المقالة

معاقل تعذيب الأطفال في ليبيا

 

في الصباح وفي الظهيرة تعبر سيارات نقل المدارس الأزقة والشوارع تطوي بإطاراتها مد الطرقات قاطعة للمسافات . باترة للمساحات . فتقف حيناً وتندفع حيناً تشحن في مستوعباتها الحديدية الأطفال الذين يركبون هذه المستوعبات للوصول لاحقاً الى معاقلهم المدرسية وتنطلق هذه المستوعبات السيارة بعد شحنها ، انطلاق مترنح ، تميل ،وتهتز في سيرها مع ضجيج وازيز ويبلغ الضجيج والازيز والاهتزاز أدمغة الأطفال فيقلبها دوخة وغثيان وهم جالسون على كراسي متهالكة مهلكة نهش إسفنجها وبرزت منها أسياخ من حديد تخدش جوانب من مؤخرات الأطفال تمزق أزياءهم ويلفح هبوب البرد وجوه الأطفال من النوافذ المكسرة والعاطلة فيهيج أنوفهم ويغلق حلوقهم ويقرص وجوههم ، يشعل بعض سائقي هذه السيارات سجائرهم فيغشى دخان السجائر هذه المستوعبات الحديدية فيكتم على أنفاس الأطفال ويخنق مجاري الهواء فيزداد الغثيان غثياناً و الدوار دوارا من ضجيج وازيز وميل وهز ومن جرعة الدخان السامة .

وما ان يصلوا الى معاقلهم بعد طوفان الغثيان . في أدمغتهم وكأنهم في غير الزمان . الذي كان ، فيربطون على أكتافهم اثقال حقائبهم التى احنت ظهورهم اللينة ، اثقال . ينوء بثقلها الحمال . ويدخلون الى معاقلهم المدرسية فيستقبلهم المدراء والمعلمين بالعصي والأنابيب العريضة ليصفوا بها هؤلاء الأطفال في طوابير وذلك كما يستقبل الجلادين سجانيهم ، صفوف الطوابير ، اذا كانت في الصباح فان نصيباً وافراً من برد الشتاء سيضرب مفاصلهم وهم وقوفاً في طابور الصباح ، برداً يشحذ جلودهم الرطبة شحذاً حتى تطفح دماً وذلك تقديراً للنشيد الوطني ولعادة مدرسية ولا تقدير لألم الأطفال من شدائد البرد وإذا كانت صفوف الطوابير في الظهيرة فان نصيباً وافراً من حرارة الشمس الحارقة ستجفف جلودهم الندية وهم وقوفاً في طابور الظهيرة ، حرارة تغلي رؤوسهم وتصهر أجسامهم صهراً وذلك تقديراً للنشيد الوطني ولعادة مدرسية ولا تقدير لأوجاع الأطفال من حرقة الشمس ، يفرض على الأطفال إنشاد النشيد الوطني رغم ان ألسنتهم رطبة ضعيفة لا تنطلق بغريب الكلمات . بل تتعقد ألسنتهم بمعاني الجمل والعبارات . والتي لا تتناسب مع مرحلة نمو النطق لدى هؤلاء الأطفال ، فينطقون مالا يفهمون من كلمات، ثم يصفون الأطفال للدخول تعاقباً وذلك على السواء ومن ينحرف عن سواء الصفوف يلقى الضرب . وينزل عليه كرب ، والى زنازنين الفصول يدخلون . وعلى الخشب الصلب يجلسون . في مقاعد وكراسي منزوعة الأجزاء مشوهة بألوان الحبر وتنفث ألوان الجدران في أرواح الأطفال الكآبة . وتوقظ فيهم الرهابة ، ثلاث ساعات ويزيد ، يجلس الأطفال في جمود . وكأنهم ربطوا بقيود . إلا ما قد يتيحه فراغ قليل بين الحصة والحصة ويؤشر هذا الجلوس على الخشب الصلب ألما ووجعا في أفخاذهم واردافهم ويصل التعذيب . الى دك الأدمغة تخريب . بسبب جهل بعض المعلمين بعلمهم او لعدم وجود علم لدى بعض المعلمين وهذا يوجد بوضوح في ليبيا ، معلم لا علم له ولا معرفة بالمنهج الذي يعلمه ، وغريبا ان يجاز معلم على انه معلم وتلميذ قد يكون اكثر ثقافة ومعرفة من هذا المعلم ومن الأدلة ، تلميذة صغيرة تكتب كلمة ( الإجابة) فتصحح لها الصحيح بخطأ وتقول المعيلمة ان الصحيح ان تكتب (الايجابة ) اي بتحويل همزة الألف الى ياء ، ومن الأدلة ، معيلمة في الحساب اخرجت نواتج لعمليات حسابية ، نواتج خاطئة على انها هى الصحيح وعلمت تلاميذها هذه الطريقة الخاطئة وعند رجوع احد التلاميذ الى بيتهم عرض على والدته درس الحساب وكانت الوالدة متخصصة في الرياضيات ، ذهلت هذه الوالدة وغيرت لابنها الطريقة الخاطئة وغيرت نواتج العمليات الحسابية وأرسلت عبر ابنها الى هذه المعيلمة الطريقة الصحيحة لنواتج العمليات الحسابية وكانت هذه المعيلمة أفضل من غيرها لانها استجابت وأصلحت خطاياها العلمية بتنبيه من والدة التلميذ .

