صفاء يونس
كانت حلما وأصبحت حقيقة، طاب اللقاء وقرت العيون وارتوى القلب.
يبحث عنها الإنسان حينما يكون يحتاجها لكنها ليست خيارا بل هذه الأرض مباركة لا يطأها إلا من دعاه الرحمن لجواره.
كنت أسمع عن هذه القصص كثيراً ولم أصدق إلا حين دُعيت، رحلة روحانية تبدأ بمشاعر مختلطة. لا تنام في ليلتك الأولى لأنك تستعد للذهاب، بل تعود وكأنك طفل صغير ينتظر رحلته الاولى شعوراً وصفته بأقرب الأوصاف سعادة لقلب طفل لا يعرف سوى النقاء.
خلال الرحلة الجميلة والشعور الذي لا يوصف لا تريد سوى أن تتسهل أمامك كل الأمور وهذا ما حدث فقد يزرقك الله بمن يقف معك حتى خطاك الاخيرة للمغادرة.
رغم وعورة الطريق إلا أن نسائم الوصول إلى المدينة المنورة تنسيك كل ما تركت كل بقعة في تلك الأرض هي شعوراً روحانيا آخر لا أصفها إلا بالمؤنسة، نقية الهواء، رطيبة الأهل، بهية المدن.
عندما تزورها ستعرف أنك لم تشعر بشعور الراحة في أي مكان سواها.. على أرصفتها بين شوارعها في طعم طعامها بين ثنايا الحرم النبوي.
ستستمع لضحكات الأطفال بين براحها وكأنها مكان خلق للسعادة لا غير، سترى كل الأجناس والبلدان داخل تلك المدينة فاللهم أعز الاسلام والمسلمين، أنارت الطريق لنبينا الكريم واستقبلته في رحابها كرمها الله وأهلها بكرمه فسبحان العظيم.
تلك المنورة أنارت قلبي وفاض الشوق اليها منذ أول ليلة غادرتها فيها.. تكون متجها بإحرامك إلى البيت الحرام وهائما في أن تطوف سبعاً وتسعى سبعاً.
رهبة المؤمن، وفرحة المشتاق خليطا من المشاعر.. لكنك تفيض شوقا لجوار النبي عليه أفضل الصلاة والسلام.. شعورا من السعادة يفيض عندما ترى كلمة من هنا حدود الحرم – مكة المكرمة ترحب بضيوف الرحمن.
استقبلنا بحفاوة من أشخاص رزقنا الله بهم مهدو لنا الطريق فأسال الله مهاد طريقهم دائمًا.. رهبة عظيمة حين تدخل من ساحات الحرم إلى باب الملك فهد ثم خطوة خطوة وتقرأ إلى صحن المطاف.
تراها واقعاً، ها هي أمامك بنفحات الايمان وببركة المكان وأنت في بيت الله وهذا مقام سيدنا ابراهيم يكاد يضيئ من شدة لمعانه لحظات بهيجة وروحانية لن تشعر بها من قبل أن تطوف ببيته وأنت بكامل صحتك فهذه نعمة كبيرة أن تسعى بين الصفا والمروة بكامل قوتك فهذه هبة من الله.
كنت أتمنى سكينة مكة وهواء مكة.. ما جابرني جابر مثل الله أكرمني سبحانه بزيارة بيته.
الحمد لله والشكر لله على نعمه وفضله وكرمه عليّ.
تعود إلى وطنك ويبقى القلب معلق بالمدينة وتبقى الروح تشتاق إلى مكة.. ملجأ تأتيه متعباً وتغادر معافى.