كان ذلك الطفل المعاق يجلس القرفصاء في وسط ردهة المنزل والطفل كان لم يقوى على الحركة من حوله لقد ظل مشلولا عن أدنى حركة.. عندما تدخل عليه يلقى إليك بنظرات شاردة لا تكاد أن تستقر على شيء أن عينيه تظل مسمرة عليك تريد أن تخبرك بشيء ولكنه يضيع منه فهو لا يستطيع التحدث إليك عامل اللغة غاب عنه كلية وعجز المنطق عن التحدث معك.. مجرد ابتسامات تائه هنا وهناك ونظرات شاردة لا تقوى على الثبات كأنه يسخر من تدابير القدر الذى الحق به هذا المرض دون التوصل الى علاج يذكر للاستقرار حالته لقد حاول والديه و طرقا الكثير من المشافي دون التوصل الى علاج لحالته و تخليصه من هذا المرض الذى لم يدرك الأطباء الكشف عن ما وراء حالته و كأن القدر دون تخطيط مسبق ترك هذا الطفل رهين حالته التي نغصت عليهما معيشتهما لقد يئسا من التوصل الى شفائه وكان اليأس من شفاء هذا الطفل قد أحاط بالعائلة و عمق حزنهم في دون الوصول الى صيغة تنقذ هذا الطفل الذى لا ينفك عن التأوه بينهم فهذا المرض ظل ملازم لهذا الطفل منذ نشأته الأولى دون التوصل على أي سبيل للانفكاك منه الذى خط لهذا الطفل الذى افقده عن الوجود كلية بتغييب عقله عن الحركة وحتى عن النطق .. يظل ينظر اليك دون أن ينبس ببنت شفه.. وتظل عيناه تتحركان في فضاء مأساة وجودية خرقت كل قوانين الطبيعة والوجود الإنساني الذي من حوله كنت تشعر بإنسانيته وانت تحملق في عينيه التي لا تنفك بالحسرة لهذا المخلوق الضائع في انسانيته.. هكذا رمى في هذا الوجود المأساوي دون تدخل منه.. انه لا يشعر بالمأساة التي تحيط به فهو لم يخبر وجوده كانسان.. قد يكون الوعي الإنساني غاب عنه كلية.. كانت الابتسامة لا تفارق شفتيه في حركة لاإرادية وكأنه يشعر بعدمية الوجود الذي يحيط من حوله.. أن لا شيء يسخر منه الا وجوده الذي تخلت عنه الألهة لأن يكون بشرا سويا مثل أقرانه من البشر بما حوله يعيش عيشة طبيعية بينهم.. نحن لم نختار المرض ولا السعادة بل هناك يد دفعت بنا نحوهما.. يد خارجة عن قدرتنا في العيش.. أن عينيه تظل متسمرتين علينا تريد ان تخبرنا بشيء ولكنهما لا تقويان على ذلك لقد حجبت المعرفة عنهما.. كان يريد ان يخبرنا عن حالته ولكن لم يستطع أخبارنا به.. لم يتأوه امامنا ان شفتيه تظل منفرجتين صاخرتين من القدر ولعلى المأساة الكبرى كان انقاذها برسم تلك الابتسامة التي لم تفارق وجهه وكأنه يسخر من الوجود لهه الخلقة الخارجة عن العرف الإنساني في الوجود.. فالمرض والموت فرضا علينا دون تدخل اننا ندفع بالمرض ولكننا لم نسهم في ايجاده كل شيء في هذه الحياة خارج عن أرادتنا.. نحن لم نخلق وجودنا ومن ثمة ظللنا عاجزين حتى عن إدراك من نحن؟؟ ولماذا نحن هنا؟ والى أي سبيل تخط ارجلنا على ساحة الوجود.. لم يكن هناك رأى من قبلنا في قبول هذا الوجود من عدمه عنا.. لقد كتب علينا كل شيء وما اسهامنا هو تجنب ما يحدث لنا من مأساة وجودية لم يكن لنا من موقف تجاه خلقنا.. لقد وجدنا في بحيرة نتنة مليئة بالمتناقضات.. الوجود من حولنا ملأي بالمأساة.. نحن نريد التخلص من الألم ولكن يظل يزحف علينا دون فكاك عنه..
المنشور السابق
المنشور التالي
سعد الأريل
سعد الأريل.
ولد في مدينة بنغازي.
تخرج من الجامعة الليبية عام 1969.
تحصل على الماجستير من جامعة (ميتشجان) عام 1980.
اعد لدراسة الدكتوراه في جامعة (اوهايو).
كتب العديد من المقالات والقصص في الصحف الليبية والعربية.
كتب كتاب باللغة الإنجليزية تحت عنوان: the great wilderness، ونشر في الولايات المتحدة وفى (amazon).
له كتب باللغة الإنجليزية في طريقها للنشر وهي:
The new world of feudalism.
God is there .
ترجم العديد من الكتب من بينها (حدود النمو)
كتاب تحت الأعداد في الفلسفة السياسية تحت عنوان: (الكتاب الأسود).
كتاب تحت الأعداد مجموعة قصص قصيرة تحت عنوان (ضياع في بنغازي
مقالات ذات علاقة
- تعليقات
- تعليقات فيسبوك