
إلى حضرة سيد عفاريت الجن المبجل
تحية طيبة وبعد
مقدمه إليكم المواطن كاتب هذه السطور، واعذرني لو أزعجت راحة بالكم سيدي.
في الواقع أنا ألتمس الآن عذراً..
لي، ولك، ولكل خبرٍ تبثه نشرات الأخبار المريبة.
فلا تلمني أيها العفريت الذي أزعجتُ منامه ليلة البارحة، وأيقظته من سباتٍ دام لألف سنةٍ مما يعدون.
أعذرني يا شيخ العفاريت، فأنا أحسدك على نعمة النوم، ولا أعرف كيف يمكنكم معشر العفاريت أن تنعموا بالنوم طيلة هذه السنوات بدون أن تزعجكم زوجاتكم بالمطالب المنزلية، أو يجبركم ضجيج الشوارع على النهوض، أو تقطع الهموم درب نعاسكم اللذيذ.
والحق أقول لك أيضاً أني ركضت في هذه الدنيا منذ ولادتي كعداء مسافات طويلة مثابر، وظللتُ ألهث ككلاب الأسكيمو وهي تجر أحمالها الثقيلة، وكنت منذ نعومة أظفاري أذرع شوارع التراب هذه من طلوع الشمس وحتى مغيبها دون أن التقي بحظي، ودون حتى أن أسمع عنها خبراً تقر به عيني على الأقل.
لقد فاتني القطار يا سيدي العفريت، وأعلنت هذه الدنيا في أحدث نشراتها الإخبارية أنها فاتنة لا تغرم إلا بالسفيه..
وأنها حسناء لا يتعلق قلبها إلا بالنذل..
وأنها مغارة من ذهبٍ مكدس لا تفتح بابها إلا لعلي بابا ولصوصه الأربعين.
لقد فاتني القطار يا سيدي، وأنفقت طيلة سنوات عمري التي مضت أبتسم للريح، واتمنى الخير حتى للشر نفسه، وظللت أمسح التعب عن عيون اليتامى والغبار عن وجوه الطاولات، وأخدم سادتي في العمل وسادتي في البيت وسادتي في الشوارع وسادتي في المصالح الحكومية وسادتي حتى في منامي القليل.
أعذرني يا بن ملك الجن..
فأنا مجرد بشري بائس يتمنى أن يتحول إلى عفريت، لا لشيء يا سيدي، فقط، ليحظى بمتعة النوم لألف سنةٍ مما يعدون، فهل أطمع الآن في الموافقة على طلبي يا سيد العفاريت ؟