الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان
أُقيم ببيت محمود بي بالمدينة القديمة طرابلس مساء يوم السبت 25 أغسطس الجاري ندوة (في ضيافة كتاب) الحوارية حيث ناقشت رواية (رحلة كايا) للروائية الدكتورة “عائشة صالح” التي حاورتها الكاتبة الصحفية “فتحية الجديدي” وسط حضور للنخب الثقافية والأدبية ضمن فعاليات ليالي المدينة الموسم الصيفي لعام 2023م، وفي مستهل حديثها أشارت الروائية عائشة إلى ضرورة أن يكون للخيال العلمي بُعدا إنسانيا كي لا يبقى عرضة للجمود فالقصة تنهض على التشويق بيد أن عنصر التشويق في حد ذاته ليس غاية بقدر ما يستمتع القارئ بالرحلة والمغامرة مستشعرا بما يلامسه من أفكار إنسانية، موضحا بأن فكرة رواية رحلة كايا حالة إلهام نبعت وتحركت من داخلي ما دفعني لمشاركته مع القراء، والرواية عبارة عن رحلة عبر الزمن تتحول لرحلة لاكتشاف الذات، وبالتالي يُدمج ما بين الخيال العلمي وتنمية الذات وتنمية الإنسان، وأضافت الروائية بأن فكرة العودة في الرواية تتشكل من خلال جزيرة (ليموريا) والإنتقال الجمعي للمستقبل فهذه الجزيرة كانت تقطنها مجموعة من القراصنة ما جعلها تعيش واقع مزري وقاسٍ من الفقر والتخلف بعبارة أدق داخل نمط قديم وأي سفينة كانت تقترب من هذه الجزيرة يتم السطو عليها ويُجبر ركابها على الإقامة الجبرية بالجزيرة، وفي أحد الأيام وصلت سفينة للجزيرة ضمت علماء اكتشفوا آلية السفر عبر الزمن واهتدى هؤلاء العلماء لفكرة أن جزيرة (ليموريا) أنسب مكان لتطبيق آلية اكتشافهم المشار إليه آنفا بحيث غيّروا جزيرة (ليموريا) لبُعد زمني شديد التطور يُحرر الجزيرة من قالبها النمطي والكلاسيكي يهدف لتحسين شروط المعيشة والحياة على الجزيرة.
طالع :حوار مع الروائية عائشة صالح
حسابات العقل وسمو العاطفة
ثم واصلت الروائية “عائشة صالح” الحديث باستطراد عن الثيمات التي تربط خيوط روايتها، وأكدت كذلك في ذات السياق بأن الجزء الأول من (رحلة كايا) كان بمثابة التمهيد لظهور الجزء الثاني، وعبر هذا الجزء تتضح عدة رسائل، وأسباب بروز كايا والهدف من وجودها وما جدوى قيامها برحلة عبر الزمن وذلك بواسطة عدة تساؤلات، كما بيّن الروائية عائشة ما حوته الرواية من دروس متمثلة في صوت قلب البطلة كايا فما يمثله القلب أو العاطفة في هذا المقام هو اتصال سامي ومباشر بالله يقودنا نحو سواء السبيل، وبالتالي هو يختلف عن حسابات العقل الذي قد يتعرّض للتشويش نتيجة أفكار معينة وبطلتنا كايا أتقنت اتباع صوت قلبها مما قادها لرحلته عبر الزمن، وأوضحت الراوئية عائشة قائلا : كتبت الرواية من اثنتي عشر فصلا دفعة واحدة تحت تأثير موسيقى موزار وفيفاليدي، وأردفت بقول : حين بدأت أفكار الرواية تتصل ببعضها البعض حدث لي تطورا فلاحظت أثر هذا التطور بالانتقال للفصل السابع والثامن ولمست تغييرا عميقا بداخلي، ما وطّد ارتباطي بشخصية كايا مع تطور طريقة الكتابة وتصاعد أحداث الرواية، مبيّنة بالقول : اضطررت لتقسيم الرواية لنحو جزئين كل جزء يتكون من 6 فصول، فيما عللت الروائية عائشة سبب تسمية أسماء أبطال روايتها بالأسماء الأجنبية نظرا لتنوع شخوص العمل وانتمائهم لكل الثقافات الحضرية.
الطب والأدب
كما أضافت الروائية قائلا : تأثرت بجملة من الأشياء أثناء إنجازي لرواية رحلة كايا أولها الاهتمام والاعتناء بالخيال العلمي وقراءة الروايات فضلا عن الاطلاع على الثقافة الكورية والآسيوية كونها تحتوس على مساحة واسعة من الخيال فهي توسّع الآفاق والمدارك، وأوضحت بالقول : إن اهتمامي بالتنمية الذاتية جعلني لا أضع خيالا علميا خالصا أو صِرفا أو محض تشويق فقط بل لما هو أبعد من خلال عدة دروس تلامس أغوار نفس القارئ وتوسع مداركه حتى وإن اختلف معها، وذكرت الروائية عائشة بأنها كانت تميل كثيرا لقراءة الكتب البوليسية لآجاثا كريستي لكن قراءاتي تنحو بالدرجة الأولى للكتابات العلمية والاطلاع على موضوعات مثل تركيبة الذرة وتأثير علوم القوانين الكونية، ومدى تأثرنا بسنن الله في الكون، وأرجعت الروائية عائشة سبب وجود خيط رفيع بين الطب والأدب إلى هدف تكاملي مشترك، فالطب يعالج الإنسان، والأدب يعالج روح ونفس الإنسان، والعلاج الطبي يفتقر للجانب النفسي، واهتمامي بالأدب والكتابة وتنمية الذات انعكس على عملي في مجال الطب الأمر الذي ساعدني على إيجاد صيغة توافقية بين العلاج العضوي والعلاج النفسي.