شعوب الجبوري – العراق
…تابع
المتشيء والمتفكر يلزمان ما لدينا من عناصر معرفية مسبقة معنية بالنقد الادبي الاحترافي٬ موغلة علامة التجربة الفاهمية الشاملة التي لا تنقطع من امتثالها الموضوعي. بمعنى ان النقد الادبي الاحترافي يلزم المتشيء علامة يمكن له معها المتفكر النقدي أن يميز بأرتياح واستقرار بين أصل المعرفة الخالصة ـ النوعية وأخرى المركبة ـ الكمية ـ العددية. فالنقد الادبي الاحترافي يرتقي بتجارب تعلمنا عن “متفكرنا المحض”٬ دون شك٬ أن ثمة شيئا ما هو على السياق أو ذلك٬ غير أن٬ لا يعني أنه لا يمكن أن يكون على ثابت به عليه. إذن٬ وقبلية عليه إشارة عن ذراعين:
ـ بأولا: إن تشيئت قضية النقد الادبي الاحترافي نحو المتفكر ـ تفكره به٬ هي وضروريتها معا فستشيء ناقدية ادبية ميتافيزيقية٬ فإن كانت على هذه التشيئية٬ إلى ذلك المتفكر٬ تكون غير مشتقة إلا من قضية ضرورية هي الأخرى فستكون ميتافيزيقية صارمة. بمعنى يلزمنا قبلية معرفة متشيئة في النزوع النقدي الأدبي نحو الفعل الفلسفي الاحترافي.
ـ وثانيا: ما يلزم المتفكر به من نضج الوعي الفلسفي بمقتضيات الوجود التاريخي. بمعنى٬ إن النقد الادبي الاحترافي نحو التجربة ـ المتشيء يدعو المتفكر أن تكون تجاربه لا تعكس قط لأحكمها النقدية بكلية احترافية٬ لا تمنح عطاءا لقواعد كلية حقيقية شديدة الصرامة٬ بل شمولية مفترضة ومعارف أقترانية (من خلال مقدمات وفقا لمرح الادبيات) بما تشير إلية صرامة الاستقراء وما يلحق بمعناه تحديدا: في كل ملاحظتنا حتى الان٬ ما نتج وبلغ إليه من أحكام تحليلية وتوفيقية في نزوعه النقدي الادبي٬ لم نعثر على أي استثناء لهذه القاعدة لدى الناقد العربي أو العراقي تحديد (من خلال الاستقراء في قبليته النقدية ومقارباتة الاقترانية).
ما يعني٬ إذن٬ وبحسب ما ينتج٬ أن تشيئا متفكرا يستقرأ بكلية وحاسمية٬ بمعنى اثارة حكما متفكر قبليا٬ أي على نحو لا يتقبل أي أستثناء ممكن٬ هو تشيئ لا يشتق المتفكر فيه٬ ولا يستنبط احترافيته من التجربة٬ بل يقبس على مصدر مصداقيته ميتافيزيقا صارما. وما جودة النقد الادبي الاحترافي الشامل ـ بالاسلوب المنهج الكمي ـ العددي إلا تجاوز لرفع تعسفي لما هو مألوف عليه في معظم الحلات المتشيئة إلى ما هو صادق في معظم المتشيئات٬ رفعا صادقا إلى ما هو مرتبط بالتجربة المتفكرة٬ تغيبا لأحكامها كلية حقيقية صادقة وصارمة لمتشيء المشاريع النقدية الادبية الاحترافية مستقبلا٬ كما في هذه القضية٬ مثلا: كل المطارحات النقدية لها مرجعيات ثقيلة المتفكر به.
وعلى العكس٬ إذا ما تعارض حكم بشمولية صارمة ماهويا٬ فإن ذلك يقف على أن دلالة مصدره ذو مرجعية معرفية خاصة٬ هو السعة على تمكن المعرفة القبلية فيه. فاللزومية والشمول٬ أو نقد الذوق الادبي الاحترافي٬ هو احد خصائص الحس الخارجي في المتفكر فينا ـ أنا ـ نتصور الموضوعات النقدية بوصفها خارجة عن متفكرنا الموضوعي في السبب والمعلول عنا ٬ ما جعل لنا المتفكر المحض يتشيأ بوصفها جميعا في ماهيات متبادلة في خصائص آذهاننا٬ وترتبط إحداها بالأخرى أرتباطا لا ينفصل عن عضويتنا الادبية النقدية.
لكن٬ عند إظهار محدوديتها المنهجية كميا/عدديا في التوظيف الاحترافي يكون اسلوبا٬ حينا٬ أسهل تحليلا من إظهار عرضية المعايير والاحكام. أو يشكل بروز الشمولية/الكلية المطلقة التي نتبنى أنتسابها إلى التشيء ـ الحكم الالمع إقناعا من إبراز لزوميته كضرورة حينا آخر٬ فإنه ـ المتفكر به يجد به أن يستعمل٬ بشكل منفصل التشيؤوات٬ كلا من اضلعا المثلث المذكورين (أعلاه) في تعيين إطر النقد الادبي الاحترافي٬ عمليته الاستراتيجية في معمارية تمكنها إلا تنحرف في تراكمات من الاخطاء والتزييف في صناعة المعرفة أو إنتاجها.
