في مساء عمَّاني جميل ومن على أعلى بناية في تقاطع الشهيد فراس العجلوني تطل على بانوراما مسائية للجمال الشرقي لمدينة عمان، ومن على شرفة منتدى السعادة كان الاحتفاء بالشاعر الشاب عادل الخطيب واصداره كتابه: “نقش على شفا غيمة”، هذا المولود الذي صرخ صرخته الأولى منذ فترة قريبة ولعلها صرخة تنتظر صرخات مواليد آخرين، وعبر 124 صفحة صدرت عن دار يافا العلمية/ عمّان، كانت نصوص عادل تتألق بين دفتي الكتاب، هذا المنجز الذي قدمت له الشاعرة الرقيقة نبيلة حمد، فجالت الشاعرة نبيلة في روح عادل التي سكبت هذه الحروف شعرا ونثرا، فتمكنت أن تلتقط بوح الروح وهمسها وأحاسيس الشاعر، والتقط من بوحها سطرا قالت فيه: “في ديوانه يستبيح الشاعر الوان الحياة ليرسلها أناشيد فتية الإحساس لا يكبلها الخذلان ولا تحددها الجغرافيا”، وفي حفل الاشهار والاحتفاء تولت عرافة الأمسية الشاعرة الألقة أميمة يوسف، هذه الأنثى الشاعرة التي كانت امرأة “كالوطن كرامة وكالزمن عراقة وكالقهوة نكهة” وهي تعزف الكلمات في برنامج الحفل وبين الفقرات كمن تعزف على أوتار كمان جميل القصيد، حتى همست لها حين انتهى الحفل: حاولت اصطيادك بخطأ وأنا استمع لشدوك فلم أستطع.
الصديق د. فادي المواج الخضير قدم شهادة ابداعية كانت أشبه بقصيدة شعر، وهو الأديب المتمكن من لغته باقتدار، حتى همست له حين انهى شهادته: أنت يا صديقي كنت قصيدة وستبقى، وقدم د. علي غبن قراءة نقدية متمكنة تدل على قراءة متعمقة للكتاب الذي احتوى النصوص، وليس مجرد قراءة عابرة كتاب كما اعتدنا من البعض، وقدم د.سامي دويكات شهادة انسانية بحق عادل الخطيب، ليختم الحفل بقراءة من الطفلة الموهوبة ألما البيطار لقصائد من الكتاب تحفظها غيبا.
قرأت النصوص بتمعن ووجدت تألق الشاعر في “نقش على شفا غيمة” مبتدئا بنص لمدينة عمَّان والتي تستحق هذا الحب من عادل ومن أحبتها وعشاقها، محلقا في فضاء الشعر ما بين فضاء الوطن وفضاء المرأة والحلم بالمقاومة، الحلم بفلسطين التي تسكنه، وأن العودة لا بد منها وأن المحتل لا بد أن يرحل، والحق سيعود لأصحابه، فنجد فلسطين ورفض الخيانة ثيمة تتكرر في نصوص عادل، حتى أنه أورد عدة نصوص بالعامية الفلسطينية المحكية، ورثى امه بقصيدة ووالده بقصيدة وأخيه بقصيدة، وبكى حين قرأ رثاءه لأخيه، ولم ينسى ألآم الأسرى وصمودهم، وحزن على الشام وما تتعرض اليه، ولم ينسى المخيم الذي ضمه منذ الطفولة.
الكتاب كما اشرت في البداية ضم القصيدة العمودية والنثرية، وافرد مساحة للشعر باللهجة العامية الفلسطينية ومساحة أخرى للنثر، ليترك آخر مساحة بكتابه الذي ضم روحه لما بات يعرف تحت عنوان: ومضات.. فكان كتاب عادل واحة لراحة القارئ، هو ابتعد عن التعقيد والغرائبية، وكان مباشرا في نصوصه مبتعدا عن الرمزيات المغرقة، وكأنه يهمس للقارئ: انا في نصوصي كما في حياتي مباشر وبسيط وبعيد عن التعقيد، فعادل الخطيب اهدى كتابه لروح أمه وأبيه، وخاطب احبته في الافتتاحية فقال في نهايتها: “ههنا، أقدم مزيجا مما جادت به النفس من كلمات فياضة يملؤها الحب والعشق لأوطاني وناسي، أنتم الأوطان والناس، ها أنا اهديكموني، فاقبلوا مني شذاكم واقبلوني ها أنا.