حنين عمر
أغصان شجرتا السرو في أعلى التلة التي تفصل جزءًا من بيتنا عن بيت الحاج صالح رحمه الله، كُسرت من الريح القوية والمطر والثلج، شعرت كأنها أحلامي التي تركتها معلقة على الشجرة خلفي قد سقطت الآن، ولكن الصورة ذكرتني ببيت الحاج صالح ، وأبنائه، يجازف الحاج صالح بالتضحيات الجسام من أجل ضيوفه من أقاربه، وبناته وأزواجهم، وأولاده وزوجاتهم، كل أسبوع، يضحي بأغلى ما لديه من عشة دجاجاته، أنا أكثر واحدة تعلم كم عددهم وكم عمرهم حتى، فأبي كلفني بهش دجاجات الحاج صالح عن عنبتنا.
كل أسبوع يحز عنق واحدة وقد يتطور الأمر لاثنتين أيضا، حسب ضيوفه، وفي عشة دجاجته يملك ديكا واحدا كان عدد الدجاجات في تناقص مستمر، وفي كل مرة تذبح الدجاجات ولا يضطر لذبح الديك، أشعر أحيانا أنه ذكوري أيضا ويتعمد ذلك، وإلا لماذا لا يذبح الديك أليس الديك من الدجاج أيضا؟!، أمي تعلم أن بيني وبين الديك عداء، فهي تعرف أنه نقرني في يدي ذات يوم كنت أهشه بعيداً عن عناقيد العنب، بغضب، ولذلك فكم تمنيت ذبحه، لا يمكن أمام هذا الزحف البشري الكبير لبيت الحاج صالح ولا تندثر دجاجاته، بل حتى انقرضت فجأة، وذات يوم جمعة صباحي بدا لي الحاج صالح يأمر أولاده بإمساك الديك لذبحه لضيوفه وكان أولاده يركضون خلف الديك وهو يستطرد قائلا: (يا والله حاله جيتوا الكل؟!).