الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان
نظم مجمع اللغة العربية بطرابلس صباح يوم السبت 26 من شهر أغسطس الجاري ضمن البرنامج الثقافي والعلمي للمجمع لعام 2023م حفل توقيع الكتاب المعنون (قصص قصيرة للكاتب التركي عزيز نيسين) الصادر حديثا من ترجمة الدكتور الباحث “عبد الكريم أبو شويرب”، وتخلل الحفل الذي قدمه وأداره الدكتور “‘عبد الحميد الهرّامة” رئيس مجمع اللغة العربية كلمة ألقاها المترجم الدكتور أبوشويرب حيث استهل حديثه بالتعريف بالكاتب “عزيز نيسين” مشيرا إلى أنه ليس أول ولا آخر من ترجم قصص نيسين للغة العربية فالقاص التركي يعد من أبرز كتّاب القصة القصيرة في تركيا فتعد أعماله الأكثر ترجمة قياسا بالأدباء والكتاب الأتراك فقد تُرجمت قصصه إلى ما يزيد عن خمسين لغة من لغات العالم بما فيها اللغة العربية، وأضاف الدكتور أبوشويرب بأن نيسين برع في كتابة القصة القصيرة والطويلة، والرواية والمسرحية، والشعر أيضا، ومنذ عدة سنوات كنت أجمع وأسجل ما ترجم من أعماله إلى العربية، وأوردت قائمة بذلك حتى لا يحدث تكرار ترجمتها، وبناء على هذا الترتيب اخترت وانتقيت ما لم يترجم منها قبلا.
خصائص القصة لدى عزيز نيسين
بينما تناول الدكتور أبوشويرب جوانب من علاقته وتواصله بالقاص نيسين موضحا بالقول : لقد قابلت عزيز نيسين ثلاث مرات خلال زياراتي لمدينة إسطنبول، الأولى كانت عام 1972م في مكتبة دار النشر بمنطقة الباب العالي الذي كان مقرا لاجتماعات الوزراء والسلطان والصدر الأعظم إبّان عهد الدولة العثمانية، مستدركا بالقول : تلك كانت أوج سنوات شهرة عزيز نيسين كونه كان يتبوأ منزلة مهمة بين أقرانه من الكتاب والأدباء الآخرين بغزارة الإنتاج، وبيّن الدكتور أبوشويرب بأن ذاك العهد ذاع فيه صيت العديد من اليساريين من شعراء وكتاب وأدباء وفلاسفة بالتوازي مع حركة مد الأحزاب الشيوعية وما تفرز من دعاية سياسية وقتذاك، ولفت الدكتور أبو شويرب إلى أنه لم يكن قبل زمن قد قرأ الكثير من الأدب التركي المعاصر أو تتبع إصداراته الأخيرة، وأوضح قائلا : كان هدف التقائي بالكاتب المذكور مجرد لقاء بكاتب مشهور لكي أحظى بتوقيع أوتوغراف منه فقط، ولم يخطر ببالي قط أنني سأنبش يوما ما مفتشا عن مناقبه وإنتاجه الأدبي وأترجم له، فيما توقف الدكتور أبو شويرب عند خصائص وسمات القصة لدى عزيز نيسين قائلا : نيسين قاص يمتاز أسلوبه الكتابي بالسخرية فقصصه ينتزعها من مآسي المجتمع، وما يتعرض له المواطن من ظلم وصلف ومتاعب، فهي ليست كوميدية ولا تراجيدية بقدر ما هي حقائق مصدرها ومعينها معاناة من قابلهم بالسجن أو المنفى أو في الأسواق، وفي الثكنات من جنود أو في المصالح والدوائر الإدارية، مؤكدا بأن نيسين شكل بمعية “ناظم حكمت”، و”يشار كمال”، و”تشاتين ألتان” ما سماها بقمة الجبل الثلجي المرئي لآهات التململ الشعبي ضد الظلم والفساد السياسي.
21 قصة ليبية قصيرة تُرجمت للتركية
كما عرّج الدكتور أبو شويرب على لقائه الثاني بالقاص نيسين ذاكر بأنه كان عام 1987 بمبنى سكنه المسمى (وقف نيسين)، وهو عبارة عن مدرسة داخلية أنشأها القاص لتحوي قرابة 25 طالبا وطالبة من الأيتام يتكفل بإعالة تكاليف معيشتهم ودراستهم وجميع احتياجاتهم الضرورية، وذلك من عائدات بيع أعماله الإبداعية وكتبه، وتطرّق الدكتور أبوشويرب لمضمون حوار دار بينه وبين القاص التركي إذ أسرّ له بأن أكثر ما يؤلمه هو أن بعض المترجمين يقومون بترجمة ونشر قصصه دونما الرجوع إليه وأخذ الإذن المسبق بل إنهم يتجاهلونه حتى بإرسال نسخة لما ينشرونه ويترجمونه، وأضاف الدكتور أبوشويرب أن قلة من الأدباء والشعراء العرب ممن تُرجمت أعمالهم إلى اللغة التركية، ولعل أبرز هؤلاء الروائي الراحل “نجيب محفوظ” باعتبار أن معظم رواياته تمت ترجمتها إلى التركية، ويأتي على رأس القائمة أيضا الكاتب “معين بسيسو”، و”غسان كنفاني”، والشاعر “محمود درويش”، وأكد الدكتور أبو شويرب بأن ما يناهز ال21 قصة ليبية حظيت بالترجمة إلى اللغة التركية مثل قصص المصراتي، والفقيه، والنيهوم، وفي المقابل أوضح الدكتورأبو شويرب أن ما يساق من اتهامات لنيسين كونه متطرفا أو منحرفا أو مروجا للمبادئ الهدامة لا صحة ولا أساس له، وهو كان متماهيا حاله حال أبناء جيل فترة الستينيات مع حركة اليسار وإزدهارها.