قصة

شواطئ (نبتون) الدامية

من أعمال الفنان التشكيلي "محمد بن لأمين"
من أعمال الفنان التشكيلي “محمد بن لأمين”

لعلى ما يواجه الأنسان من أقدار تواجهه لم يكن محضرا لها مسبقا فكل شيء خارج أرادة الأنسان تعد من الأعمال التي كتبت عليه من الغير. فالله كتب له الحياة ضمن المخلوقات الغير إنسانية. ولكن السيادة وضعها للإنسان فوق المخلوقات الأخرى. عزز الخالق الانسان بأن خلقه في أحسن تقويم. و(خلقناه في أحسن تقويم). فلا سيادة للإنسان الا ذاته.. ولا سلطان على الأنسان الا ذاته. في الواقع أن قدر أولئك الفتية الذين جاءوا الى تلك البلاد من اصقاع بعيدة ليس إرادة القدوم تلك الوجهة في أيديهم بل فرض عليهم مصير مشؤوم لم يكن ضمن حسابات الوجود بينهم. ولم يكن ما حدث لهم كان في حسبانهم أو أدنى تصور له. فهؤلاء قدموا الى موطن غريب عنهم دينيا. أنهم كانوا في غربة وطنية عن وطنهم فهم كانوا ذوي اعتقاد بالديانة المسيحية غير ذلك البلد القادمين الذي كان سكانها يعتقدون ديانة الإسلام غير تلك ديانتهم في بلدهم التي آلفوا على ممارستها في حرية تامة. كانوا عمال بسطاء رمى بهم القدر الى ذلك البلاد بحثا عن لقمة العيش التي كانت شحيحة في بلادهم. ليلاقوا ما خبأ لهم القدر الملعون فلم يكون من المصادفة لقاء ذلك من مذبحة تاريخية رهيبة ليواجه النحر العظيم في يوم مشؤوم كانت من أبشع الجرائم في التاريخ الإنساني. كانوا يحملون بين جنبات أنفسهم حلم العودة الى أوطانهم مما كانوا يحملون اليه من كسب العيش فلم يأتوا الى ذلك البلد غازين بل لالتقاط لقمة العيش في سلام. لقد جرهم الاغتراب الى مدينة تقع في جنوب البحر المتوسط كانت تذكر بمدينة (سرت) التي كانت تشتهر بمياهها اللازوردية وشواطئها البلورية. كانت المدينة تمسي وتصبح على الأحداث اليومية لم يكن في حسبانها سوف تدخل في تاريخ ذلك الحدث المشؤوم. بأن يجر هؤلاء الفتية من قبل أناس ما تورون دينيا بأن الله سوف يتقبل منهم أضحيتهم بالإنسان بدلا من الحيوان.. ولم يذكروا أطلاقا أن إله (إبراهيم) لم يقبل ضحية أبنه (إسماعيل) يوم الفداء.. ألم يذكروا كان يسيرون في طريق الوهم لديهم بأنهم قوم قد خرجوا عن الدين وأي دين الذي ذكرهم الله به في الكتاب؟  لم يستذكروا تاريخ الرب حيث ما جرى لقوم (الأخدود) الذين كانوا يسكنون أمارة (حضرموت) في الزمن القديم حيث أقبل سكانها الوثنيين على حرق جماعة من المسيحيين والقاء بأجسادهم في أتون النيران. وهؤلاء الماتورون لم يذكروا كيف الله أنتقم لهم وكان عقاب جماعي لم يستثنى أحدا فالعقاب مس كل أفراد القبيلة حين لم يمسهم العذاب الدنيوي. (قتل أصحاب الأخدود.. النار ذات الوقود). هؤلاء الموترون الذين خرجوا بعمل أجرامي لم تستبيحوه الألوهة ولا الأنسان. كانوا يرون حرية الاعتقاد جريمة كبرى ولم يستذكروا بما نزل القران التي كانت شريعتهم بأن الله شرع حرية الدين فلم يكن لديهم بأن القرآن شرع عليهم اعتقاد الحرية الدينية وأن لا حرية على قيد الأنسان لديهم فلم يستذكروا ذكر الله لنبيهم من آيات قرانيه في كتابهم المقدسة حول حرية الاعتقاد وكان من بينها سورة فاتحة القران حيث يقول تعالى: (قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون). (لكم دينكم ولي ديني) و أيضا قد وبخ الله رسوله حينما أصر على دفع الناس الى أيمان  دون استجابة منهم بقوله (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدى من يشاء) و(لست عليهم بمسيطر) فالله في الدين الإسلامي لم ينشر أي صنف من السلوك  السيئ  الا الرحمة (الرحمن الرحيم)  و كانت فاتحة الكتاب .و يذكر اله المسيح (بأن الله محبة) فالله لم يخلق أحدا وصيا على الأنسان غير ذاته .هؤلاء المتشددون يرتكبون جريمة (الوصية) الكاذبة على الخلق .حتى الرهبانية رفع الله على نفسه (فلا رهبانية في الإسلام) فلم يذكروا هؤلاء العقاب الذى أنزل على أهل (الأحقاف) لعله تذكار لقوم يؤمنون. ولكن هؤلاء المتشددين خرجوا عن طوع الله واستباحوا دم الأنسان في غفلة منهم.

مقالات ذات علاقة

المقبـــــــرة

أحمد العنيزي

السيدة الأُولى

عزة رجب

أحاديث ليلة صيفية

خديجة زعبية

اترك تعليق