في هذه المعاقل المدرسية يصب البعض من المعلمين غلهم وغضبهم على التلاميذ بضربهم وتعنيفهم بشدة اذا وقع على هؤلاء المعلمين ضغوطاً وتوتراً معيشياً فقد يجد مثل هؤلاء المعلمين طفلاً خارجاً من زنزانة الفصل متوجهاً الى الحمام لقضاء حاجته وبإذن معلمته في الفصل فيضربونه ويمنعونه من قضاء حاجته وقد ينحرف طفل سهوا عن الصف الداخل من الساحة الى الفصل فيتوجه اليه معلم من هؤلاء فياخذ رأسه ويرطمه بعنف علي الجدار حتى يغمى على الطفل وعندما تحين فترة الاستراحة ، تلح حاجات الإخراج البشري على بعض الأطفال فيمسكون إلحاح حاجاتهم رغم الوجع والألم وقد تسبب ذلك الى إصابتهم بأمراض تتعلق بأمراض المسالك البولية والجهاز الهضمي ويرجع ذلك لكراهة دخولهم الى هذه الحمامات الشنيعة الوضيعة المنقطع عنها المياه والمسدود مجاريها والتى فاضت أرضياتها برازا وبولا وتكثفت في اجوائها الروائح المزعجة المفجعة التي تغشى خلايا شم الأطفال التى هى في طور التكوين فتهيجها وتصرع أدمغتهم غثياناً ومن لم يستطع إمساك حاجته من الأطفال يدخل كاتماً أنفاسه ويقضي حاجته على عجل ويخرج صريعاً لدوار كريه ، ولقصر زمن الاستراحة والذي هيئته ربع ساعة فان الأطفال الذين احضروا طعام إفطارهم من بيوتهم فانهم يقطعون بأسنانهم الطعام قطعاً ثم يبلعونه دون مضغ ، قلقاً ورهبة من ان ينقضي زمن الاستراحة فلا يكملون ربع طعامهم ، وإمام المطعم المدرسي يحتشد الأطفال لشراء الأرغفة ولا ينفض الحشد حتى ينقضي زمن الاستراحة وفي المطعم المدرسي يعد طعاماً مغشوشاً ، بأساليب الخداع مرشوشاً ،فتشق الأرغفة ويفرغ السمك المعلب (التن) في إناء ثم يسكب عليه الماء لزيادة كميته ويخلط جيدا لفك تكتله ويفعل ذات الامر مع هريسة الفلفل الأحمر وهى تخلط بالماء لزيادة كميتها مع قليل من الزيت اما اللحم المفروم اذا صادف ووجد في مطعم مدرسي فان وصفه ، الكثير من الشحم المفروم والقليل من اللحم المفروم وبقايا الذبائح ، ثم تدهن هذه المواد دهناً في شقوق الأرغفة وتباع للأطفال ، ومع هذا الغش فان السمك المعلب والهريسة والمشروبات والحلوى وأكياس البطاطا المقلاة ، هى أرخص وأدنى مانضحت به أسواق الغش وهى اردئ ما أنتجته المصانع المتعثرة الخارجة عن الرقابة الصحية .

ويعود الأطفال الى زنازينهم بعد وجبات ردئية ويقضون يومياً من خمس الى ست ساعات جلوس . وانكباب على الدروس . ولاتمنح لهم الاربع ساعة استراحة ، وفي سن الطفولة المتأخرة وسن المراهقة وهى مابين صفوف الإعدادي والثانوي هناك أطفال وفتيات يسود طبائعهم الضعف والتردد وانعدام الحزم الإرادي ويرجع ذلك الى أساليب التربية الخاطئة والنشأة العائلية او ربما التفكك الأسري او ضغوطاً معيشية حيث يتم استغلالهم جنسياً من بعض المعلمين الوافدين الذين وفدوا دون زوجاتهم او بعض المعلمين المحليين الذين تستهويهم الفاحشة

وتتمثل هذه الاعمال التي تجري خفية في الاستمتاع الظاهرى باجساد الأطفال والفتيات استمتاعاً ظاهرياً عن طريق الصدر او الفم او الدبر وتحدث هذه الأمور بدعوة هؤلاء المعلمين لهؤلاء الأطفال والفتيات الى بيوتهم او أماكن خالية في زمن الدوام المدرسي ويكمل هؤلاء المعلمين تبرير غياب هؤلاء الأطفال والفتيات لإدارات المدارس

. هذه وقائع تعليمية تقع مسؤوليتها على السلطات التعليمية والتى تبدأ من وزارات التعليم الى وكلاء التعليم بالمناطق الى إدارات المدارس ويقع مسؤولية الأفعال الشخصية على البعض من المعيلمين والعاملين بهذه المعاقل وليس كل المعلمين فهناك معلمين يتآلمون من ان تكون المدارس ، معاقل وليست مدارس ويتألمون مما يحدث في هذه المعاقل ، ولولا هؤلاء المعلمين الأفاضل القلائل لكانت المعاقل المدرسية معاقل لتعليم الجهل وليست لتعليم العلم والجهل يمكن ان يعلم .

مقالات ذات علاقة

قُباعات

حسن أبوقباعة المجبري

أين ليبيا التي عرفت؟ (6)

المشرف العام

تأملات محمدية

عبدالله الغزال

اترك تعليق