دراسات

مفردات سريانية في العاميّة الليبية (3/ 8)

ع. المحجوب

مفردات سريانية في العاميّة الليبية (الصورة: عن الشبكة)

﴿خيش

خيش: نسيج غليظ الألياف، المفرد خيشة. عرف العرب الخيش بأنه أردأ أنواع الكتّان، وعرّفها اللسان بأنها «ثياب رِقاق النسج غِلاظ الخيوط تُتّخذ من مُشاقة الكتّان ومن أردئه، وربما اتخذت من العَصْب، والجمع أخياش»؛ والخيش في التاج: «ثياب في نسجها رقّة، وخيوطها غلاظ»، ومن الجائز أن نشتقّ منها خيَّشَ يُخيِّش أي غلّف بالخيش. وفي التكملة: «خَيَّش (بالتشديد)، أدخلَ الخيط في جهة وأخرجه من الأخرى»، وجعل الخيش أيضاً : «نوع من نسيج الحرير يصنع في دمياط وتتخذ منه البراقع السود التي تستعملها النساء»، و«نسيج كتان خفيف… ونسيج غليظ تتخذ منه الخيم ويستعمل لعمل الجوالق أيضاً، وكان الأعراب يسمون عرب الخيش أو عرب الخيام ومعنى الخيش الجنفاص والخنيف. ونسيج القنب لرزم البضائع». أما في البقايا الآرامية فالخيشا: «الكيس الكبير الذي يستعمل غالباً لتعبئة التبن والقصرين والعور التبان، فهي أصلاً كيشا، والخاء هي بالذات حرف الكاف المركّخة، فإذا قلنا خيشا بمفردها… فيجب أن تُلفظ كِيشا، ولكن لدخول أحد أحرف العلة تركّخها وتلفظها فتلفظ مركّخة ملطّفة، والكاف الملطّفة هي الخاء بحد ذاتها»، و«ما يقابلها في العربية هو كيسا أو الكيس، ولدى دخول حرف الباء نقول بخيسا أو بخيشا: الكيس الكبير، والكيس والخيش كلمة واحدة».

﴿دربك﴾

دربك: إذا قرع الطبل عامةً، وإذا دَرْبَكَ أي قرع الدّربوكة وهي طبل تقليدي، ج. درابيك. التاج: «الدَّرابُكَّةُ، بالفتح وضم الموحّدة وتشديد الكاف المفتوحة: آلَة يُضرب بها، معرّبة مولّدة». التكملة: «دَرَبكَّة أو دربوكة، وهي في السريانية دربكا، وتُجمع على دَرَابِك: طبلة، نقارة (طبل طويل يضرب عليه بعصا واحدة)، وأفضل أنواعه يصنع من الخشب، والعادي يصنع من الخزف، والقسم العريض منه مسدود بجلد رنان والقسم الآخر منه مفتوح ». أصلها آرامي «اَرْدُبَكَّا » أي دفّ كبير، كما في الآثار، ثم تركية «دَرَبُكا »، وعن الأتراك أخذها الليبيون.

﴿دردش﴾

دَرْدِشْ: حَادَثَ غيره وكالَمَه، بمعنى العاميَّة هَدْرزْ، وهي حديثة في العاميّة. من الدَّرْدَشَة، مولد مفصَّح، لا تعرفه اللغة العالية. التاج: «الدَّرْدَشَةُ: اختلاط الكلام وكثرته، أهمله الجماعةُ، وهو مستعمل في كلامهم كثيراً»، وتبدو لي مبدلةً من دردجَ، ففي الدردجة حديث ليّن متّصل، يشترط الترافق والتوافق، وهي سمة الدردشة التي نعرفها. اللسان: «الدَّرْدَجَةُ: ترافُق الرجلين بالمودّة. الليث: الدَّرْدَجَةُ إذا توافقَ اثنان بمودتهما، قيل: قد دَرْدَجا». وفي البقايا الآرامية: «الدردشة من كلام العامّة وأصله ܕܪܫ [درش]: تجاذب أطراف الحديث، وصيغته رباعية ܕܪܕܫ [دردش]، وقد مالت الدردشة إلى كلمة ܕܘܪܕܫܐ [دوردشا] وܘܕܪܫܐ [درشا] والدراشة. الأخذ والردّ في الحديث والجدل الخفيف». وتعود بنا السريانية إلى أصل درش، ومنه في تعرف التاج: الدُّرْشَةُ: بالضم: اللّجاجة»، و«منه اشتقاق الدّرويش».

﴿دقر﴾

دَاقْرَة: وعاء من الفخار، قِدرٌ، أو وصفٌ لها بالامتلاء. يقولون: داقْرَة ولقِتْ غْطاها للأمر يُقضى، أو يوافق ما يُستعدُّ له به، أو ما يُراد منه.تعود الكلمة إلى الآرامية دقر: وعاء، وتدلّ في الفصحى على الامتلاء. اللسان: «دَقِرَ الرجل دَقَراً إذا امتلأ من الطعام، ودَقِرَ أيضاً: قاءَ من الملء»، ومنه: «أرض دَقْرَاءُ: خضراء كثيرة الماء والنّدى مملوءةٌ». .  

﴿دور﴾

دُورَة: دائرة، تصغيرها: دْويرة، ويتفق اللفظُ والمعنى مع الآراميّة «دورا » تماماً.

