طوال حياتي أسمع وأقرأ عن أخلاق الغابة حتى ارتبتها… إلى أن سكنتها، فلم أجد فيما قرأت وسمعت شيئا.
أشجار تحتضن بعضها، وورود تتجاور في رفقة ملونة، ونباتات تتماوج و تزحف معاً، وصخور تستلقي بينها جميعا وتترك متنفسا للنمو والزهو.
هدوء تام… وشجر يصلي، وأغصان تتراقص، وأوراق ترتعش، وأزهار تتمايل، وعصافير تشدو، وفراشات تحوم، وضفادع تتناثر، وأرانب تقفز، وسناجب تتسلق، وغزلان تنظر ثم تدبر، وحيوانات أخرى ترقب، وحشرات تدب.. وكلها تتركك تشق أرضها ولا تزعجك.
أخلاق الغابة.. أن تسبّح في قلبها، أن تتدبر الكون وخالقه، وتترك الطريق لحشرة تسعى، أن لا تخشى قاطنيها ومعمريها، وإن تطلق التحية أو تردها على العابرين مثلك.
الغابة أن تتأمل وتشحذ حواسك.. أن تشاهد في صمت، وإن تكلمت فبصوت خفيض، أن تترك الحرية لساقيك، والعنان لأفكارك، والجموح لخيالك. أن تشعر أنك مجرد عابر كملايين العابرين ولن تكون الأخير فهي الباقية وأنت الراحل، لذا أياك أن تتجرأ على آهليها، أن تكون قانعا بأنك ضيف يشارك الكثيرين فيها، ويحترم نواميسها.
أقتنعت أن المقصود هو أخلاق البشر وليس أخلاق الغابة.
__________________________
- 10. 2018