بعد انقطاع طويل للروائي محمد الاصفر عن الإصدار الروائي والقصصي دام حوالي تسع سنوات، اللهم إلا ما تابعناه من مقالات صحفية نشرت في العديد الصحف والمواقع العربية، وبعد أن كتب الاصفر على صفحته على موقع فيس بوك في الفترة الاخيرة ما تداولته صفحات التواصل الاجتماعي والعديد من الصحف والمواقع عن قرب صدور روايته الأولى بعد سنوات الغياب (تمر وقعمول) إضافة إلى العديد من الأعمال الروائية والقصصية الاخرى والتي ستصدر تباعا هي الاخرى.
كان لزاما علينا أن نتوجه لمحمد الاصفر بسؤالنا عن هذا الجديد الذي انتظرناه طويلا ..
عن سنوات الانقطاع وسر الغياب .. هل هي أزمة نشر وناشر ..أم اختلف عليه المكان ففرضت عليه بيئة المغترب شروطها .. نحن نعلم أن الترحال في ليبيا منذ القديم هوس الاصفر ونعلم ايضا من كل ما قرأناه في قصصه ورواياته كان مادته ونصه صخب الأمكنة في ليبيا الازقة الشوارع الأفراح المهمشين المرسكاوي الأسواق بل كل التفاصيل الليبية الصغيرة جعلها متنا لرواياته وقصصه التي جمعها في كتبه والتي تجاوز عددها العشرة قبل الانقطاع الطويل.. لكن ترحاله الأخير غير من أصول اللعبة كلها فهو مقيم الآن في اوروبا والمانيا تحديدا وكل أعماله التي أعلن عنها كتبها هناك .. هذه المرة المكان يختلف فهو اكثر هدوء ورتابة، الى أي مدى أثر هذا في أعمال محمد الاصفر الجديدة؟ .. هل لازالت ليبيا وصخبها هوس الكاتب؟ .. أم أن جديده كتابة أخرى ؟.. أم أنه اندماج في الحياة الجديدة والكتابة الجديدة أيضا ؟.. أم ثمة حقيقة لا نعلمها وهي أن الاصفر ليس أسير الامكنة ولا شروط الناشر .. ولا تستهويه الترجمة .. وأن جغرافيا الكتابة عنده واحدة .. وإنه فقط محمد الاصفر .. حتى الكتابة نفسها لا تملي عليه شروطها .. لكنها وحين يقدم عليها تستقبله بشعف فهي تحبه كما هو بلا مقدمات ولا شروط ..
حول أعماله الجديدة بالذات توجهت بوابة افريقيا لمحمد الاصفر بالأسئلة لكنه أزاح من امامنا وبطريقته الكثير من الضباب والقلق والذي جاء في هذه التقدمة.
س / محمد الأصفر وانت الروائي الذي وصف يوما بالأكثر غزارة في كتابة القصة والرواية .. مع ذلك تسع سنوات لم نقرأ لك كتاب ما السر في ذلك هل هي كالأحداث وتقلبات الزمن أم هو السفر والمكان الذي اختلف هذه المرة (المانيا) أم أنها أزمة ناشر أو هو غوص في الذات؟
ج / منذ عام 2011م لم أصدر أي كتاب، انشغلت بظروف الحياة وتقلباتها المتسارعة التي أجبرتني على تغيير محل الإقامة في أكثر من مكان داخل ليبيا وخارجها لأجد نفسي نهاية عام 2015 م أعيش في ألمانيا، وبعد عدة شهور من محاولة التكيف والاندماج في المجتمع الجديد ، استأنفت نشاطي في كتابة القصة والرواية، لكن وجدت بعض الصعوبات في نشر أعمالي الجديدة، عدة دور نشر معروفة كان ردّها بعد قراءة العمل “حظا طيبا مع دار نشر أخرى” حقيقة لا أعرف الكتابة حسب مواصفات دور النشر وأكتب دائما حسب ما أحب أنا، دور النشر فلتذهب إلى الجحيم، لكن أنا عبر كتاباتي كما أحب سأذهب حيث أريد.