﴿ربع﴾

تْرَبَّعْ: جلس مُتربّعاً، واسم الجلسة تِرْبيعَة، أي جلس الأُرْبُعاءُ والأرْبُعاوَى،  وهو الوهوأي  التربُّع، أو هي الرَّوْبَعة أي قِعدة المتربّع، وَتَرَبَّعَ في جلوسه: خلاف جَثا وأَقْعَى. وهو من قولهم: رَبَعَ بالمكان أي اطمأنَّ وأقام. والرَّبْعُ: الموضع يرتبعون فيهأ أي يخرجون إليه في الربيع. وتْرَبَّعْ ينطقها الليبيون كما في السريانية ܐܬܪܰܒܰܥ اتربع.

﴿زبل﴾

زَبِّلْ: وسَّخَ؛ وهذا المعنى نادرٌ، والأكثر: اعترض عملاً لغيره أو تعمّد عدم إنجازه، وتقال الكلمة في لعب الصبية؛ يا نَلْعِبْ يا نْزَبِّلْ، أي إما أن أشارككم اللعب أو أمنعكم منه، اشتقاق من الزّبل، والأصل في الفعل تسميد الأرض بالزّبل، ولكن اشتقاق الفعل في العامية الليبية لا يتصل بالسّماد أو السرقين، وكذلك هو في العامية اللبنانية. في قاموس الألفاظ السريانية: «ܙܰܒܠ (زبّل): وسَّخَ؛ زَبَّل – حاج تزبّل بقا».

﴿زبن

زْبُونْ: مشترٍ، حريف، كلّ من يرتاد محلّاً ويبتاع منه، ج. زْبايِنْ. لا يرد المعنى صريحاً في العربية الفصحى، ربما باستثناء المصباح؛ معجم الصواب (أحمد مختار؛ معجم الصواب اللغوي، عالم الكتب، القاهرة، 2008. ويشار له بعد ذلك بمعجم الصواب): «وردت الكلمة في المعاجم القديمة، ففي المصباح: قيل للمشتري زَبُون… وهي كلمة مولدة ليست من كلام أهل البادية». ومن معاني البيع الزّبن والمزابنة. اللسان: «المُزابنة: بيع الرّطب على رؤوس النّخل بالتمر كَيْلاً». التاج: «الزَّبْنُ: بيع كل ثَمَر على شجره بتمرٍ كيلاً». ويرى صاحب الآثار في كلمة «زاون» الآرامية: مشترٍ، مبتاعٌ، من الفعل «زْبَن»: اشترى ابتاع، أصلاً لمعنى زبون العربية، ويضيف: «أن وجود كلمة الزبن والمزابنة بهذا المعنى يدل على أن من معاني الزبن في أصل اللغة العربية البيع والشراء كأختها الآرامية، لكن اللغويين لم يذكروا هذا المعنى وأرادوا تأويل معنى الزبن والمزابنة بالدَّفع والمدافعة تعسّفاً». قاموس اللفاظ السريانية: « ܙܒܘܢܐ [زبونُ، زبونَ]: الشاري؛ زُبون – زبون المحل».

﴿زرب﴾

زَرَبْ (بزاي مفخمة): وقاء، سياج، من الأمثال: كلام لوْلِين زَرَبْ أي كلامُ الأوّلين وقاءٌ. ولا نجد هذا المعنى صريحاً في المعاجم العربية القديمة، بل في السريانيّة. قاموس الألفاظ السريانية: « ܙܪܰܒ̥ [زْرَبْ] حصرَ، ضغطَ»، والمكان المحصور هو ܙܳܪܺܘܒ̥ܳܐ [زُروبَ]. التكملة: «زَرَّب (بالتشديد): سيّج، أحاطه بسياج»، و«مُزَرَّب: مسيّج».

﴿زفت

زِفْتْ: قارٌ، قطرانٌ يبلَّط به الشوارع. اللسان: «الزِّفْتُ: كالقير، وقيل: الزِّفْتُ القارُ. وعاءٌ مُزَفَّتٌ، وجرّةٌ مزَفَّتَة، مطليّة بالزِّفْتِ». التاج: «شيءٌ أسود يُمتّنُ به الزّقاقُ». الآثار: «هو من [الآرامية] زفتا: زفتٌ، قيرٌ». ܙܶܦ̥ܬܐ [زَفْتَ].

﴿زفر﴾

زفْرَة: نتانة، رائحة كرية، تصحيف ذفر. وهي في السريانية باللفظ نفسه، قاموس الألفاظ السريانية: «ܙܰܦ̥ܪܳܐ [زَفْرَا]: نتنٌ رائحة كريهة». وفي  التكملة: «زَفْرَة [بفتح الزاي]: زَفَر، وسخ، درن»، «زفر: سهك، عفن، نتانة، رائحة كريهة».

﴿زقي﴾

زَقْيَة: عصا، في بعض المناطق، ج. زقيات. التكملة: «زقية وزقاية (سريانية): عصا، وتجمع على زقيات وزقايات».

يتبع…

مقالات ذات علاقة

التداخل الانواعي والإجناسي أداة لتحليل الرواية.. رواية رسالة من الرجل الميت لإبراهيم الإمام نموذجا

عبدالحكيم المالكي

قراءة في الرواية الليبية.. من كتاب أكسفورد «تقاليد الرواية العربية» (1/7)

المشرف العام

القصة الليبية القصيرة أنواعها وخطاباتها النوعية

عبدالحكيم المالكي

اترك تعليق