التفويض الشعبي الأول
تفشل الثورة حين يثور الجلاد مع الضحية!
الراوي2014
…في أحد أيام عام 2014 ،بدأت الجموع تتزاحم ،فتصاعدت الهتافات لتعم أرجاء مدينة بنغازي، وتسربت الحشود من حي الصابري لتتزامن مع بدء الهجوم علي المدافعين عن ما تبقي من الفندق الجديد والمباني المجاورة، وتعززت المساندة من شباب وسكان وسط البلاد، كـ شارع (مصراتة والعقيب وسيدي اخريبيش والسكابلي وشارع جمال عبد الناصر ) الذي عاد اسمه إلي ( شارع الاستقلال )، كان ذلك بعد هدم النصب التذكاري للرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر رمز التوجه القومي في المنطقة العربية كافة وليبيا خاصة، كان ذلك قبل ثلاثة سنوات تقريبا من هذه اللحظات.
…الجماهير تبحث عن حلولا جذرية لأزمة انعدام الأمن والأمان أولاً، وترغب في عودة الوطن إلى استقراره من جديد! ثانياً.
…. بدأ شعور الندم يتنامى في أغلب نفوس المواطنين، جراء قيامهم بثورة ضد (العقيد معمر القذافي)، والتي وصفت بالثورة المجيدة! عند بدء اندلاعها، ثم ها هي تسمي بالثورة المنكوبة في أغلب مدن ليبيا!!، فيما عدا مدن مصراتة والزاوية ودرنة.!. معاقل الثوار الجدد.
…هؤلاء المواطنون الذين بحثوا جاهدا ردحا من الزمن ، وطيلة اربعة من العقود عن الحرية دون جدوي ،فكانت الحاجة والاحتياج للحرية تتعاظم ، وكأن القذافي حين رفع شعاراته القيمية بفصول كتابه الأخضر بأن ” في الحاجة تكمن الحرية ” في عام 1977، كان يقوم بتطبيق هذا الشعار مع افراد شعبه بطريقة مخالفة أو طريقة معاكسة ومغايرة …أي بطريقة مقلوبة !، وبالتالي تعطش شعبه لتلك الحرية المنشودة ، فانقلبوا عليه، بدون اتزان ، بدون سقف!!، و ها هم لم يكبحوا جماح حريتهم، ولم يضعوا لها حدا ،فبعض من الثوار الذين علو بسقف حرياتهم الي سقوف غير معقولة ،بل غير منطقية !!،فتقاطعوا بها مع خطوط التماس، لتتعدي علي حريات أخرين، كانوا كذلك ينشدون نفس هذه الحرية.. سقف حرياتهم تخطي حدود المعقول، فانعكست الامور سلبا، وكانت وبالا عليهم وعلى سكان ليبيا برمتها.
حقا أن ….” الحرية تبدأ عندما تنتهي الحرية، كون الحرية تنتهي حينما تبدأ الحرية “
الرواج 1996
…هؤلاء المواطنون والذين كانوا يصفون (معمر القذافي) بالصقر الوحيد، وملك ملوك افريقيا وكادوا يسمونه بأسماء الله الحسني بل بصاحب الجلالة حتى! لم يتعلموا أن للحرية ميزان وأن هناك توازن للحرية، نتيجة تقولبهم مجبرين وغير مختارين في بوتقة الفكر الواحد !،فكر معمر القذافي، الفكر الجماهيري الأخضر! كما يتباهى بتسميته هكذا أنصاره الخضر حينها.
…. حدث ذلك طيلة أربعة عقود ونيف، ثم انقلبوا عليه مع الانقلابيين، وصاروا ينعتوه بالطاغوت والدكتاتور وتغن وعليه بـ:
يا قذافي صبرك صبرك //
في بنغازي تحفر قبرك
و…
ابوشفشوفة بوشفشوفة //
شهر تسعة ما عاد اتشوفه.
.. الشهر التاسع والذي يتشفون بالقذافي من خلاله هو شهر سبتمبر، والذي ينتظره السبتمبريون، ليجددوا له الولاء والطاعة، وليستحوذوا على ميزانيات الاحتفال السنوي بثورة الأول من سبتمبر المجيدة دون سواهم، أو كما يحلو لهم تسميته بـ(بعيد الفاتح) والذي كان يغدق على نصاره وحواريوه كلما اقتربت أيام هذا العيد.
