الذكرى الـ63 لرحيل شاعر الوطن، الشاعر الليبي أحمد رفيق المهدوي
أحمد رفيق المهدوي
نبئت أنك تشكو وطأة الالم
عافاك مولاك في الدنيا من السقم
لا يسلم المرء من داء ينغصه
وإن نجا منه لم يسلم من الهرم
أجرا تنال ويمحو بعض ما اكتسبت
يداك فالله ذو لطف على الأمم
لا يبتلى مؤمنا الا وعوضه
أجرا بأضعاف ما قاسى من الألم
إما ثوابًا وإما حسن تربية
تأتى بلطف وقد كانت من النقم
فالحمد لله في الحالين منتقما
باللطف أم غافرا شيئا من اللمم
لكننا تتمنى أن تدوم لنا
في صحة وافر النعماء والنعم
سلامة الجسم في حال مقترة
خير من الداء في عفو وفى نعم
فإن سلمت ونلت العيش في دعة
فالشكر له هذا آخر القسم
وما سوى ذاك من خير فإن له
يوم الحساب إلها واسع الكرم
لكن أظنك، يا موسى، قد اجتمعت
ثلاثة لك في حال فلا تلم
سقم بجسم، وإفلاس بذات يد
وقدرة ويد تعدو على الحرم
وما أبرئ نفسى في محرمة
فالنفس أمارة بالسوء والتهم
أنا نشابهكم ، لكن صحتنا
خير ولكنها الموجود كالعدم
وما وجودك شيئا طوله قصر
ما أقرب البون بين القبر والرحم
إنى ليمنعني من أن أزوركم
على اشتیاقي هموم داهمت هممي
وقد أحاطت باكنافي ممانعة
إحاطة الصور بالحراس والخدم
صور على كل باب، مالك، وله
فيه زبانية التعذيب بالقدم 1
لا تسلك الريح إلا وهى واجفة
مما نرى من عذاب غير منفصم
لو استطاعوا لسدوا عن مداخله
إذا أتت في حماهم هبة النسم
صور كظاهره ويلات باطنه
ما فيه مرحمة حتى لذى رحم
ما في المرور على حد الصراط كما
في باب ذا الصور في هول لمقتحم
كأنه سد يأجوج ونحن به
نموج في الهم موجا غير منتظم
كيف السبيل إليكم إن ربعكم
بخاف طيف السكرى مرآة في الظلم
إنى ليمنعنى من أن أعودكم
على اشتياق حياء يستفز دمي
فراغ كف وعجز عن معاونة
لا خير في الود لم يشمر ولم يدم
إن الصديق بلا جدوى ومنفعة
لا خير فيه كما لا خير في الصنم
لكنني موقن أنى سيشفع لي
لديك علم بحالي غير مكتتم
لما رأيت قصوري في مودتكم
وبان عدمي لكم أهديتكم كلمي
شعرا وان كان لا يرضى الغبي به
فالشعر أحسن ما يهدى لذى فهم
فاقبله من صاحب ما زال في خجل
مما جنته عليه حرفة القلم
ديوان شاعر الوطن الكبير، أحمد رفيق المهدوي، الفترتان الأولى والثانية (من 19 – 1925م).
في عام 1924م كان المجاهدون يغرون على أطراف مدينة بنغازي، وقد وصل الأمر بالإيطاليين في ذلك الوقت إلى أن يقسموا المدينة إلى قسمين، بحيث لا يمكن الانتقال من شمال المدينة إلى جنوبها، إلا بعد الحصول على جواز مرور، وكان المرحوم الحاج موسى البرعصي يسكن في المنطقة الجنوبية من المدينة، وتعرف (بسيدي حسين)، وقد مرض ولم يستطع أصدقاؤه عيادته، ومن بينهم الشاعر فأرسل إليه هذه القصيدة يشرح فيها الحال ويتعنى له الشفاء.
1- مالك: خازن النار شبه به المسئول على كل باب من الصور. بالقدم: الركل بالأرجل لكل من يجتاز الأبواب بدون إذن. صور: يقصد الحاجر بين شمال وجنوب المدينة مثلما أسلفنا وكان امتداد الصور من الشرق الى الغرب حيث الشارع الذى يفصل موضع سكة الحديد سابقا ومدرسة البنين بشارع فيومى.