قصة

ذاكرة زرقاء 4

المطر
المطر

ذات شتاء من شهر فبراير كنّا نتجوّل بالسيّارة وقد أغرانا المطر ودعانا للخروج، فأخذنا طريقًا طويلًا؛ لنستمتع بنقره على الزّجاج صحبة أنغام فيروز. كنّا بمحاذاة البحر عندما تلاقت عيوننا، ومن دون أن نتّفق اتّجهنا إلى هناك.. أمواج عالية.. سماء رمادية.. تلّون الأزرق قليلًا بحمرة التراب، وتعالى صوت هديره …وعندما نزلنا توقّف المطر إلا من زخّات قليلة، وكان البرد شديدًا؛ لكنّه لم يمنعنا من خلع معاطفنا والنزول اليه، فقد بدا دافئًا جدّا وخالف توقّعاتنا. شرح لنا أستاذ الجغرافيا يومًا أنّ البحر دافئ في الشتاء، ولم أقتنع حينها إلّا عندما خَبِرته وتسلّل دفئه إلى جسدي.

 تزاحمت الغيوم، وزادت السماء قتامةً، وعلا إيقاع المطر، فخرجنا من البحر نجرّ ملابسنا التي تشبّعت بالماء، وبدأنا نرتجف من البرد، ثمّ عَدَوْنا مثقلين إلى السيّارة وقد امتلأت أرضيّتها بالماء، ففتحنا المدفأة وضحكنا كثيرًا من جنوننا.

 ونحن في طريق عودتنا، تمنّيت أن أعود إلى البحر مرّةً أخرى، فهو لا يأبه بالبلل ولا ببرد الشتاء فقد كان ممتلئًا ودافئًا.

مقالات ذات علاقة

جنية “دزيرة” الملوك

محمد دربي

وسادة مُثْقلة بالدموع

المشرف العام

الحذاء (الشْلاكة)*      

المشرف العام

اترك تعليق