.. حقيقة ” قد يخذلك رفيقك عند النصر الحاسم حسدا، أو يخذلك نفس الرفيق عند الهزيمة الكبري “
الراوي 2020
او كما ورد في الأمثال الشعبية الليبية: –
” بعد ايطيح الثور يكثرن سكاكينه.”
أي بما معناه:
… (الكل يخشى الاقتراب من الثور الهائج، لكنه وبمجرد سقوط ذاك الثور، يتجاسر هؤلاء الكل بسكاكينهم لذبحه.!).
…وهذا ما حدث مع (القذافي) يوم مقتله، فقد تنصلوا له وتركوه وحيدا يقاوم حلف الناتو.
… ظل يقاوم طيلة الثمانية أشهر الأولي من عام 2011 مع أحد ابنائه (المعتصم بالله)، ذاك الأبن الذي فاجأ الجميع بشراسته في الرمق الأخير من عمر نظام حكم والده العقيد (معمر ابومنيار القذافي)!
حقيقة قد تبقي فقط بعض من الرجال حول القذافي في مقاومته الأخيرة، ابنه الشرس المعتصم بالله، وقائد قوات جيوشه النظامية (أبوبكر يونس جابر) فخر قبيلة المجابرة، كان معهم ايضا سائقه الخاص، وحفنة من الجنود الليبيين البواسل، هم من قاوموا حتى قضوا نحبهم بأحراش مدينة سرت، ولا أحد يعلم حقيقة حتى الآن، هل (أبوبكر يونس جابر) كان مخيرا أو مسيرا في بقائه مع القذافي ليقاوم الاثنان معا لأخر رمق؟
.. فقد يكون القائد العام للقوات المسلحة (أبوبكر يونس جابر) مجبرا، فلم يختار نهايته، كنتيجة لحسداً من العقيد (القذافي) نفسه !!، فأراد توريطه، بجعل مصيره الي الزوال، ليعيشوا مع بعض، أو يزول معه، حتى لا يبقي حيا من بعده، مُتنعماً وغير مطلوباً من طرف العدالة الثورية المفترضة.. عدالة ثوار المجلس الانتقالي الجديدة.
…لقد قاوموا في ساحة المعركة الأخير مدينة سرت التاريخية، والتي شهدت أكبر مشهد للتحدي واكبه المواطنين، حيث رسم (القذافي) خطا للموت، ذودا عن خليجه (خليج سرت)، كان ذلك قبل سنوات من اندلاع هذه الثورات العربية والتي سميت بثورات الربيع العربي!
.. لقد قاوموا حتى قضوا، لينهوا عصرا، وصف حينها من طرف ثوار السابع عشر من فبراير بعصر الظلم والجبروت والتخلف!
…. نحن الآن في نهاية عام 2014، وها هي نفس العقلية من جموع البسطاء والمغبونين، وقد خرجوا يهتفون بحناجر ملؤها الندم، مطالبين بالأمن والأمان، فهم يجسدون حالة من الاحتجاج ضد سيطرة مجموعات مسلحة، تنامت فتغولت، ووصفت بالثوار، حينا وبالمتطرفين حينا اخر،
وبدأت تستهدف شخصيات محددة بالاغتيالات.
…وها هي بعض القنوات المؤدلجة بالوطنية، بدأت تنعتهم بالعصابات المتطرفة، وأدوات الأخوان، كردا على قنوات أخري مضادة ومؤد لجة كذلك، والتي أضحت تنعت الوطنيين بأزلام النظام السابق والانقلابيين الجدد ونظام العسكر!
…. حقيقة لقد اختلطت الأمور وتبعثرت أوراق البلاد من جديد! وأصبح حوارا الفتنة والتخوين هما السائدان في كل اجزاء البلاد، هذا الخطاب الإعلامي والذي تبنته اغلب المنابر الاعلامية المأجورة جراء غسيل المال الفاسد، وكذلك المال العالق في حسابات سرية زمن القذافي، والذي تحايل في انفاقها بعض من القيادات الثورية القديمة الجديدة!
