“درسٌ قبل الموت”.. رحيل إرنست غينس راوي حكايات الأميركيين الأفارقة
توفي الروائي الأميركي أرنست غينس -مؤلف كتاب “السيرة الذاتية للسيدة جين بيتمان” وغيرها من الروايات عن صراعات الأميركيين من أصل أفريقي- بالسكتة القلبية أثناء نومه في منزله بولاية لوس أنجلوس، عن عمر يناهز 86 عاما.
وكان غينس (15 يناير/كانون الثاني 1933-5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019) مؤلفا أميركيا معروفا، ودُرّست أعماله في الفصول الدراسية وترجمت إلى العديد من اللغات، بما في ذلك الفرنسية والإسبانية والألمانية والروسية والصينية، وتحولت أربعة منها لأفلام تلفزيونية.
فازت روايته الصادرة عام 1993 بعنوان “درسٌ قبل الموت” بجائزة الدائرة الوطنية الأميركية لنقاد الكتاب عن الخيال، وكان غينس زميلا لمؤسسة ماك آثر (MacArthur) التي حصل منها على منحة مالية للتفرغ لأعماله الأدبية، وحصل كذلك على الميدالية الوطنية للعلوم الإنسانية، ونال وسام الفنون والحروف الفرنسي.
تدور رواية “درسٌ قبل الموت” -وهي روايته الثامنة- حول قصة ويلي فرانسيس، وهو رجل أسود حكم عليه بالإعدام بالكرسي الكهربائي مرتين، وينتظر موته بسبب جريمة لم يرتكبها، وأصبحت لاحقا من الأكثر مبيعا.
وقالت زوجته ديان غينز يوم الثلاثاء “بصرف النظر عن كونه موهوبا للغاية، فقد كان شخصا جيدا”.
وفي عام 1971، نشر غينس الرواية التي لفتت الانتباه إليه “السيرة الذاتية للسيدة جين بيتمان”، حيث روى قصة امرأة سوداء ولدت في ظل العبودية ولكنها عاشت فترة كافية لتشهد عصر الحقوق المدنية، وتم تحويلها لاحقا لفيلم تلفزيوني عام 1974 من بطولة سيسلي تايسون، فاز بتسع جوائز إيمي.
وقال غينس في وقت لاحق إن قصة “جين بيتمان” الخيالية كانت على غرار خالته المعاقة التي ألهمته، ولم تكن تستطيع المشي، لكنها كانت قوية بما يكفي لتربية الأسرة.
ونشر أيضا رواية أخرى هي “تجمع الرجال الكبار السن”، وهي قصة تدور حول مجموعة من الرجال السود المسنين الذين يشاركون قصصا عن حياتهم في ولاية لويزيانا الريفية، صدرت عام 1983، وتم تحويلها إلى فيلم عام 1987.
سيرة تشبه الرواية
كان غينس من الجيل الخامس لعائلة المزارع الذي ولد في مزرعة في أبرشية بوينت كوبيه بولاية لويزيانا الأميركية، وكان أكبر 12 طفلا، وتربى على يد خالته التي أصيبت بالشلل وكانت تضطر إلى الزحف للالتفاف حول المنزل.
وعلى الرغم من أنه من الأجيال المولودة بعد نهاية العبودية، فقد نشأ غينس فقيرا، يعيش في أماكن عبيد قديمة في مزرعة، لكنه لم يكن يحصد القطن من الحقول.
ودخل غينس المدرسة القريبة حيث كان المعلم الزائر يأتي من خمسة أشهر إلى ستة في السنة لتوفير التعليم الأساسي للأطفال التلاميذ، وأمضى ثلاث سنوات في مدرسة القديس أوغسطين، وهي مدرسة كاثوليكية للأميركيين ذوي الأصل الأفريقي في نيو رودز بلويزيانا.
ولم يستمر تعليم الأطفال الأميركيين من أصول أفريقية إلى ما بعد الصف الثامن خلال هذه الفترة في أبرشية بوينت كوبيه، بحسب ويكيبيديا.
وعندما كان عمره 15 عاما، انتقل غينس إلى فاليجو كاليفورنيا للانضمام إلى والدته وزوجها الذي غادر لويزيانا خلال الحرب العالمية الثانية.
وكتب الراحل روايته الأولى عن عمر يناهز 17 عاما، ولفها بورق بني وربطها بالخيوط وأرسلها إلى ناشر من نيويورك فرفضها وأحرق المخطوط، لكنه أعاد كتابتها لاحقا لتصبح “كاثرين كارمير” أولى روايته المنشورة.
في عام 1956، نشر غينس قصته القصيرة الأولى “السلاحف” في مجلة لجامعة ولاية سان فرانسيسكو التي حصل منها على شهادة في الأدب، وبعد أن أمضى عامين في الجيش حصل على “زمالة كتابة” من جامعة ستانفورد.
من عام 1981 حتى تقاعده عام 2004، كان غينس كاتبا مقيما في جامعة لويزيانا بلافاييت، وفي عام 1996، قضى فصلا دراسيا كاملا كأستاذ زائر في جامعة رين بفرنسا، حيث درّس أول فصل في الكتابة الإبداعية على الإطلاق في نظام الجامعات الفرنسية.
في السنوات الأخيرة من حياته، عاش غينس على طريق لويزيانا السريع في أوسكار بولاية لويزيانا، حيث بنى هو وزوجته منزلا على جزء من المزرعة القديمة في مكان قريب من مسقط رأسه قبل عقود طويلة.