هذا وجهي ، خبر عاجل
لوحةُ صحراء تخلو من سحرِ المخيّلة
على خلفية موسيقى سائبة في مقهى بحري مهجور
أسيرُ حربٍ بيدين عاطلتين عن هبة الحب .
هي حرب ضالة نشبت بين حطّابٍ أعْمى وغابةٍ لئيمة
بين جنديٍّ مغفَّلٍ وحبيبةٍ تنتظر
بين حبيبة تنتظر ونافذة حالمة
بين نافذة حالمة وقذيفة مجهولة
بين جيشين منتصرين كلاهما يتقدّمُ ظافرا بتوابيت مرحة
وأبطال بأطراف صناعية ، ومدن مهدّمة
بين قبائل طيبة الذكر تجيد النهب والقتال،
وقبائل أخرى طيبة الذكر تجيد النهب والقتال
بين ثوار شرفاء يحبون ليبيا
وثوار شرفاء هم أيضا يحبون ليبيا
هكذا هو الآن وجهي :
مثل شيءٍ لا يحدث إلا مُكرها كأبغض الحلال عند الله
والمشي ليلا في حديقة ملغّمة
كالعزوف عن الحلم وانتظار الأعياد وقدوم الأحبّة
كمقاطعة الأصدقاء والشوارع والإضراب عن الكلام
وربما ذاويا يشبه قصيدة ميتة لشاعرٍ سيءِ الحظّ .
هذا الجدار الذي يتداعى ظِلُّ وجهي
لذا صرت متعذرا عن كرامة العطر
وغواية رباعيات الخيام
ومولانا جلال الدين الرومي
بحيث لا وجود لباقة ورد كهدية مضادة لكآبة الطقس
أو ترتيب جنازة باذخة تليق بمهابة شهيد العزلة .
قبل ثلاثين بدرا ، أو ثلاثة وثلاثين بزمن القصيدة
عندما فاضت المعاجمُ الرحيمةُ بمديحها
وغمرت ترانيمُها المعتقلات النضرةَ والصحفَ والمقاهي
كنتُ فتيا لا أشبه هذا العليل الذي يتذكرني
وربما جندياً شجاعاً ،
أو عاشقاً طائشاً بعض الشيء
صعلوكَ بهاءٍ وانهارٍ سخيّة
جوابَ ليل وقفاءَ طرائد
عندي ما يكفي من منجنيقات الخيال والأسماء والنجوم
لكي اعبر واثقا دونما ريب
من قصيدة جميلة إلى امرأة أجمل
إذن : هل ثمة شبه بين وجهي ووطن لم أعد أفهمه ويفهمني
كما يليق بعاشقين بريئين من شبهات الرجم
بين وجهي
وسماء ضائعة في متاهة الكتب .
كتب هي الأخرى قد ضيعتنا حين ضاعت .
هل هذا وجهي
غرفة عمليات بثلاثة أرجل مشبوهة
محاكم تفتيش من ذوات براثن الديجتال
نازحون يتضورون بأصوات عجاف
مثقفون رحّل يتبادلون جثث الضحايا عبر الآي فون
محافلُ ذبحٍ ، وشيوخ ٌيرطنون بلهجات أممية
سياسيون من فصيلة الكلاشنكوف يخططون لمستقبل ناعم
عسكريون متجهمون بأربطة عنق يُنَظِّرون لصناعةِ دولةِ الحريات
أمراءُ حربٍ هائجون يؤثثون مخازن جحيم وسلخانات وحرائق .
فيما القذائف تتساقط على قلعة رأسي
وحبيبتي تنصحني بمحلول القرفة
ومزاولة الضحك والنوم مبكرا
لأن وجهي بعد ربيع الثورات
نفايةُ وطن ومكبُّ فوضى
أنا ضائع .