متابعات

جامعة طرابلس تستضيف ملتقى الأدب والنقد في ليبيا

انطلاق فاعليات ملتقى الأدب والنقد في ليبيا : الدورة الرابعة

استضاف مدرج رشيد كعبار بجامعة طرابلس صباح يوم الثلاثاء 26 من شهر ديسمبر الجاري الدورة الرابعة من ملتقى الأدب والنقد في ليبيا تحت شعار (تمثلات الهم الوطني في الخطاب الأدبي الليبي منن تنوع المقول إلى تمايز القول)الذي يمتد لثلاثة أيام متتالية، وذلك بحضور لفيف من الكتاب والأدباء والمهتمين بالحركة النقدية الأدبية، وأدار وقدم الجلسة الافتتاحية الإعلامية “سعدة الهمالي” التي استهلت بتلاوة بينات من القرآن الكريم، والنشيد الوطني تلتها كلمة للدكتور “عبد الله مليطان” رئيس اللجنة التحضيرية للملتقى حيث أوضح من خلاله أنه إذا كان الأدب في بعض ملامحه وصوره هو مرآة للمجتمع فإن الكتابة الأدبية إبداعا كانت أم نقدا ما لم تكن نابعة من عمق المجتمع ومعبرة عنه وراصدة لواقعه لا قيمة ولا معنى لها، مؤكدا بأن الكلمة التي لا تُنزل من البروج العاجية لمعرفة الواقع والاقتراب من تماس معاناته ومرارته ليست كلمة يُعوّل عليها، مشيرا كذلك إلى أن الكاتب الذي لا يُساهم في رسم صورة الواقع الذي يعيشه ليعيد رسمها وتشكيلها بإحساسه ونبض مشاعره ساعيا للعمل على تفكيكها وإعادة صوغها بما يرتقى بمجتمعه ويحقق تطلعاته لن يكون فاعلا مؤثرا في محيطه المجتمعي، ولا تعدو كتاباته أكثر من مجرد تغريب لا صدى لها إلا لديه كما أضاف الدكتور مليطان أن اللجنة العلمية للملتقى قد ارتأت أن تعتمد مقترح الدكتور إبراهيم أنيس” كموضوع للدراسة والبحث في دورة هذا الملتقى نظرا لارتباط محاوره بالشأن الذي يُعنى بواقع الحال.

بدورها أكدت السيدة “مبروكة توغي عثمان” وزير الثقافة والتنمية المعرفية على أن وزارة الثقافة تتشرف بالمشاركة ضمن فعاليات هذا اللقاء العلمي، وهي فرصة للاستماع إلى مداخلات البُحّاث في مجاليّ النقد والأدب التي تُعتبر من أهم ركائز العمل الثقافي، وأحد المنابع التي تساهم بشكل كبير في ثرائه وقيمته، وأشادت بالقول : إن أعمال الأساتذة الأدبية والنقدية واللغوية تتصدر المنجز العلمي والفكري الليبي ضمن نطاق الشعوب الشقيقة والصديقة وبه تتكون هويتنا الثقافية والأدبية لتنسج وتصاغ دائرتنا الأدبية، وأكدت السيدة توغي بأن وزارة الثقافة حرصت على مدى عقود طويلة على نشر أعمال الأدباء والكتاب والشعراء والمفكرين ورسمت بهم في المحافل الدولية صورة مشرقة لليبيا وأدبها وثقافتها بوجه عام، وقد سعت، وبيّنت السيدة توغي أيضا أن وزارة الثقافة سعت ولازالت أن تكون الراعي الأول للمنجز الأدبي والنقدي الليبي برغم كل الصعوبات والعراقيل تلتزم وزارة الثقافة بواجبها إزاء الأدباء والكتاب الليبيين حسب المتاح من الامكانات ولن تتخلى الوزارة مطلقا عن هذا الدور وفقا للاختصاص، فيما أعقبتها كلمة للدكتور “سليمان زيدان” رئيس اللجنة العلمية الذي أشار من جانبه أن لمسمى هذه الفاعلية المنتظرة دلالات عدة فلم يسمى مؤتمرا أو ندوة أو ورشة بل ملتقى انطلاقا من أن الغاية تستهدف بأن يكون ملتقى جامع للشعر بأنواعه الثلاث وللأجناس الأدبية الأخرى كما أوضح الدكتور زيدان أن هذا الملتقى كان وسيلة لغاية هي الملتقى الإنساني للمؤتمر الوطني فاجتمع فيه شمل الليبيين، واختتمت الكلمات بكلمتيّ الدكتور “خالد عون” رئيس جامعة طرابلس، وكلمة المشاركين التي ألقتها الدكتورة “حليمة امبيص” عن جامعة سبها.

