من أعمال التشكيلية فتحية الجروشي
طيوب النص

عَــــنِ الشِّعْـــــــــرِ .. ( الجزء الثالث )

Fathia_Jeroshi (4)

 

# تَنْكُثُ الْقَصِيدَةُ مَوَاعِيدَهَا مَعِي .. وَحِينَ أَنَامُ تَجِيءُ لِتَرْصُدَ شَخِيرَ الرُّوحِ .. دَوِيَّ الأَعْمَاقِ السَّابِحَةِ في مَلَكُوتِ الْحُلْمِ .. ثُمَّ تَنَامُ بِقُرْبِي شَاخِرَةً بِفُتُونٍ..

# لا تَحْتَفِ بِكُلِّ الْكَلامِ؛ فَبَعُضُ الْكَلامِ خَادِعٌ، يُسَرِّبُ لَكَ نَثْرًا قَمِيئًا عَلَى أَنَّهُ شِعْرٌ.

# حِينَ اِحْتَلَّ السَّوَادُ أَعْمَاقِي .. اِلْتَهَمَ الْبَيَاضُ الْفَادِحُ قَصِيدَتِي.

# فَتَحْتُ دِيوَانِي فَحَطَّتِ الفَرَاشَاتُ عَلَى كَتِفَيَّ غَارِزَةً أَبْصَارَهَا فِي قَصَائِدِي، وَحِينَ نَظَرْتُ إِلَيْهَا كَانَتِ الْمَعَانِي تُحَلِّقُ فِي الفَضَاءِ الْفَسِيحِ مِثْلَهَا .. وَلَمْ يَبْقَ مِنْ دِيوَانِي غَيْرُ وَرَقٍ بَاهِتٍ ..!

# الرِّيحُ الَّتِي عَبَثَتْ بِأَوْرَاقِي كَانَتْ تَغَارُ مِنْ وَجْهِ قَصِيدَتِيَ الْفَاتِنَةِ ..

# الشِّعْرُ لا يَكْتَرِثُ بِالإِشَارَاتِ الضَّوْئِيَّةِ.

# الْحُلُمُ أُكْسِجِينُ الْقَصِيدَةِ.

# قَلِقٌ أَنَا كَلَحْظَةِ دَهْمِ الْقَصِيدَةِ قَلْبِي .. أَوَدُّ أَنْ أُجَرِّبَ صَوْتِيَ الْكَسُولَ عَلَى وَلَعِ إِنْصَاتِكُمْ .. أَنْ أَغْمِدَهُ فِي قُلُوبٍ تُتَرْجِمُ الْحُزْنَ حَقْلاً .. وَالْوَجَعَ ضِحْكَةَ نَجْمَةٍ .. وَالْقَلَقَ مَطَرًا أَخْضَرَ .. وَالْهُمُومَ مَرْجَ قَصَائِدَ .. أُرِيدُ أَنْ أَطْمَئِنَّ عَلَى أَنَاقَتِهِ قَبْلَ أَنْ أَلِجَ فِي لَهَفِ الْقَصِيدَةِ .. أُرِيدُ أَنْ أُؤَنِّقَ دَرْبَ الْقَصِيدَةِ .. أَنْ أُؤَرِّجَ وَجْهَ الْقَوَافِي .. أَنْ أُبَسْتِنَ أَوْقَاتَكَمُ الْخَصِيبَةَ قَبْلَ أَنْ أُسْمِعَكُمْ شَغَبَ كَلِمَاتِي .. بَنَاتِ أَعْمَاقِي .. أَنْ أُسْمِعَكُمْ غِنَاءَهَا .. صُدَاحَهَا الْبَهِيَّ .. النَّقِيَّ .. الْوَضِيءَ ..

# فِي الْهَوَاءِ رَسَمْتُ قَصِيدَتِي، تَخَطَّفَتْهَا أَلْسِنَةُ الطَّيْرِ، تَغَنَّتْ بِهَا الْعَصَافِيرُ، تَوَشَّحَتْ بِهَا رُؤُوسُ الْقِمَمِ، وَاسْتَنْشَقَتْهَا الْغُيُومُ، وَزَفَرتْهَا رِئَاتُ الرَّبِيعِ حَدِائِقَ حُلُمٍ، ضَحَكَاتِ رَحِيقٍ، أَنَاشِيدَ الْتِهَافٍ، يَنَابِيعَ دُعَاءٍ، وَعِطْرَ بِشَارَةٍ عَذْرَاءَ ..!

