان بريطانيان وراء الكثيب فألفيا المصفحة منكفئة وقد قتل سدنتها..)..
المصادر:
ـــ دراسات في الرواية الليبية.. سمر روحي الفيصل
ـــ رواية أنا الوطن.. محمد علي عمر
ـــ مقالة (الرواية الليبية من التأسيس إلى العالمية).. الباحثة التونسية د. زهرة كحولي
ـــ مقابلة شخصية مع أنور محمد علي نجل الروائي الراحل محمد علي عمر بتاريخ 24 يناير 2022 م.
3 تعليقات
ولدي رحمة الله عليه
والدي رحمة الله عليه
اللهم اغفر له وارحمه…