السرد ما بعد الكولونيالي في رواية صندوق الرمل
بينما انعقدت في توقيت لاحق أعمال الجلسة العلمية الأولى التي ترأسها الدكتور “إسماعيل القروي”، وشارك فيها كل من الدكتور “إبراهيم الكاسح بورقة حملت عنوان (السرد ما بعد الكولونيالي في رواية صندوق الرمل) الذي أشار أن عنوان مبحثه يرتبط بمنهج نقدي ما بعد حقبة الاستعمار، مبينا أن مسألة تخيِّر أي منهج نقدي محدد لا يعني بأن النص لا يُقبل إلا في إطار هذا المنهج ولا ينفتح إلا على هذه المقاربة مؤكدا أن النص الروائي يفتح ذراعيه لمقاربات عديدة ولمناهج وأدوات تحليل متعددة، وتساءل الدكتور الكاسح لِمَ يُفضل هذا المنهج على غيره ولمَ نميل إليه ونعرض عن غيره، وأجاب بالقول : إن النص الأدبي يقدم ثيمة مركزية هي التي تدعو إلى تخيّر هذه المقاربة وتقديمها على غيرها، وهذا ما كان في نص رواية (صندوق الرمل) للروائية “عائشة إبراهيم”، وأضاف قائلا : إن نص صندوق الرمل يمكن مقاربته من جهة محكيّه، ويُمكن كذلك النظر إليه من جهة خطابه وحكيه علاوة على النظر إلى النص من وجهة نظر تداولية تتجاوز الخطاب والحكي إلى مسألة السياق وارتباط الكاتب بالمتلقي.

تنازعات الوطنية في الروايات الكونية
من جهته شارك أيضا الدكتور “سليمان زيدان” بورقة بحثية جاءت بعنوان (تنازعات الوطنية في الروايات الكونية)، وارتكز مضمون ورقة الدكتور زيدان على تجربة الكاتب “إبراهيم الكوني” الروائية، وبيّن الدكتور زيدان بالقول : إن الكوني كان له كم كبيرا من الكتابات بما يفوق حتى الحيّز الزمني، وهذا يُقلل حسب الدكتور زيدان من الحيز الزمني للقراءة لدى المتلقي كونه يمتاز بزخم كبير، وأضاف الدكتور زيدان بأن الإنسان كيان مالك لميزة الإدراك وهذا المزية تلزمه أن يكون ضمن مجتمع ما، وأن يخاطب المجتمع لا أن يخاطب نفسه، ولكن قد يخاطب المجتمع من خلال ذاتيته، وأوضح الدكتور زيدان بأن الروائي الكوني لديه قدرة كبيرة على السرد بيد أنه أي الكوني يُصرّ على أن يسرد للقارئ سردا ينتظره سرد آخر، ووصف الدكتور زيدان بأن الكوني لم يشأ أن يكون بمنأى عن فكرة الانتماء الجمعي لمُكوِّنه العرقي، وهو بُعد لا غضاضة فيه لكنّ الإشكال يكمن في أن الكوني شاء أن يكون مزدوج الأوطان متعدد الوطنية، وهذا الأمر لم يُصرّح به الكوني في خطابه الرسمي بقدر ما كان التصريح عن طريق أحداث رواياته وألسنة شخوصه.