…اشتعلت الحرب في عام2013 في مناطق شرق بنغازي، وضواحيها، حيث بدأ المشهد البنغازي أكثر تخبطا، وكأنه صراعا، قد نشب بين شباب البدو وشباب الحضر، والذي بدأ يلتهب، فأبناء البادية نزلوا من المناطق الجبلية كــ (بنينة والمرج والابيار والرجمة) وانضمت إليهم مجموعات شبابية من المناطق الواقعة في خط التماس مابين سكان المدينة الحضريين،
وسكان الأرياف البادية، أولاد النجوع انها مناطق (ابوعطني والمساكن والكويفية وسيدي خليفة ودريانة وتوكرا) وتغذيهم مدينة المرج العريقة.
…هذا الانقسام تغذي ببروز الاتجاه القبلي، ثم الجهوي، وتعزز بداعي الدفاع عن مستوي المعيشة والبقاء، كون اغلب شباب الأرياف كانوا منخرطين في أجهزة أمنية شرطية وعسكرية أبان حكم (القذافي)، وهم من أكثر المستهدفين بموجة من الاغتيالات الممنهجة، فانتفضوا، وحين نزلوا من قمقم التهميش، ليشاركوا أهل المدينة في حصاد التتويج، وجدوا أن بعض من الثوار تحديدا الثوار الحضريين، قفزوا الي طموحات أكبر، والذين تشابكت مصالحهم مع
مصالح شخصيات عربية ورجالات أعمال من دول الخليج العربي كالإمارات وقطر وكذلك تركيا.
…. لم يحقق أبناء البادية المشبعين بثقافة القبيلة والعرف والخيمة والرعي والكشك، شيئا يذكر بعد سقوط نظام العقيد، فنشب صراعا مسلحا في منطقة (بودزيرة)، عند مصنع الصابون تحديدا وهو المقر الذي اتخذه أحد الزعامات الثورية الشبابية الجديدة، مقرا لكتيبته، والتي وصفت بعد سقوطها بالعصابة والزنادقة.
-ليؤكدوا حقيقة العبارة الفلسفية التي تقول:
” قد يكون الزنادقة هم الثوار، الذين فشلت ثوراتهم “
الراوي 1998
–وليتدارك العبارة الفلسفية الأخرى:
ف “التاريخ قد يكتبه المندسون “
الراوي 2014.
معركة قادها شباب من مناطق عديدة أبرزها (الكويفية وسيدي خليفة ودريانة وتوكرا وبنينا والرجمة والأبيار والمرج) ضد كتيبة من كتائب ثوار السابع عشر من فبراير يقودها الشيخ (وسام بن حميد)، كما يحلو لأنصاره من ثوار بنغازي ومصراتة ودرنة وزاوية وصبراتة تسميته اعجابا به حينها!
.. نشب الخلاف على خلفية اختفاء بعض من شباب بنغازي في سجون سرية، تمثلت فيما يعرف بحاويات (تريلات) في مصنع الصابون سابقا، والذي أمسي مقراً لإحدى كتائب السابع عشر من فبراير.. معركة انتهت بطرد (وسام بن حميد) من مقره في يوم أسماه البنغازيون بـ (السبت الاسود).
…(وسام بن حميد) والذي أصبح زنديقا في عقلية المنتصرين،هو ومن تبقي معه،وبعد تجرعه لهزيمة ساحقة ماحقة تسلل من مقره ، عبر طريقا ساحليا بحريا لم يكن مألوف لأغلبية سكان بنغازي، أنه طريق محطة التحلية لمعالجة المياه ، ثم ومن خلال طريق مشروع رقم واحد بضاحية ( سيدي خليفة ) وعبر طريق ترابي أخر، تسرب ببقية من رتله الي سهول وجبال قرية (المقزحة) ،ثم الي قرية (جردينة)، ثم عاد برتله ،ليتموقع من جديد في منطقة ( قنفودة) ليشكل مثلثا رهيبا مع معسكرات أخري، كان يقبع احداها بل أهمها في منطقة (قاريونس) والذي يسمي بمعسكر السابع عشر من فبراير، ويقوده الشقيق الأصغر للداعية الإسلامية ( علي الصلابي ) كان أسمه (إسماعيل الصلابي ) والذي كان يطبق أجندة أخوه السالف الذكر(الدكتور علي الصلابي …عراب ثورة السابع عشر من فبراير، ومهندسها، وصاحب فكرة أو خدعة المراجعات الجهادية الاسلامية مع (سيف الاسلام القذافي قبل أحداث السابع عشر من فبراير).
