المقالة

حديث النفس

اللوحة من أعمال التشكيلي المصري_ عمــر الفيومي
اللوحة من أعمال التشكيلي المصري_ عمــر الفيومي

تتغير الأحوال ونبتعد عن بعضنا، ونصبح كالغرباء وكأن كل منا يعيش في بلد بعيد عن الاخر، ونظل نلتقي لقاء الغرباء، لا تجمعنا إلا ابتسامات وإيماءات للمجاملة كتحية..

كل ما في هذا الكون لا يبق كما هو، المشاعر تتغير وكذلك النفوس والأحوال، ربما ظروف كل شخص ومشاكله هي السبب، وربما هذا العالم الواسع بكل ما فيه هو من يبعد كل منا ويجعل قلوبنا قاسية ليست كالسابق، وبينما نحن نفكر في تقلب أمزجتنا وأحوالنا ونفوسنا، يظل هذا العالم الرحب يسير في نظام وآلية ممنهجة، لا يغير أوقاته ولا ساعاته من أجل أحد، فمن يتغير يتغير ومن يبقى يبقى..

 يقول الله عز وجل في كتابه العزيز: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) آل عمران – 103.

ولكن هذه الأمة بإيمانها المتهالك الشكلي، تفرقت وحتى الأخوة الأشقاء غرباء عن بعضهم، فمن سيلملم أشلاء أنفسنا التائهة، وكيان الوطن الجريح؟ من سيذكر الآخرين بالمبادئ واحترام الذات وحقوق الآخرين؟

اعتقد بأن ما انكسر لا يمكن إصلاحه، وما تغير لن يرجع كما كان، هول الوجع محن الوجود جلد الذات، لن ترجع القلوب لينة طيبة! ومن سيجعل قول نبي الأمة وشفيعها يتجسد واقعاً ملموساً؟ المسلم للمسلم كالجسد الواحد، إذا اشتكى عضو، تداعت له سائر الأعضاء.

نحن أمة ابتعدت عن آداب وأخلاق دينها، بالرغم من كثرة المساجد والمؤسسات الخيرية التي توثق كل شيء بالصور لتساعد به الآخرين، بينما المؤمن الحقيقي سعادته تكون حين يعطي بيده اليمنى، ويده اليسرى لا ترى ذلك العطاء، والذي لا يعلمه إلا الله، وثبت أجره وهذا هو سر سعادته.

فهل هناك أمل للعودة؟

نعم هناك أمل للعودة، حين نعود كلنا غلى أصلنا ونترك المظاهر والبهرج الكذاب، حين لا يكون إيماننا في مظهرنا وقرآن نقرأه فقط بأعيننا، بل قرآن ينعكس على أخلاقنا وتصرفاتنا ومعاملاتنا، (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ (الفتح – 29.

رسولنا الكريم صاحب الأخلاق العظيمة (صلوات الله عليه وسلامه) يقول: (والله لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، الإيمان الحقيقي عقيدة ومبدأ وأخلاق.

إخوتي وصديقاتي أصدقائي، أتمنى ألا أكون من المتغيرين عليكم وأحبكم حباً صادقاً لا مصالح ولا مظاهر، وأتمنى أن أكون وإياكم من المؤمنين الصادقين، الذين يحبون لغيرهم ما يحبون لأنفسهم..

العالم يتغير والنفوس كذلك.. والود إن كان كاذباً لا خير فيه.

مقالات ذات علاقة

الفيل…صديقي النبيل

محمد عقيلة العمامي

الهوية الوطنية والحضارية الجامعة

علي بوخريص

جديد الحياة.. وحرية الاختيار

خلود الفلاح

اترك تعليق