القصد التخاطبي للعنوان ومناسبته للمقصد
كما شارك كذلك الدكتور “محمود ملودة” ورقة بحثية بعنوان (القصد التخاطبي للعنوان ومناسبته للمقصد في روايتيّ -وميض في جدار الليل، والسهل- للروائي أحمد نصر دراسة تداولية)إذ أشار الدكتور ملودة إلى مجموعة من الأساسية في دراسته لروايتيّ أحمد نصر ووفق الدكتور ملودة تتم المقاربة بالمنهج التداولي انطلاقا من أن التداولية تضمن حل المسائل من وجهة نظر المتكلم والمُخاطب معا فمن وجهة نظر المتكلم المشكل هو التصور والتخطيط ومن وجهة نظر المُخاطب فإن المشكلة هي مسألة تهويل، وأوضح الدكتور ملودة أن مبحثه ينحصر في البحث عن المناسبة ما بين المقصد التخاطبي للعنوان والمقصد التخاطبي النصي فكل الدراسات التي تناولت عناوين الروايتين ركزت على مناسبة العنوان للنص الروائي، ويضيف الدكتور ملودة أن ما توصلت إليه تلك الدراسات يتمثل في معطى أولى معروف سلفا، وأردف قائلا : إن العنوان لا يمثل النص فقط بل تمثيل للمقصد الذي يسعى المؤلف إلى توصيله للقارئ وتمرير خطابه من خلاله، وضمت الجلسة العلمية الأولى أيضا مشاركة كل من الدكتور “حليمة أحمد امبيص” بورقة بعنوان (السرد وتشكل الهوية في رواية قصيل).

السرد وتشكل الهوية في رواية قصيل
وأضأت الدكتورة حليمة في ورقتها على جملة من الأعمال الروائية التي استهدفت في مجملها قيم تأصيل الذات عبر بناء صرح معرفي للإنسان وهويته وثقافته ماضيا وحاضرا ومستقبلا بشتى الصور والرموز الدالة المعبرة عن خصوصية ثقافية وحضارية ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، كما استدلت الدكتورة حليمة بالإشارة إلى أن الهوية قد شغلت مساحة واسعة من نتاج المبدعين خصوصا تلكم النصوص التي أولت هُوية المكان عناية خاصة وجعلته ملمحا يسمو عدد من المتون الروائية الليبية على غرار رواية قصيل للكاتبة عائشة إبراهيم حيث أولت قصيل المكان مدينة بني وليد قديما وحديثا أهمية خاصة عبر سرد ينتقل من العموم إلى الخصوص وترى الدكتور حليمة أن السرد في قصيل لعب دورا مهما في تحديد هوية المكان الليبي، مضيفة بأن خطاب رواية قصيل يتميز بالعودة إلى الذات والتمسك بها والارتباط بالأرض والوطن.

الأنساق الثقافية في الرواية الليبية المعاصرة
واختتمت الجلسة العلمية الأولى بمشاركة للدكتورة “أمينة هدريز” بورقة عنونتها (الأنساق الثقافية في الرواية الليبية المعاصرة -الكلب الذهبي- للكاتب منصور أبو شناف أنموذجا)حيث تناولت الدكتورة هدريزة في ورقتها البحث عن الأبعاد والأنساق الثقافية في الرواية عبر انطلاقة أنساق التحولات الأسطورية والأنساق الأيديولوجية والأنثربيولوجية والأنساق الكولونيالية، وكيفية تشكل تلك الأنساق المضمرة والمتوارية خلف نسيج لغوي للنص السردي في الخطاب الروائي، وأضافت الدكتورة هدريز: البحث في المقابل يتطرق لمسألة دور الأنساق المذكورة في بلورة خطاب ثقافي في الرواية، وتوضح الدكتورة هدريز بأن بحثه خلُص إلى وجود أنساق ثقافية للتحولات عبر الأسطورة أو الأمثولة جعلت الكاتب بتلك الرموز تتحرك سرديا ضمن العناصر الطبيعية الأربعة كالماء والهواء والنار والتراب، ولفتت الدكتورة هدريز إلى أن البحث يحاول الكشف عن الأنساق المضمرة تتناول أنساقا أيديولوجية وأنثربيولوجية، وأنساق ما بعد الكولونيالية محركها الأساسي ممثل في التحولات.

مقالات ذات علاقة

محاضرة تُلقي نظرة على هجرة الأندلسيين لليبيا

مهند سليمان

طرابلس تحتفي بالشعر

ناصر سالم المقرحي

جامعة طرابلس تحتضن احتفالية اليوم العالمي للترجمة

مهند سليمان

اترك تعليق