… (علي الصلابي )،والذي سيصبح متصدراً للمشهد في محاولة لتطبيق نظرية الاسلام السياسي، فهو يريده العقيدة الجديدة، والايدولوجية الفاعلة والتي توحد فكر الليبيين ،والحل البديل للنظرية العالمية الثالثة لرأس النظام السابق (معمر ابومنيار القذافي ) ينجح بدهائه من بعيد ، ومن خارج حدود الوطن في زعزعة استقرار الدولة الليبية المنشودة رغم رفعه الدائم لشعارات السلام والمصالحة الوطنية، بطريقة الية التمكين الوظيفي التي ينتهجها ونال عليها شهادة علمية كبيرة بالبحث في سيرة القائد الاسلامي التاريخي (محمد الفاتح ) وفتح القسطنطينية.
… لقد شكل معسكر قاريونس وتمركزات كلً من (وسام بن حميد وبوكا العريبي والزهاوي وزياد بلعم وأحمد المجبري) في منطقة بوعطني والصابري والليثي وقنفودة ومعسكرا آخر في منطقة (سيدي فرج) سمي بمعسكر (رافع السحاتي).
…شكل هذا الثالوث بؤرا لتغذية الصراع، الذي بدأ يشتعل بين اروقة مدينة بنغازي المتعبة والمثقلة بالأزمات والمثخنة بالجراح.
…معركة مصنع الصابون، وأسبابها ومسبباتها وثارات قديمة إنتقامية، بين أولياء دم سالت، أو تم تغطيتها بأسباب أخري! وثارات تاريخية بين سكان ما يسمي ببرقة الحمراء وبرقة البيضاء، والعائدون والعقيب!! والعقيب ((هم من تبقي من قبيلة الجوازي وهي إحدى القبائل الليبية العريقة وهاجر منهم البعض، جراء مجزرة حدثت لهم من طرف الجيش العصملي، و(تجريده حبيب) وسموا بالعقيب، كونهم تعقبوا لان لهم صلة رحم مع عرب (مصراتة) ابان الحكم العثماني في ليبيا))، كذلك، حدثت معركة مصنع الصابون من جراء ردات فعل من طرف المجموعات المسلحة، فتمخضت عنها هذه الاحتجاجات والمظاهرات هنا في ساحة حديقة 23 يوليو، أمام فندق تيبستي تحديدا، وتوحدت الإرادة حول البحث عن رجل يلملم شتات الوطن ويعيد النظام من جديد إلى البلاد.
…تضخمت المسيرة تدريجياً، فيبدو أنه خيارا واختيارا عجيبا، توحدت النفوس بإرادة سكان الأحياء الأخرى المجاورة (دريانة وسيدي خليفة والكويفية والمساكن وبوعطني وبنينة والابيار
والرجمة وبودزيرة وحي السلام والوحيشي وسيدي يونس واللثامة وأرض زواوة والسلماني
وارض قريش وارض الشريف وبن يونس وراس عبيدة والبركة وسيدي حسين والسكابلي والكيش والبركة والقوارشة وقنفودة والحليس وبوصنيب وقاريونس).
… حقيقة بنغازي خرجت عن بكرة ابيها ذاك المساء الحافل، فكانت تصدح بحناجر مكلومة لتعيد مشهديه ما حدث في السابع عشر من فبراير عام 2011، لكنها كانت تبحث عن كرامتها هذه المرة!، كما اعلنت الوسائل الإعلامية الموالية هذه الجموع.
فهل هي حقاً حركة ثورية تصحيحية؟
…يقال إنها حركة تصحيحية تحمل اسم (عملية الكرامة).
….. أنتبه أنتبه انتبه…. فقد تكون رياح أخري تلوح وبوادر للتغيير تصل نسائمها أو يصل غبارها، لتنبي بقرب حدوث حركة وطنية أو محاولة لحركة وطنية عربية ثورية مسلحة تريدها هذه الجموع أن تكون ثورة تصحيحية لتعيد الكرامة للوطن.
أما الجانب الآخر فسيعتبرها حركة انقلابية، ووبالا عليهم وعلى ما حققوه من انتصارات.
الهتافات تعلو بقوة وتتضخم: –
نبو دولة نبو دولة //
العيشة صارت موش معقولة.