س / وانت الروائي الذي تستهويه الامكنة وصخبها.. ماذا عن المكان الجديد الى اي مدى أثر على القادم من كتاباتك خاصة والمانيا بلاد الرتابة .. الا تعتقد انها أكثر هدوء من أن تكون ملهمتك؟
ج / في ألمانيا وجدت ظروفا جيدة للقراءة والكتابة، وتأثرت بعوامل الانضباط والنظام والدقة التي تصبغ الحياة العامة هناك لتنعكس إيجابيا على كل أعمالي الجديدة، صرت أراجع النص أكثر من مرّة واستمع لنصائح كتاب أعمق مني تجربة، لكن مواضيعي السابقة التي أكتب عنها لم تتغير، تغير المكان لكن ضجيج رأسي ظل كما هو، ربما تغيرت الكيفية التي أعبر بها عن نفسي فقط، كتبت ستة أعمال سردية في أقل من أربع سنوات وبدأتْ الأعمال بعد جهد مع دور النشر وصبر وانتظار تأخذ طريقها إلى النور.
س / نعلم إنه قريبا سيكون بين يدي القاري رواية (تمر وقعمول ) لكن ماهي الأعمال الجديدة والتي سمعنا عنها ولا نعلم عناوينها ولا مواضيع متونها ونصوصها؟
ج / من أعمالي الجديدة التي كتبتها .. الرباية الحنونة (قص) ، بوق رواية، لحن الرماد رواية، مذاق الريشة رواية، وصية خيال رواية، تمر وقعمول رواية والتي ذكرتها بسؤالك.
س / لم تجبنا عن مواضيع هذه الأعمال هل لازالت ليبيا حكايتها ومكان أحداثها كما عودتنا في أعمالك السابقة .. أم أن هناك بعد اخر سيضاف اليها؟
ج / كل أعمالي الجديدة تتحدث عن ليبيا وعن أحداث متنوعة عاشتها البلاد منذ بداية القرن العشرين إلى الآن ، تتخذ معظم أعمالي من الموسيقى العربية والعالمية خاصة بتهوفن وأيضا الغناء الشعبي ( المرسكاوي) والأماكن الشعبية المعروفة في بنغازي ودرنة وطرابلس وعدة مدن أخرى في ألمانيا خلفية مكانية لها، كما تتطرق إلى أحداث عالمية كانت ليبيا وألمانيا طرفا فيها مثل الحرب العالمية الثانية التي دارت بعض رحاها في طبرق وكذلك ما شهدته مرحلة الحرب الباردة من أحداث إرهابية وتغيرات سياسية انتهت بهدم جدار برلين وتوحد الألمانيتين.
س / لامزيد عن هذه الاعمال اذا … يظل ترجم لك سابقا أكثر من عمل إلى الاسبانية والانجليزية .. هل للترجمة نصيب في هذه الإصدارات خاصة وإنها تصدر وأنت مقيم في اوروبا .
ج / لا يمكنني الحديث عن تفاصيل كل رواية وأترك متعة معرفتها للقارئ عندما تصدر الأعمال ورقيا وبخصوص ترجمة الأعمال إلى لغات أخرى فالأمر يحتاج إلى جهد ، لابد أن يقرأ المترجم الرواية ويقتنع بها ويجد دار نشر أجنبية تموّل تكاليف الترجمة وتصدرها، أنا لا أعوّل على ترجمة أعمالي إن ترجمت مرحبا بذلك وإن لم تترجم لن ينقص من إبداعي أي شيء، يكفيني أن تجد القبول لدى القارئ العربي ، القارئ الأجنبي أو العالمي لن يضيف لي شيئا، نقود لا أركض خلف النقود ، شهرة لا أحبها ، مشاركة في ندوات ومعارض لا أحب ذلك وأكثر المعارض التي شاركت فيها كنت أتخلف عمدا عن الندوة ، و في الأساس لا أكتب أعمالا لغرض ترجمتها ولم أبذل جهدا في ذلك خاصة في تناول المواضيع الرائقة للغرب المعروفة طبعا لدى معظم الكتاب .