كانت ليلة قاسية البرودة، تلفع جرده1 جيد وخرج. أدار محرك السيارة نحو غابة النخيل، ليست بعيدة كثيرا عن العمران، يسمونها شقوة. وصل مع بزوغ الضوء، لم ينتبه! فك جرده وألقاه على الأرض واتجه الى شجيرات الاثل2، وأخد يكسر الاغصان الجافة، كون حزمة لفها جيدا واتجه إلى وشكة قريبة، جمع منها ما تيسر من كرناف3 وحطب جاف، وعاد أدراجه الى السيارة.
وضع الحزمة الأولى، تم عاد نحو النخلات وأحضر الحزمة الأخرى وضعها بالسيارة، واتجه نحو الجرد لفه ووضعه بجانبه بالسيارة، وقفل عائداً إلى المنزل، لم يدرك ماذا أحضر معه! أنزل الحطب ودخل المنزلL وجد زوجته تنتظر قرب التنور أعطاها الحطب. أخدت عيدان الأثل ووضعتها داخل التنور. أشعلت النار باستعمال ليفة من النخيل ووضعت بضع وحدات من الكرناف قربت العجين المغطى بالمنديل من الدفء لتسرع عملية التخمر.
دخل زوجها وهو يلف الجرد تحت إبطه، الى المربوعة واستلقى.
فرد الجرد، وفجأة صرخ!
شيء ما قرصه! قفز! وإذا بها أفعى من النوع السام جداً، هى أم جنيب4، لسعتها قاتلة، أسرعت زوجته، أحضرت الماء والملح وبعض الأشياء الشعبية. ربط مكان القرصة في محاولة لمنع تسرب السم، ولكن غامت الدنيا ودارت به! لم يعد يحس بشيء، بطُئ النبض، ولفظ أنفاسه الأخيرة.
وصل الجيران على صراخ العجوز! كل شيء قد انتهى، وظلت النار في التنور لوحدها مشتعلة. ذاك الذي أحضر الموت إلى داره.
_____________
1- الجرد: لباس تقليدي ليبي، وهو مصنوع من الوبر أو الصوف، ويلف حول الجسم.
2- الأثل: نباس صحراوي جاف.
3- كرناف: الكرناف قاعدة أو منبت السعفة، وعند جفافه يستخدم كحطب، كما يستخدم في صناعة بعض الأدوات.
4- أم جنيب: أحد أنواع الثعابين الصحراوية، وسميت بذلك كونها تتحرك جانبياً.