نظمت الجمعية الليبية للآداب والفنون بالتعاون مع الجمعية الايطالية للثقافة والفنون محاضرة الثلاثاء بعنوان «من ذاكرة المسرح فى ليبيا..مسرح الميرامارى»، بدار حسن الفقيه بمدينة طرابلس، ألقاها الباحث مراد الهونى.
واستهل المحاضر حديثه بلمحة عن بدايات الفن المسرحي بليبيا الذي شهد العام 1908عرض أول مسرحية بعنوان«حب الوطن» قدمتها جمعية التشخيص واستمرت العروض حتى العام 1911،و إستأنفت الحركة المسرحية نشاطها من جديد العام 1926، موضحاً بان العروض الركحية شجعت على ولادة فرق مسرحية أخرى منها «هواة التمثيل»,«الشط»,«الفنون والصنائع» وغيرها.
وأشار الهوني في تناوله للخلفية الانشائية لمسرح الميراماري مصحوباً بعرض ضوئي لصور توضح مراحل زمنية مختلفة من عمر المسرح، بان فكرة بناءه جاءت من حاجة ايطاليا ككيان استعماري لشرفة تطل منها على الساحل الافريقي لابراز نفوذها المادي والروحي، و وجدت في طرابلس منصتها النمودج باطلالتها المتوسطية وعمقها الجغرافي وثراها بالطرازالروماني القديم،والبحث عن وصلة تربطها بالمحيط الاجتماعي والعملي لمستوطنيها والسواح.
ويتابع الهوني بالقول « مسرح الميراماري الذي افتتح صيف 1921 هو نتاج لهذه العوامل مجتمعة فكان واجهة ثقافية مهمة بحكم قدرته على استيعاب 1800متفرج، ما مكنه ليكون مقراً لمواسم الاوبرا والعروض السينمائية والموسيقية والمناشط الرياضية وعروض السحر والاكروبات ثم عروض الرقص الشرقي ابتداء من العام 1932».
ويلمح الباحث في ذات السياق أن تلك الفعاليات صاحبها بين الحين والاخر زيارة نخبة من العارضين والفنانين الايطاليين الذين اعجبو بجمالية المكان والطراز المعماري للمسرح وجمهوره.
وعرض الهوني نماذج لما ذكره بعض مدراء الفرق المسرحية الايطالية في مذكراتهم عن الميراماري الذين ابهرتهم اجواء طرابلس ونسيجها المتنوع ، مما الهم احد الفنانين كتابة عمل قدم بمهرجان الاغنية بنابولي 1925، و عكست الاغنية بوسيقاها وكلماتها فتنة وسحر الشرق.
وكما أوضح بان المسرح مر بعدة مراحل من البناء والتحوير كان ابرزها الفترة من 1925الى 1934 التي تولى فيها الحزب الفاشي بايطاليا مقاليد الحكم، وتوجهه لان يكون لافريقيا الرومانية مسرحاً يليق بها وتجسد ذلك بازالته للميرماري واعادة بناءه على انقاض المسرح القديم، كما أن ادارته طالها التغييرايضاً بتحولها من القطاع الخاص الى القطاع العام منتصف ثلاثينيات القرن الماضي.
وتطرق المحاضر الى العناصر الفنية والجمالية التي روعيت في البناء الجديد بواجهة تمثل الطراز الموريسكي و دمج ملامح العمارة المحلية بالمعمار الايطالي اضافة الى مجموعة التصاميم والاشكال الزخرفية والخطوط في محيطه الداخلي تزينها مطروزات وثريا تحمل 18000شمعة تغطي باضائتها القوية مساحة الميرماري من المدخل وحتى منصة العرض.
ويذكر الهوني ان تحويراً اخر مر به المسرح العام 1938وفق ما يعرف بالعمارة العقلانية خصوصاً في صالته الرئيسية والتي اصبحت تتسع لـ2000شخص بمقاعد وثيرة كتلك الموجودة بصالات المسرح الايطالي بالاضافة الى التعديلات في الرسومات والشرفات وخشبة العرض.
وأضاف بالقول «ان هذا التجديد لم يدم طويلاً فتاريخ المسرح وارتباطه بالسياسة الفاشية ساهمت في محو اثاره عقب القصف البري والجوي لطرابلس في الحادي عشر من ابريل العام 1941والذي تسبب في دمار جزء كبير من معالمه».
وتابع « بانتقال السلطة الى الادارة الانجليزية في اعقاب الحرب العالمية الثانية ،قامت باعادة بناءه وبعثه للحياة من جديد».