قصة

خَـلـفـيّـات

1

… تقف مبروكة أمام موظف بعثة الحجيج.. تتأمله وهو يدبّس بعض الأوراق: أنف أفريقي أفطس.. جبين عربي.. بشرة أمازيغية.. عينان إغريقيتان.. سحنة عابسة.. تقطيبة.. تكشيرة.. شفتان معوجتان.. عين نصف مغمضة بسبب دخان السجائر.. خلفيّته سجّادة فاخرة تحمل صورة الزعيم.. ينتبه إلى الشبح المائل أمامه:

ـ يا حاجمبروخلفيصورتصفرا.

ـ … …؟!

يزيل السجائر من زاوية فمه.. يُعيد الجملة:

ـ يا حاجّة مبروكة خلفية صورتك صفراء.

تنبت علامة استفهام تحت الشال الأسود.. تحرّك يديها بارتباك.. تخشخش الغوايش.. لكنها ترد:

ـ الحمد لله!

ـ أي الحمد لله؟ خلفيّة صفراء يعني ما فيش حج.. لازم تكون الخلفية خضراء!

ـ كيف؟ دفعت محّة كبدي.. حوّشت معاشي الضماني.. وبعت حتى بقرتي.. وتقول لي صفرا وخضرا!

هز سبّابته في وجهها:

ـ الخلفيّة يا حاجة.. الخلفيّة!

ـ أي خلفيّة؟ الله لا يخْلِف عليكم.

تستدير مبروكة إلى الطابور الواقف خلفها.. تفتح ذراعيها متسائلة عن هذه المفردة الغريبة؟!

3

… مبروكة تتوكأ على عُكازها.. لا تكاد ترى الدرج من خلال دموعها.. ثلاث عجائز يجلسن على البلاط.. يتأملن بزهو صورهن بخلفيتها الخضراء.. ينظرن إلى مبروكة بشفقة:

ـ مسكينة.. خلفيتها صفراء!

***

2010

مقالات ذات علاقة

قطار منتصف الليل

عزة المقهور

الشاهد وصاحب الورقة مع الخيمة

البانوسي بن عثمان

عبسي البرويطَة

محمد النعاس

اترك تعليق