——
نبو جيش ونبو شرطة //
بنغازي صارت في ورطة.
…” لابد من ليبيا وإن طال النضال ”
كانت عبارة ثورية جديدة حينها، حيث لم تقال من غيره داخل ليبيا، وستخلد في تاريخ بنغازي
النضالي والثوري، بل تاريخ ليبيا النضالي برمته، هذه العبارة انهي بها المحامي المناضل
(عبد السلام المسماري) كلمته الثورية في حديثه امام بعض القنوات التلفزية، بعد أن انتقد تدخلات، وصفها بتدخلات الحركة الأخوانية المتنامية داخل مفاصل الحكومة المتمثلة في المؤتمر الوطني في حكومة السيد (عبد الرحيم الكيب)، ووصفها ضمنيا بالأداء التنفيذية لنظرية الاسلام السياسي المستغلة للفراغ السياسي والذي تولد عن انهيار المنظومة الفكرية العقائدية القذافية الخضراء!
.. وبهذه الكلمات انتهت مسيرة نضال المحامي، فقد اغتيل هو الأخر بعد فترة قصيرة جدا.
…كان ك عراب وطني، أجمع الكثيرون بأنه عرابا حقيقيا لثورة السابع عشر من فبراير.
وهتفت الجماهير في ساحة الحديقة، بملء الحناجر، واشتد هتافها.. تحمس الجميع … فعزموا أمرا!
…وهاهم يقررون أسناد امر محاربة الخارجين عن النظام والقانون، والذين تسببوا في اغتيال العديد من الشخصيات العسكرية والقانونية والإعلامية، ونشروا الذعر والخوف بين
الأطفال والعجائز، وأفقروا الشعب والتهموا الأخضر واليابس، وعاثوا في الوطن فسادا، الي أحد الشخصيات العسكرية التاريخية.
…في هذه اللحظات توجهت بعض من الحشود والتي اكملت مسيرتها الي منطقة الحميضة،
ليفوضوا شؤون إدارة الحرب إلى أحد المحاربين الليبيين القدامى، فهو أحد الصقور الوطنية
الأفذاذ، وقد أشار له التاريخ وأشاد بالكفاءة، فهو أحد من شارك في حرب عبور سيناء عام 1973، وتقلد نجمة العبور، كتكريمات لشجاعته وبسالته، فهو من أصغر الجنود العرب الذين شاركوا في حرب تحرير شبه جزيرة سيناء المصرية، وتمكنوا من افتكاكها من الجيش الصهيوني فكاً حينها.
… كان يدعي خليفة أبي القاسم حفتر وكانت رتبته لواء في هذه اللحظات، وقد تمرس في حروب سابقة أخري، وأبلي البلاء الحسن في ساحات الوغى، فنال احترام العدو
قبل الصديق، فاتجهت الجموع إلى بيته الواقع في منطقة الحميضة، إحدى المناطق الراقية والهادئة بمدينة بنغازي.
… بنغازي التي سميت ذاك العام بالمدينة المنكوبة، نتيجة ظهور أزمات عديدة عقدت أمور المعيشة، كـ ازمة انقطاع الكهرباء المتكرر واضمحلال توفر العملة المحلية في البنوك ما سمي فيما بعد بأزمة السيولة وكذلك جرائم الاغتيالات الأبرز، فقرر المتجمهرون الهاتفون، تفويضه، ليتولي الزمام، فهي المهمة الجسيمة التي لا يقبلها إلا من تجرع كأس العزة والكرامة وسمو الوطنية.
…حقيقة قد تم وضع المواطن صاحب التاريخ العسكري (خليفة ابو القاسم حفتر) في موقف خطير، لكنه أنبري اليه في موقف تاريخي أخر، سيحسب له كونه قد قبل المهمة.. دون أدني إمكانيات عسكرية!
فهل سيستطيع أن يكون المنقذ للشعب الليبي وللدولة الليبية، جراء ما يحاك ضدها في الخفاء من طرف عتاولة ودهاة السياسة في العالم بعد مقتل زعيمها (معمر أبي منيار القذافي)؟
وهل سيكون قادرا على تحقيق مطالب أغلبية الشعب؟
وهل سيربح الرهان؟
هذا الرهان الذي ينازعه فيه المعسكر المعادي بصقور من نوع اخر، ورجالا تمرسوا الدهاء
والقتال في جبال (تورا بورا) ابان حرب (افغانستان) وأن هؤلاء المناهضين لاستقرار ليبيا تدعمهم تحالفات دولية شرسة، تبدأ من الخليج وتمتد لتصل الي تركيا ومن بعدها روسيا بادوار
ورهانات غامضة ومتداخلة!
