1
نام كما تنام قطة تحلم بسمكة مرجانٍ حمراء، كلما أغمض عينيه فتحهما وتثاءب، يغمضهما وينام، أسهده الليل وسهره، يعدّ غلّ طول السنين علّه يبدد العطش، يرنو إلى الماء البعيد، يمضي يومه في تعبٍ وقلبه في السماء، يضيع بلده من بين أصابعه بين حروبٍ واشلاءٍ.. ليس وفير المال في الكف، أحلامه تترجرج بين نهرٍ من الضوء ينبع من سحائب بعيدة وبين مدارات الكواكب العطشى، سئم من أسى الرحيل والعثار، أفاق في الصباح مفجوعاً، تمثلت له خيالات الأيام الذاوية، سمع أجراس الأحلام لينسى الهوان.. مازال يحلم في عزّ النهار بالبلد الغريب، مازال يحلم في النّهار.
2
يحتقر في اعماقه الطرق الكريهة، فقد وجهه، فقد بلده، فقد شمشمة الزهرات العطرة، لم يسكت قصف المدافع في رأسه، أدرك أنّه يجدف في الزمن الرّخو مذهولاً شريداً، يجدف رانياً للمصير فعسى يفوز بلحظة عيش كريم وتتلاشى الأشباح، يطل بعينيه إلى خلاء فسيح عميق الصمت، لامس الشذى المعطر في الأرض اليباب، لم ينجُ من غدر الزمان كلما اعتم وجه الليل.. يصرخ بأعلى صوته مستغيثاً بموعظة الفجر: يا وشاح الليل كن لي مأمن فقد ضاعت أوطان الجدود.