لوحة الساعاة لسفادور دالي (الصورة: عن الشبكة).
المقالة

الوقت…

لوحة الساعاة لسفادور دالي (الصورة: عن الشبكة).
لوحة الساعاة لسفادور دالي (الصورة: عن الشبكة).

كان أبي يضبط مواعيده على توقيت إذاعة لندن.. كانت ساعة الجوفيال السويسرية التي تلتف حول معصمة يراهن بها المشككين في حساب الوقت..
قبل موعد عمله بنصف ساعة يلمع حذاءه العسكري ويتفقد بدلته وحزامه..وفي الموعد المحدد يكون أمام دفتر أحوال مركز الشرطة.. 
أمي كانت هي الأخرى تنتظر سي حسين مؤذن المسجد الوحيد في قريتنا لرفع آذان الظهر كي تبدأ في إعداد وجبة غداء والدي.. 
سي حسين كان يعتمد على خبرته وفراسته في معرفة دخول وقت الصلاة.. كان دقيقا في معرفة وقت الزوال ووقت الشروق وكل مواقيت الصلوات.. ليست لديه ساعة وليس للمسجد ساعة..
المزارعون يدوزنون مواقيتهم بعفوية مدهشة.. فعندما يعود سي مسعود من بستانه وقت الغروب ندرك أن وقت صلاة المغرب سيحين حالما يرمي فأسه ويصطدم بالصخرة الكبيرة أمام بيته.. 
إلى عهد قريب كنا نضبط أوقاتنا على برنامج الرياضة الصباحي الذي كان يعده ويقدمه عبقري الكرة محمد بالراس علي على تمام الساعة الثامنة إلا عشر دقائق.. وكنا ننام عقب برنامجه الليلي الذي يتوافق مع الساعة العاشرة وخمس دقائق.. كانت الإذاعات حريصة على الوقت فالموعد موعد.. 
إذاعات اليوم تشبه الرغاطة.. النشرة التي على رأس الساعة قد تتأخر نصف ساعة .. وبرنامج فن الشعب لا يأتي في موعده المقرر له حسب الخطة البرامجية .. والحصة الرياضية على رأي التوانسة تتأخر كثيرا.. وهكذا هي إذاعاتنا المحلية على وجه الخصوص لا تحترم المواعيد.. ولهذا فإن ساعاتنا غالبا لا تتوافق في توحيد الزمن.. مثلما كان الآباء يضبطون ساعاتهم على توقيت بيق بن اللندنية..

مقالات ذات علاقة

ما لهم لنا من ميراث الغناء العربي

زياد العيساوي

فقرة ناقصة مهمة بمهرجانات التراث

المشرف العام

كيان

منصور أبوشناف

اترك تعليق