الخميس, 24 أبريل 2025
تشكيل

تأملات في سُفرة الإفطار

قراءة في لوحة تشكيلية للفنان / علي العباني

من أعمال التشكيلي الليبي علي العباني
من أعمال التشكيلي الليبي علي العباني

عندما تستدير سُفرة الإفطار، تصبح عالماً جديداً طازجاً يباغتك (بلون التراب) في كناية سخية عن امتلاك كل روح لأرض تكاثفية (الزمن)، تبذر فيها ما تشاء في صباح يبدو وكأنه يوم الخلق الأول.

فأنت أيها الناظر المسؤول عن بذر كينونتك (الإنسانية) في طين الوجود مع كل نهار!

وأنت المتلقي المنعكس في سفرة الإفطار.

يرويك بياض الحليب – وحمرة الإبريق بمزاج تناغمي يعكس رؤاك الوجودية في (التماع البياض العدمي / وتدرجات الحمرة المُحلِلة، الدامجة للعناصر).

يغري العين هذا الانفصال الظاهري للإبريق الأحمر الذي يمثل جوهر النار الخلاقة التي تستخلص الشاي وتنضج الخبز لتمدنا ب (طاقة الحياة) وتدفعنا للإيغال في الغد، بينما تحن علبة الحليب بانعكاساتها المزرقة لماء الأصل.

إن استقلال كائنات سفرة الإفطار المجتمعة لا يعدو يوتوبيا الحالم.. فسرعان ما ستمزج اليقظة بياضنا بحمرتنا و (حليبنا بشايينا).. في دلالة حكيمة على أن جوهر الحياة ليس السكون النقي بل (ما يشوبنا) في هذه الرحلة!

تستدير السفرة بما حملت على بساط الزرقة الأم، وفي هذه النوستالجيا الساكنة ينتظر الكأس والفنجان الزجاجيان الفارغان الامتلاء برفقة أليفة في ظل الانسكاب الدافئ..

ينتظر الكأس والفنجان الشفافان أن يجهرا بما انسكب في جوفهما دون مواربة، إنه أمان الانكشاف للآخر في سلام اللحظة رغم اختلاف المحتوى!

… تطل باتجاه القلب الملعقة الفضية الصغيرة؛ أداة المزج التي تغّير وتدمج كائنات سفرة الإفطار المعتادة، إن حركة الملعقة (الدوران، والتمسح) هي (قوة الفعل) الذي يصبح محركا” للوجود بشكل ما، وهي صانعة المتعة في سطوة العمى اليومي، الذي يصيب الروح، فنعجز عن إبصار التفاصيل الصغيرة المدهشة التي تعني الحياة بدءا” من استدارة سُفرة الإفطار!

مقالات ذات علاقة

معرض أحجار ناطقة

المشرف العام

الفنان بشير حمودة وبدع اللون القرمزي

محمد عقيلة العمامي

الفنان المبدع والناقد الفيلسوف على الزويك

محمد عقيلة العمامي

اترك تعليق