عمر الكدي
كلب جدي
ذات مرة أحضر جدي معه جروا
أسود اللون مع بياض أسفل عنقه
كنت أقدم له الحليب وألاعبه
قبل أن يصبح خلال شهور كلبا كبيرا
فيسمح لي بركوب ظهره لأقطف الثمار العالية
أطلق عليه جدي اسم لويجي
وعندما استوضحناه عن الاسم
قال أنه صديقي وأخي
ينحدر من جبال صقلية
ضخم الجثة ولكن قلبه قلب طفل
صوته أجش وضحكته مجلجلة
يحب النساء والنبيذ والأكل اللذيذ
أصيب في معركة بجبال البانيا
فحملته على ظهري
وانحدرت به جبلا شاهقا
وعندما وصلت به إلى المسعفين
قالوا لي “مورتو”
وأنا أنحدر به من الجبل قال
سلم لي على أمي
وقل لها إنه مات كما كان يتمنى ثم سكت
أغلقت عينيه وعدت مسرعا إلى الجبل
اقتحمت خطوط العدو
لا أدري كم قتلت تلك الليلة
لكنني لم أتوقف عن إطلاق النار
حتى أصبت في صدري
كنت أعتقد أنني سألحق به
لكنني استيقظت في المستشفى
كانت الرصاصة قد مرت قريبا من قلبي
ونفذت من ظهري
كانت جدتي تنادي الكلب باسم نويجي
فيرقد تحت مسداها وهي تدق خيوط الصوف
وينصت إلى غناءها بينما لا يفوته صوت حول البيت
عندما يزدحم البيت بالأطفال والنساء
أو عندما يشتد الحر ويرتفع صوت البوزنان
يهرب إلى بيت الحفر ويخرج مع آذان العصر
ليبول على جذوع الزيتون وعلى حجارة الحد
ومنذ أن وصل لم يقترب من بيتنا
لا الضباع والذئاب ولا القطط ولا البشر
ينادون من بعيد فنشير لهم بالقدوم
فيتراجع لويجي ويسمح لهم بالمرور
مات من الشيخوخة بعد أن بلغ الرابعة عشر
وضع رأسه في حجر جدي
ومن حين إلى آخر
يرفع رأسه وينظر إلى جدي
وكأنه يعتذر عن الرحيل
دفناه تحت شجرة اللوز
التي تعود أن يحك ظهره على جذعها.