أرجوكم، لاتغضّوا النظر عن التفاصيل!!
عندما يكون الصراع واضحا لا لبس فيه…..
بل ويكفيك الخصم نفسه فيه مغبّة أية تكهنات حول نواياه التى تهدف الى العكس تماما مما يريده الغالبية الساحقة من الناس، وذلك بأن يعلن لك تقييماته وتصنيفاته وأهدافه واضحة جلية، رغم تغطيتها بطبقة من حلوى الدين واقامة شرع الله، الذى هو فى واقع الامر اقامة سلطته هو، الدنيوية المحضة.
عندما يحدث ذلك، فان أى حياد، أوأية محاولة للتبرير تصبح تواطؤا مع الخصم، وتبريرا لجرائمه ببعض من تفسيرات مغرضة وفاسدة لآيات القرآن الكريم!!
هذا ما فعله بعض مشائخ الاسلام (الوسطيين) لدينا اثر خروجهم للحديث فى القنوات حول المعركة الشرسة التى جرت ليلة الجمعة الماضية بين قوات الشرطة – وبعد ذلك بمساندة قوات الصاعقة وقوات البحرية والجيش- وبين قوات تنظيم أنصار الشريعة التى تعلن – بوضوح – موقفها المعادى للجيش والشرطة والحكومة وكل مؤسسات الدولة، وتعلن -بذات الوضوح- أنها لاتعترف بها وأنها ستقاتلها حتى النهاية.
يبدأ هؤلاء الشيوخ حديثهم بالمدخل المعتاد حول أهمية درء الفتنة بين أبناء الوطن الواحد، مستشهدين على ذلك ببعض الآيات القرآنية، ثم يعرجون على حرمة القتال بين المسلمين (بغض النظر عمن كان البادئ فالقاتل والمقتول فى النار) ثم يردفون بالقول انهم لا يريدون (الدخول فى التفاصيل)!!
وهنا مربط الفرس!!
وبالرغم من أن بعضهم لا يحتاج أن (يغضّ) النظر لانه (أعمى) عن رؤية الحقائق، الاأن التفاصيل هنا مهمة جدا، والتغاضى عنها هو احدى أكثر الوسائل استخداما للهروب من اتخاذ موقف!!
ولكن دعونى أنا أحكى لكم عن التفاصيل، لاننى لاأملك سببا واحدا يدعونى الى غض النظر عنها!
لقد اندلعت المعركة اثر قبض أجهزة الشرطة على سيارة مليئة بالاسلحة يقودها شخص أجنبى (معظم المعلومات تقول انه أفغانى أى من كعبة القاعدة)، وهو شخص تم تتبّعه وتم القبض عليه فى فيلا بين منطقة الحدائق وأرض لملوم، وتم نقل هذا المتهم الى مقر مديرية الامن فى بنغازى!
هنا يبدأ العمل الحربى!
فالعمل الذى تم القيام به حتى الآن هو عمل (بوليسى) مدنى! لقد أرسل تنظيم أنصار الشريعة 50 سيارة مدججة بالسلاح الى مقر المديرية، وبدأوا بقصفها بكل ما لديهم، فى محاولة لتحرير رجلهم،واستمر القتال – الذى هبت فيه قوات الصاعقة لنجدة اخوانهم من رجال الشرطة- الى أن تم دحر الهجوم ودفعه الى التقهقر.
هذه هى التفاصيل التى يفضل مشائخنا الداعين الى درء الفتنة (غض) النظر عنها! وهم يريدون بذلك تضليل الناس عن حقيقة الواقعة ووضع كلا المتقاتلين فى سلة واحدة يرسلونها-بختمهم- الى النار!
هؤلاء لايعدون أن يكونوا هم الذراع الاعلامى للارهابيين، مهما تمسّحوا بآيات القرآن الكريم، حتى ولو لم يكونوا موظفين فى مؤسسة الراية التى هى الذراع الرسمى!
ادخلوا فى التفاصيل ولا تغضوا النظر عنها، فالشيطان-كما يقال- يكمن فى التفاصيل، ولا تنخدعوا بزخرف قولهم عن الفتنة، فالفتنة لا تخلق نفسها، وعلينا أن نعرف (من) من الطرفين أيقظها.
هل يمكن مساواة رجل أمن يقوم بمهمته فى حماية المواطنين ويضطر للدفاع عن نفسه ضد القصف والرصاص بمعتد ارهابى متطرف يكفّر الدولة والمجتمع جاءه صائلا الى مقر عمله ليهدمه على رأسه؟؟
هل يمكن مساواة رجال الصاعقة الذين يدفعون حياتهم كل يوم دفاعا عنّا بأولئك الذين قرروا – فى ذكرى وفاة زعيمهم بم لادن – أن يطلقوا حملة عسكرية ضد قوى الامن سموها: فجر بنغازى لتحريرهامن الصاعقة والشرطة المرتدة؟
الارهاب ظاهر واضح، ولا يحتاج تبرير نفسه، فمن يقوم بالتبرير له هم بعض شيوخنا الوسطيين الذين لا يريدون أن يتخذوا موقفا منحازا للحق، لانهم – فى جوهرهم – مع الارهاب ضد الحق!!
أما أولئك منهم من يتحدثون عن الحشاشين ومتعاطى الخمور فى قوات الصاعقة فى محاولة لتدمير سمعتهم وابتزاز عواطف الناس الدينية والاخلاقية ضدهم، فهم يقومون بأهم ركن فى العملية الارهابية ذاتها، انهم يشحنون الناس ضد من يحميهم، ليصبحوا دون حماية فيسهل اصطيادهم، وهو عمل لاعلاقة له بالانحيازللاخلاق والدين ضد العصاة من المسلمين بل هو عمل يستهدف (المؤسسة) العسكرية فى جوهرها حتى ولو كانوا أعضاءها نموذجا فى التقوى والصلاح!!
انتبهوا أيها السادة الى معسول القول، وكما يقال: اللهم أكفنى شر أصدقائى، أما أعدائى فأنا كفيل بهم! … وعلى ذات السياق ندعو: اللهم أكفنا شر شيوخنا الوسطيين، الواقفين فى المنطقة الرمادية، أما الارهابيون فنحن كفيلون بهم.!