والواقع٬ إنه من الايسر إبراز وجود مثل هذه المعايير من الأحكام اللزومية والشمولية بالمعنى الادق لوحدات الاحتراف الاستراتيجي للنقد الأدبي٬ والميتافيزيقية المحضة بالتالي٬ حالا متحققا في المعرفة الإنساني٬ بإعادة إنتاج الصراع المجتمعي لمعارفه الاحترافية القبلية. وما علينا في النظر إلى المتشيء ـ المتفكر فيه٬ إذا سعينا الاستعمال مثلا من معمارية العلاقة ما بين النقد الادبي الاحترافي بصلة رحم الترابط مع باقيات العلوم٬ سوى أن القيام بمسح نطالع فيه كل قضايا المنهج النقدي الذوقي والجمالي في الاحترافية القبلية المحضة٬ أما إذا تمعنا السعي مثلا في جعل الافهوم الاحترافي أخذا الاستعمال الاستقرائي في المعايير الاكثر ابتذالا٬ فسنجد المتشيئات تقع ضمن تأويلات جدلية وصراع لقضية تنسب نفسها في مرحلة لأفهوم التغير الذي ينسب له جعل لسبب ومعلول لقادم من إظهار عرضية الأحكام. ففي هذه القاعدة٬ يتضمن أفهوم العلة٬ بالغ الوضوح٬ متفكرات ضامنة الضرورة بالاقتران المسبب٬ وبالشمولية الصارمة لقاعدة أضلع المثلث (المشار إليهما في أولا٬ وثانيا اعلاه) بحيث إنه سيفقد إطلاقا فيما لو تشيئناه اشتقاقيا٬ كما فعل النقد الاحترافي الانكليزي الكلاسيكي٬ من تكرار إقتران ما يحصل بما يتقدمه٬ ومما يتلاحق من سلسلة إقران التصورات من مجرد ضرورة متفكر لاجله٬ إلى متفكرة ذاتيه فيه.
ولأجل التدليل على آهلية النقد الادبي الاحترافي على حقيقة معايير الأحكام الذوقية والجمالية الميتافيزيقية الخالصة في معرفتنا الاحترافية٬ قد تجعلنا أيضا إبراز أنه لا فكاك عنها من أجل إمكان التجربة٬ وإبراز ذلك ميتافيزيقيا بالتالي.
إذ من أين يمكن للوعي الفلسفي أن يستخلف معان نقدية للتجربة عينها أن تستشيء يقينها لو كانت جميع المعايير والأحكام النقدية تستمد قواعدها التي تجري بموجبها المنهجية باسلوبها الكمي دائما؟٬ وبالتالي تخضع لإظهار عرضية النقد الادبي الاحترافي٬ صراعات إجتماعية يقينها المتفكر فيه عن متشيئاته: إنه ليصعب علينا عندها أن نعد آهليته الاحترافيه بمثابة خضوعها لدقة إطره ممارسة عمليته الأولية المنتظمة بدقة. وعلى كل حال٬ يمكن أن نكتفي هنا بما عرضناه لأضلع المثلث الاحترافي من الاستعمال النقدي الادبي المحض لقدتنا المعرفية بوصفه٬ هو وميزتاه المضلعة٬ إمكان من القدرات و واقع من الوقائع الاحترافية.
وأخيرا للغرض ذاته يتكشف٬ لا في المعايير والاحكام عن آهلية النقد الادبي الاحترافي وحسب٬ بل أيضا السمات الأفهومية في الاستقراء القبلي: مرجع صنوفها القبلي٬ إنزاع أصل بعضها تمرحلا ـ سلسلة إدارة خدمة استبيان طبقات المعرفة ـ مراحل بناء معمار الاحتراف الذوقي ـ لكل جذر مرجعه٬ كل ما هو منهجية أساليب المنطق التحليلي الكمي/العددي من متفكر أفهومات الاحتراف التجريبي للتقد الادبي الذوقي للجمال؛ الصريح والمضمر؛ الوضوح للشكل عن صفات صراعة الاجتماعي والسياسي في اللون الفني٬ كثافة الصلابة وتماسك المرونة٬ الشدة والرخاوة في الانتماء٬ ثقل القرار الاستراتيجي ورسوخ نفاذه٬ والانقاذ الايديولوجي في تجديد خطابه التنظيمي؛ فسيبقى المتفكر لنا متشيئا أحترافيا مع ذلك المكان الذي لا يمكن لقبليتنا إزالته٬ والذي كان يحتله الجمال (وإن تخفي في إضمار ملامحه) أو تأجيل إظهارها في أرتياح تماما. كذلك٬ إذا أهملت جانبا كل المميزات التي تفيد فاعلية التنظيم النقدي الاحترافي إياها بالتجربة في متفكرنا الحيوي والمنهجي الكمي عن أي موضوع٬ سواء كان متصورا في التجسيم الذوقي أم غير متخصبا في تجسيمه للجمال٬ فسيبقى لدينا أستراتيجية متفردة لا يمكننا أنتزاعها٬ وهي التي تجعلنا في العملية التنظيمية للصراع النقدي الذوقي تفكر لأجله بوصفه ذاتا أو ملازما لجوهرا نقديا للذوق الاحترافي في الاحكام٬ على الرغم من أن المعايير التي تتلاقح مع الأفهوم النفدي القيمي الأخير يتفكر فيه تعينا أكثر مما في افهوم الاستقراء موضوع ذوقي بعامته. ما يلزم به إذن٬ هو٬ مرغما بالضرورة التي يحتكمنا بها هذا الأفهوم الاحترافي٬ أن تقر خلاله بأن إمكانته النقدية الادبية معترفة بما هو قبلي في بنية قدرات المشاريع النقدية الادبية في إرادتها المعرفية.
يتبع….