…كانت القنوات المرئية والمسموعة، تتناقل الأخبار عبر شبكة من المخبرين والمترصدين اغلبهم عمل تحت صفة الإعلاميين، وكانوا ألبية من العملاء المأجورين والجواسيس، ادوا ادوارهم الاستخباراتية باقتدار، لكن القنوات الوطنية، تدخلت فنقلت الواقع، وبدأت جماهير المدن المجاورة تبث رسائل داعمة وبرقيات عهد ومبايعة تترجم مطالب الشعب، عن طريقها.
كانت الهتافات بملء الحناجر:
يا لواء.. يا لواء //
حطم قبضة الأعداء
———–
يا لواء… يا لواء //
باشر فورا التجنيد //
باشر فورا في البناء
———–
يا لواء سير.. سير //
يا قائد جيش التحرير.
…ومع تداخل أصوات الأقدام مع أصوات الحناجر مع أبواق السيارات تضخم الصخب واهتز وجدان الأرض بالوطنيين.
…. وبينما (الحاج أنور) و(مصباح) يهتفون في مقدمة الركب، تسلل (مرعي) وتابعه (جمال)
أحد عمال كافتيريا الفندق الجديد إلي حيث تقف سيارة (مصباح) ومن حسن حظ (مرعي)
و(جمال)، أنهم وجدوا مفاتيح السيارة عالقة في عجلة القيادة، فقادوا السيارة بمن فيها بسرعة جنونية وتهور، في اتجاه منطقة الصابري.
.. كان لا يسمع شيئا سوي دواليب السيارة وهي تشق عنان الطرقات وتلاوة (المسكين علي) لسورة (النجم)، كان صوته جميلا يشبه صوت المقري الشيخ (عبد الباسط عبد الصمد) وكانت الآيات تنساب من حنجرته انسيابا جاذباً، وكأنها البرهان والدليل على عظمة الخالق الله سبحانه وتعالي في ملكوته، فالآيات التي نزل بها سيدنا (جبريل) على سيدنا (محمد) بداية الرسالة السماوية والوحي، هاهي تتحقق بحذافيرها.
حقا ما أعظمك يا الله فقرانك صالحا لكل زمان ومكان.
.. (المسكين علي) والذي بدأت الحقائق تتكشف حول اسباب تعرضه للسجن في مستشفي الأمراض النفسية قسم (أ) حيث وجدت صورته مقيدة بالسلاسل والاقفال مدفونة تحت صخرة
في منطقة البحيرات بجوار الجدار الخلفي لمقبرة سيدي اعبيد الواقعة في حدود منطقة الصابري إحدى المقابر العتيقة في مدينة فوضي الاغتيالات بنغازي.
وكانت الآيات هي من أعطت شعورا بالطمأنينة (للشاب المثقف بشير) والذي تعرض هو الأخر لمقلب شيطاني قام به المتسكع (جمال) عن عمد وسبق إصرار وترصد وتوصية من منافسين للشاب (بشير) حول نية وزير الثقافة تكليفه بأحد المناصب الثقافية في المدينة، (جمال) والذي يقود المركبة المسروقة برعونة في هذه اللحظات !!، هو من وضع الحبوب المهلوسة بإيعاز، بمشروب قدم لهذا للشاب (بشير) في حفل افتتاح الفندق الجديد.
…كانت الآيات معبرة عن واقع الحال، فالقرآن صالحا لكل زمان ومكان ومن شأن كل من يستمع اليه أن يؤمن بأن الله أحد الله الصمد الله الحق والذي يمهل وليهمل.