# – هَلْ يُمْكِنُكَ أَنْ تَكْتُبَ قَصِيدَةً مِثْلَ وَالِدِكَ..؟
اِبْتَسَمَ، فَاصَطْفَّ عَلَى شَفَتَيْهِ حَقْلُ قَصَائِدِ .. وَشَعْبُ عَصَافِيرَ..

# عُمْرُ الشَّاعِرِ قَصِيدَةٌ … حُلْمُ الشَّاعِرِ وَطَنٌ .. وَعِطْرُهُ نَهْرُ أُمْنِيَاتٍ أَبْكَارٍ..

# الْقَصَائِدُ الْمُجَاهِرَةُ بِفَحْوَاهَا .. الوَاشِيَةُ بِسِرِّ الْمَوْلُودِ فِي أَحْشَائِهَا مُغْتَالَةٌ بِهَا، مَقْتُولَةٌ بِنِيرَانٍ صَدِيقَةٍ ..!

# أَجْمَلُ الْقَصَائِدِ تِلْكَ الَّتِي تَدْعُو قَارِئَهَا لِأَنْ يَبْتَكِرَ لَهَا عُنْوَانًا يَخُصُّهُ .. وَأَنْ يَجِدَ فِيهَا شَيْئًا يَرُوقُهُ .. وَيَلْمَحَ فِيهَا وَجْهًا يَعْنِيهِ .. وَيَشْتَمَّ مِنْهَا رَائِحَةً تَسْتَفِزُّهُ .. وَيُعَانِقَ بِهَا تَفَاصِيلَ تُدْهِشُهُ .. وَيَفْتَحَ أَبْوَابًا يَعْتَقِدُ أَنَّهَا لا تُفْتَحُ إِلاَّ لَهُ .. لَنْ يَفْتَحَهَا إِلاَّ هُوَ .. وَيُطِلَّ مِنْ نَوَافِذَ لا تُسِرِّبُ نَسِيمَهَا إِلاَّ لَهُ .. وَيقْتَنِصَ مَعَانِيَ لا تَخْطُرُ عَلَى غَيْرِ قَلْبِهِ .. فَحَتَّى قَلْبُ الشَّاعِرِ لم يُسَوِّلْ لَهُ بِهَا ..!

# أَعْجَبَتْهَا قَصِيدَتِي فَتَلَبَّسَتْهَا، مُنْذَاهَا وَأَنَا أَشْتَمُّ عِطْرَهَا فِي الْقَصِيدَةِ، وَأُبْصِرُ وَجْهَهَا فِي حُرُوفِهَا، وَأَسْمَعُ صَوْتَهَا يَعْلُو في ثَنَايَاهَا إِيقَاعًا وَمُوسِيقَا.

# قَلِقًا يَتَرَجَّلُ الشَّاعِرُ عَنْ صَهْوَةِ الْقَصِيدَةِ، ثُمَّ يُطَارِدُهَا عَلَى صَهْوَةِ الْخَيَالِ الْجَمُوحِ رَهَقًا مَاتِعًا ..

# أَتَعَجِّبُ كَيْفَ لا يَمُوتُ الشَّاعِرُ بَعْدَ قَصِيدَتِهِ الْبِكْرِ ..!؟ فَالْقَصِيدَةُ الأُولَى كَالْحَبِيبَةِ الأُولَى؛ تَخْلَعُ الْقَلْبَ .. تَنْزَعُهُ .. تُدْلِيهِ عَلَى كَتِفِهَا .. وَتَمْضِي ..!

# لَمْ يَسْتَطعْ سَرِقَةَ قَصِيدَةٍ لَمْ يَنْسجْهَا بَعْدُ .. فَسَرَقَ الشَّاعِرَ نَفْسَهُ ..!؟

# أَجَزْتُ لِقَرِيحَتِيَ الضَّالَّةِ أَنْ تَجْمَعَ بَيْنَ الأُخْتَيْنِ .. بَلْ هِيَ بِمُرُوقِهَا الآبِقِ مَنْ ظَلَّتْ مُغَامِرَةً فِي هَذَا النَّفَقِ ..!

_________________________________

‫#‏من_شذراتي_عنِ_الشعر_الواردة_في_كتبي_الشذريَّة‬.

* حدث في مثل هذا القلب ..

* ربيعٌ على جناحي فراشة ..

* لذاذاتٌ على شفة الرحيقِ..

* مفخَّخٌ الهواء بكِ.

مقالات ذات علاقة

كَعبةُ الرّوح

المشرف العام

بكاء الأرض

فائزة محمد بالحمد

حين غادرنا أبي

مقبولة ارقيق

اترك تعليق