الطيوب
أقيمت على تمام الساعة الـ6 من مساء يوم الخميس الموافق 4 فبراير الجاري 2021م وسط جوٍّ يسوده شجن الأمس وضوع الحنين لذاكرة الكلمة والنغم أمسية ثقافية بعنوان (من الإبداع إلى الإمتاع) نظمّها بيت العبارة في زنقة باكير بحيّ الظهرة طرابلس، وأحيا الأمسية الفنان “يوسف الغرياني” وأدارها السيّد “عبد الرزاق العبارة” ضمن الصالون الثقافي الذي يقيمه بيت العبارة مطلع كل شهر، وقد رحّب السيّد العبارة بالحضور متنيًا لهم قضاء وقت طيّب، وافتتح الأمسية المؤرخ السيّد “مختار دريرة” مستذكرًا مناقب الشاعر “أحمد الحريري” ومعرجًا على أطراف من سيرته وخطوات تدرّجه الأولى في مدينة طرابلس القديمة التي كانت قبل زمن تتنوع بين جنباتها الأعراق والإثنيات المختلفة من عرب ويهود وطليان ومالطيين ما أثرى مسيرة الشاعر الراحل الإبداعية.
وتحدّث الفنان “يوسف الغرياني” ساردًا ذكرياته مع الشاعر “أحمد الحريري” والرابطة الإنسانية الحميمة التي جمعته بالشاعر لأكثر من 35 عام على الصعيدين المهني والإنساني مستشهدًا بالثنائيات العربية الناجحة على غرار تجربتيّ الفنان” نجيب الريحاني” مع الشاعر “بديع خيري” وبين الفنانين “مصطفى الأمير و”محمد شرف الدين” وريادة الأخير للمسرح الإجتماعي المعاصر، وتوقف مليًا مع أبرز محطات الحريري الإبداعية وظروف نشأته الأسرية بين الأزقة العتيقة لطرابلس ومدى الألم الذي كابده الحريري واندفاعه للتصعلك دونما هدىً ونزوعه للإنطواء في مرحلة ما من حياته، إضافة لعمله كخيّاط في بادىء حياته ما جعله يتوقف عن استكمال دراسته العلمية، واستطرد الغرياني حول تمرّد الحريري على تقاليد محيطه مشيرًا إلى استهتاره بالقيم الإجتماعية مؤكدًا في الآن ذاته على قدرة الحريري الإستثنائية على الكتابة والدور الذي لعبه الإسكافي اليهودي برخاني في تعليمه أصول الطبوع والمقامات الموسيقية ومحطته مع تجربة الغناء في الإذاعة وعزفه على التار، كما استعرض جملة من العادات والتقاليد الطرابلسية التي كان يشترك فيها أهالي طرابلس مسلمين ويهود.
وفي ذات السياق واصل الغرياني حديثه مرورًا بالدور الذي لعبه الأديب الراحل “الصادق النيهوم” في الدفع بالحريري للصحفي “هاشم الهوني” للعمل في صحيفة الحقيقة في مدينة بنغازي…وذكر بأن الحريري استفاد كثيرًا من المفارقات اليومية في حياته كحادثة وفاة والده الصيّاد وكان يملك من الأدوات الإبداعية ما يمكنه من تحويل ما يلاقيه من مآسٍ إلى طاقة إبداعية جبارة، أيضًا أشار للدور الكبير للفنان الكعبازي في تطوير الأغنية الليبية ورسم ملامح هُويتها.
وأخيرًا دعا الغرياني إلى أهمية جمع الوثائق والاعتناء بالأرشفة مشددًا على أن الفنانين الليبين لا ينقصهم سوى ورش عمل للإرتقاء بالحراك الفني مختتمًا ذلك بإلقاء مختارات من شعر الراحل …وكان مسك ختام الأمسية أنغام عود العازف “بشير الغريب” مترنمًا ببعض أغاني الشاعر الراحل.