سورة النجم
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (1) مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى (2) وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى (6) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى (7) ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (8)
فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى (9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (12) وَلَقَدْ رَآَهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى (15) إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى (16) مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ
رَبِّهِ الْكُبْرَى (18) أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى (20) أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22) إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ
بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى (23) أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى (24) فَلِلَّهِ الْآَخِرَةُ وَالْأُولَى (25) وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى (26) إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (27) وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ
شَيْئًا (28) فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى (30) وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي
الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31) الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32) أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33) وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (34) أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى (35) أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى (36) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى (37) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41) وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (43) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (45) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (46) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى (47) وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى (48) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى (49) وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى (50) وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى (51) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى (52) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى (53) فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (54) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى (55) هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى (56) أَزِفَتِ الْآَزِفَةُ (57) لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ (58) أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (59) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (60) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (61) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (62).
صدق الله العظيم
وعند وصولهم الي مستشفى الجمهورية ببداية الصابري، أشار (مرعي وجمال) لبعض المتسكعين من أصحاب السوابق، والذين تطور إجرامهم في غياب وأهما الأجهزة الأمنية
والقضائية جراء انهيارها مع أحداث فبراير 2011 وفي غياب المسؤولية الأمنية في فترة حكم
القذافي، أشاروا إليهم بأن يجمعوا إطارات السيارات التي تتراكم في الشوارع الخلفية، والحجارة الكبيرة، لسد الطريق أمام الداخلين من غير الموثوق بهم، فقط عليهم السماح للعائلات بالمغادرة.
جمال بصوت خشن وبلهجته الدارجة قال: –
يا جماعة يا جماعة خلو سكان الصابري يطلعوا
لقد قال بما معناه: –
اسمحوا لسكان الصابري بالخروج
أحد أفراد الاستيقاف يرد: –
تبينا أطلعوهم من غير تفتيش؟
حيث قال بما معناه: –
وهل تريدنا أن نتركهم يخرجون دون التدقيق في انتمائهم ودون فرزهم، لنعرف هل هم معنا أم هم ضدنا!؟
مرعي يتدخل صائحا باللهجة الليبية الدارجة: –
أيوه أيوه خليهم يطلعوا لا تفتيش لا هايك، يبوا ينزحوا لمصراتة أو للمرج خليهم.
وأضاف: –
توا جنتي مكالمة من مصراتة انبهوا فينا ويحذروا من المدعو حفتر، وراهم جايين ومعاهم الصحوات (1) …باش ايصكروا مناطق الصابري والليثي.
ولقد قال بما معناه: –
نعم نعم اترك الجميع يخرج الي مدينة مصراتة أو إلي مدينة المرج حتى، فالتفتيش حيعطلنا.
وأضاف: –
لقد وصلتني للتو مكالمة من مدينة مصراته، تحذرنا وكافة الشباب المسلح من المدعو حفتر.
فقد قبل التفويض الشعبي المطالب بشن حرب علينا وهاهم رجاله وقد قدموا الينا لامحالة يريدون مُحاصرتنا في منطقة الصابري، واعتقد أن منطقة الليثي كذلك يحدث بها مثلما يحدث معنا هنا في الصابري.
واخبركم بأن منطقة الليثي قد اغلقت تماما من طرف الصحوات شباب منطقة بوهديمة فهم ضدنا وقرروا مساندة الجيش.
يرد أحد أفراد الاستيقاف مرة اخري باللهجة الدارجة الليبية: –
صح صح فيه حتى عيلة شيخ مشهور تمركزت، قتل وتهجير!!، والبلاد راكبها عفريت والامور موش تمام ووجيج ساير في منطقة الليثي.
حيث قال وبما معناه: –
صحيح بالفعل وهناك عائلة عميدها شيخا وخطيبا قديما تعرضت للعنف والتقتيل !!، وبنغازي الان علي كف عفريت، والامور مختلطة ومعقدة في منطقة الليثي.
جمال محذرا رفاقه باللهجة العامية الليبية: –
تسمعوا اهو بدأ الهاوزر ايسخن.
لقد قال بما معناه: –
اسمعوا اسمعوا، يبدو أنها أصوات لمدافع الهاوزر بدأت تصدح!
…. وبينما هم منشغلون بإعطاء التعليمات والأوامر لبعضهم البعض، إذ بسيارة نوع كيا فرسان نصف نقل تخرج من منطقة الصابري وهي محملة بالأثاث كغيرها من السيارات المغادرة، تفقد توازنها وتنحرف عن مسارها وتتجه لترتطم بسيارة (مصباح)المسروقة والواقفة تنتظر
(جمال) و (مرعي) ليكملوا تعليماتهم، وتتسبب في إصابة من يجلس بها حينها!!
