الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان
نظم المركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية بطرابلس في إطار نشاطه الثقافي الأسبوعي جلسة حوارية قدمها وأدارها الدكتور “علي الهازل” حول الكتاب المعنون (مجلة ليبيا المصورة) الصادر عن منشورات المركز عام 2022م للدكتور الباحث “المختار الطاهر كرفاع”، وذلك مساء يوم الأربعاء 9 من الشهر الجاري بقاعة المجاهد، وقد شارك في محاورة مؤلف الكتاب كل من الدكتور “الرويعي محمد قناو”، والدكتور “أحمد إمراجع نجم”، والدكتور “فاتح رجب قدارة”، بالإضافة لمشاركة الدكتور “محمد الطاهر الجراري”، وخلال توطئته الاستهلالية أشار الدكتور كرفاع إلى علاقته وتعرفه بمجلة ليبيا المصورة قائلا : إن علاقتي بليبيا المصورة تعود لسنوات طويلة خلت أثناء سنوات من الدراسة في تاريخنا المعاصر، حيث وجدت الكثير من الأساتذة الأفاضل استعانوا بهذه المطبوعة كل حسب ما يكتب فمن كتب عن التأثيرات الثقافية كان لابد له من العودة إلى هذه المجلة، علاوة على من تناول التحولات الاقتصادية، وخاصة في مجال الزراعة وغيرهم كثر، وأوضح الدكتور كرفاع بأنه لم يلقى أحدا كتب عن هذه المجلة وعوامل ظهورها، والرسالة التي وجدت من أجلها.
أهداف إصدار المجلة
وتطرّق الدكتور كرفاع لعوامل ظهور المجلة تاريخيا بدءا من تبوأ المارشال “إيتالو بالبو” منصب حاكم ليبيا العام في يناير عام 1934م فهو قاد سياسة اختلفت عمن سبقوه تمحورت حول احتواء ودمج الليبيين ضمن بوتقة المجتمع الإيطالي، وتفسيخ الهوية الليبية وإنهائها القائمة على العروبة والإسلام، واتبع بالبو في سبيل تحقيق ذلك الهدف كل الطرائق والأساليب الممكنة والمتاحة له مثل مصادرة الأراضي وتوزيعها على المستوطنين الإيطاليين، واحتواء وتحجيم المؤسسة الدينية الإسلامية بتعيين معلميعا وتحويلهم إلى أداة ووسيلة لتحسين صورة إيطاليا لدى عموم الليبيين، وكذا نشر الثقافة الإيطالية بما فيها من عادات وتقاليد تخالف ما تعارف عليه الليبيون في حيواتهم بفرض نظام تعليمي ممنهج أصحبت فيه اللغة الإيطالية هي اللغة الرسمية للبلاد أوان ذاك الزمن، كما بين من جهة أخرى بأن هذه الدراسة المفصلة لمجلة لييبا المصورة تعد الأولى حتى الآن، فهي محاولة لإبراز الكيفية التي عالجت بها المجلة وكتابها ما عاشه الليبيون تحت الحكم الفاشستي، وكيف كتبت عن أوضاع الليبيين، وعن السلطة الإيطالية وموزها ومشاريعها الاستيطانية والتنموية في ليبيا، وأضاف الدكتور كرفاع أن ليبيا المصورة سلطت الضوء على علاقة إيطاليا بالليبيين لاسيما بمورز المجتمع اللذين تم احتواؤهم قسرا أو طوعا وتحويلهم بالتالي إلى أداة لتمجيد النظام الفاشي وتقديس رموزه.
الثغرات التاريخية
فيما أكد الدكتور كرفاع أن هذه الدراسة بما تحتويه إنما تجيء في إطار اهتمام الباحث بمرحلة مهمة من التاريخ الوطني الحديث والمعاصر ظل مسكوتا عنه داخل مؤسسات البحث العلمي في الجامعات والمراكز البحثية الليبية، وهي تتمثل في الفترة التي أعقبت نهاية المقاومة المسلحة ضد الإيطاليين في ديسمبر 1931م وتنتهي بإعلان الاستقلال في ديسمبر 1951م، بينما أضاف الدكتور “الرويعي مختار قناو” بأن مجلة ليبيا المصورة تعتبر أول صحيفة عربية غير وطنية أسسها الصحفي “عمر فخري المحيشي” صدر العدد الأول منها في أكتوبر عام 1935م، وحين ولدت هذه الصحيفة إلى حيز الوجود أقرضها الشاعر “أحمد رفيق المهدوي” بقوله: طلعتِ على الصحافة كالهلال فسيري للكمال بلا زوالِ، وكوني في تقدمنا منارا يضيء لنا الطريق إلى المعالي، وأردف الدكتور الرويعي قائلا : إنه من المعلوم أن الصحيفة كانت لسان حال المستعمر الإيطالي إذ جاءت بعدما قُمعت المقاومة وهُجِّر وسُجن وأعدم الكثير من المجاهدين، مؤكدا بأنها أي الصحيفة ظهرت لطمس ومحو معالم الهوية الوطنية الليبية، وبعدما استتب الحال للإيطاليين انطلقت الصحيفة في بث الدعاية المبهرجة والدعوة للرضوخ للأم الواقع والاستسلام للعدو والتعايش مع الغزاة، بدوره أشاد الدكتور “أحمد إمراجع نجم” بشجاعة الدكتور كرفاع لكتابته حول هذا الموضوع الحساس، وهو من الموضوعات التي ظلت حتى فترة قريبة من التابوهات المحظور الحديث عنها أو تناولها من الناحية الاجتماعية ما يجعل الكثير من المؤرخين يُحجمون عن الخوض فيها من جانبه أشار الدكتور “فاتح رجب قدارة ” إلى أن هنالك إشكالية هامة وهي وجود الثغرات في التاريخ الليبي ستظهر تباعا ومن شأنها أن تحدث عدة أزمات نفسية فالأمس القريب سُربّت لقطات لمحاكمة “عمر المختار” ليتضح أن من بالقاعة ليس إيطاليين بل كانوا مشائخ وأعيان ليبيين وخرجوا فرحين، وأكد الدكتور قدارة عن ضرورة جدوى دراسة هذه الأفكار الموجودة فإذا طرحنا الفكرة خارج المؤسسات الأكاديمية والعلمية سنلاحظ بأن القبائل كانت تبحث عن بقية أفرادها والتبرأ من بعضهم.
