المقالة

مجزرة الرُضع

المبروك درباش

نصب معركة الشط
نصب معركة الشط

بعد هزيمة الكتيبة الرابعة من جيش دولة إيطاليا، المضطهدة من دول شمال أوروبا والممزقة اجتماعيا وطبقيا والباحثة عن انتصار في الصحراء يُريها وميض من ماضيها الممتلئ بالخرافات والأكاذيب، كغيرها من جيرانها في شمال المتوسط، في معركة شارع الشط، والتي أطلقوا عليها نكبة Sciara Sciat، في هذا اليوم تحديداً، أي في 23 من أكتوبر، سنة 1911.

بعد هذا اليوم، أي اليوم الذي يليه، أي كيوم الغد، جمع الجيش الايطالي عدهُ وعدته وعتاده وفي هجوم انتقامي جبان، وبدلاً من ملاقاة المجاهدين في معركة أخرى، انقضوا بلؤم الضباع على واحة المنشية، وبدأوا في إطلاق الرصاص على البيوت، في الشوارع، وعلى الدكاكين والمارة العُزل، خلال ثلاثة أيام متوالية، كانت وكأنها الدهر كله، أزْهَقوا فيها حوالي 4000 روحاً من سكان المنطقة المدنيين، كان مُعْظَمهم من النساء والأطفال.

في هذا اليوم سجل وُضعاءُ أوروبا انتصارهم على الرُضع. وفي تناسيهم العمد في أرشيفهم لمجزرة واحة المنشية، بنوا ضريحاً وتمثالاً لجنودهم الذين استسلم نصفهم في اليوم السابق، أي اليوم، وكأن الغد لم يحدث. فعندما كان صراخ الأطفال يُسمع في لندن، كانت آنذاك آذانهم مُغلقة بصمغ حضارتهم المبنيُّ جُلها على هوامش السرقات الأدبية بدءا بالبيتزا المصرية أو شمال أفريقيا، ومرورا بالمكرونة الصينية، إلى أوراق أبو دانتي المعري.


المراجع:

*خليفة التليسي: معجم معارك الجهاد في ليبيا 1911-1931. الدار العربية للكتاب. 1981.

*Morel, Edmund Dene (1920). The Black Man’s Burden. National Labour Press, Limited.

*Ungari, Andrea; Micheletta, Luca (24 July 2014). The Libyan War 1911-1912. Cambridge Scholars Publishing. ISBN 978-1-4438-6492-3.

مقالات ذات علاقة

خَالف تُعرف..

علي باني

أول سجارة

يوسف القويري

1. الهوية الوطنية والحضارية الجامعة

علي بوخريص

اترك تعليق