…أصيب (المسكين علي ) بإصابات شديدة إثر ارتطام جمجمته، بأحد أجزاء السيارة ،ويالا حظه العاثر ، فلم تكتفي الأقدار اللعينة، أن تفسد حياة هذا الانسان المسكين (علي)، ولم تنصفه روح الانسانية ، ولم يفلت من خبث الحاسدين ،ولم يُكتفي برميه بطلاسم السحر لاسود جراء كيد النساء ،أو وضعه في غياهب السجون، جراء انعدام العدل ، ثم بمستشفي للأمراض العقلية بطرق كيدية، كونه كان شاهدا بطريقة تناقل المعلومات حينها من اعمامه ، وشاهدا رئيسا في قضايا زنا وفواحش وجد نفسه مصادفة أمامها في احيان أخري ،ولأنه كان قاب قوسين أو أدني من التخرج من كلية القانون جامعة بنغازي ونيل هادتها العلمية ،فلقد كان ينوي تطبيق نزاهة القانون، ضد مرتكبي الجرائم من طرف النافذين في الدولة ،واقاربهم من المجرمين والبلطجيين ، فتم إقحامه في عديد المكائد والدسائس وحصل وما سوف يحصل !!.
أما (الشاب المثقف بشير)، فقد تم استهدافه هو الأخر كذلك من جراء تكرار نمطية النهج الإقصائي والذي تمارسه الزمر الفاسدة ضد أصحاب الفكر التربوي والتوعوي المستنير، هذه الزمر والتي تتحرك وفق ما ترسخ في عقلياتهم من فكر اجرامي نابع من عقدة نقص جراء عدم القدرة على التعلم، فطال جسمه الأذى من جراء حادث اصطدام هذه المرة، وظهرت عليه جراحات عديدة، وتسرب الدم من كامل أعضائه وأطرافه.
…كان من حسن حظ المصابين أنهم وقعوا عند مدخل منطقة الصابري الغربي، فتوقفت بعض سيارات العائلات المغادرة لتسعف الجرحى، ((الشاب المثقف بشير) و(المسكين علي) وتسرع بهم الي مستشفى 1200 سرير الواقع ببداية طريق الهواري وعلي طول الطريق ما بين سوق العرب الي المستشفى المقصود بدأ (المسكين علي) ينتفض ويهذي ببعض الأسماء:
(رتيبة، نجوى، مريم، عيسى ميلود بوشرفيدة، مصباح، جمال، الحاج أنور… ابراهيم، سيدي يوسف، الحوش العربي والبومة البيضاء، زوبا السودانية).
ثم يسكت مغشيا عليه للحظات، فيعود فجأة، ليتلوا بعض من آيات الذكر الحكيم، وكذلك الأسماء
والكلمات الغامضة (أمجد، أسعد ادريس بوشرفيدة، غزالة شلولح، الملاحة، الخنافس، مطار بنينا، العفريتة فهميمة، ليان الخبزة، مطعم الفلوقة، جامع سيدي أدم، الخمار افتوحة دراما، السحار اصهيب.. المشعوذ اسعودة.
أما الشاب المثقف (بشير) فقد تسربت منه اثناء هذيانه عبارات: –
تزوير، تزوير، شياطين، يريدون تقسيم البلاد، يريدون نهب البلاد، إدارات عميقة، كولسه، اولاد الكوتشينة، الفساد الاداري …سكرتيرات سعادة الوزير، مسرحية لحمة في الزحمة، مسرحية تهبيع ×تهبيع، حرق المراكز الثقافية، إهانة المثقف الحقيقي.
وصل المسعفون إلى المستشفي الكبير، وبالكاد تمكنوا من اختراق زحام المرافقين الصحيين، فاستلم طاقم الأطباء مهامهم وعلى الفور قاموا بإدخال المصابين لغرف عمليات الجراحة وسط زحام أقارب الجرحى المستلقيين بالممرات بشكل متخلف همجي فوضوي!
1- الصحوات: نعت أطلقه المسلحون المناهضون للجيش، وقد أطلقوه على مجموعات من شباب الاحياء التي ساندت الجيش بأسلحتها