فازع دراوشة| فلسطين
يوم الثلاثاء الرابع عشر من تموز 2015 تم ابرام اتفاق بخصوص نشاط إيران النووي بعد 22 شهرا من المفاوضات المضنية، وكان طرفا الاتفاق ايران من جهة و دول مجلس ” الأمن” دائمة العضوية الخمس مضافا إليها المانية.
ولست بصدد الحديث عن الاتفاق وفوائده لإيران من ناحية، وعدم فائدته لها من ناحية أخرى. ومرت السنون. وترشح لرئاسة أمريكا الإشكالي رونالد ترمب الذي تعهد ضمن ما تعهد اخراج بلده الولايات من ذاك الاتفاق.
وجرت الانتخابات الأمريكية بين المترشحين دونالد ترمب وهيلري كلينتون وفاز ترمب وأعلنوا فوزه بدايات تشرين الثاني من عام 2016.. ودخل البيت ” الأبيض” في 20 كانون الثاني 2017 حسب الأصول.
وشرع ترمب بإنفاذ وعوده ويعنيني منها ثلاثة:
1. الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة العدو وتم ذلك في السادس من ديسمبر 2017.
2. نقل السفارة الأمريكية لدى دولة العدو من مقرها في تل أبيب إلى قدسنا المحتلة، واللحاق القنصلية الأمريكية الخاصة ببني فلسطين في ما يسمى شرقي القدس بالسفارة الأمريكية بحيث غدا الفلسطينيون دون قنصلية أمريكية ولله الحمد، وتم ذلك يوم الرابع عشر من أيار الأسود سنة 2018.
3. التخلي عن الاتفاق النووي مع إيران والذي كان قد وقع في 14 تموز 2015 بين ايران وبين دول مجلس ” الأمن ” دائمة العضوية وفوقها المانيا والاتحاد الأوروبي. وأعلن ترمب يوم الثامن من أيار 2018 تخلي الولايات عن الاتفاق الذي وصفه انه لا يجلب هدوء ولا سلاما ولن، وفرض عقوبات جديدة على إيران.
اسفت فرنسة وبريطانية لخطوة ترمب ورحبت السعودية وإسرائيل بها.
وبتقديري أن ترمب قام بإخراج الولايات للأسباب الآتية:
1. ارضاء لإسرائيل.
2. انسجاما مع نهجه منذ ما قبل انتخابه وما بعد ذلك بانتقاد سلفه باراك اوباما كونه رئيسا أسودا وكذلك كونه متعلما تعليما رفيعا والنقطة الثانية تنقص ترمب ويحاول تعويضها بالمال والتجارة والبزنس، وكذلك لكونه من الحزب الديموقراطي.
3. تجسيدا لحقده على الإسلام
4. إظهارا لغطرسته وتشديدا على تسيّد أمريكا المشهد
5. إظهارا للدول الدائرة في فلكه ( وكذلك روسيا ) أن أمريكا هي الأساس وأن الاتفاق دونها لا قيمة له.
وبالتالي كان على الأطراف الأخرى الاستمرار بالاتفاق رغم انسحاب ترمب، ولكن هذا لم يحدث.
ومرت السنون. وتنافس جو بايدن الديموقراطي وترمب الجمهوري وفاز الأول واستلم يوم العشرين من يناير 2021 الذي وعد بإلغاء ما اتخذه ترمب من قرارات.
وقام بايدن بالغاء قرارات ترمبية في اليوم الأول لاستلامه، وألغى أخرى بعيد ذلك، ولكن أيّا من الوعود والقرارات أعلاه لم يجر عليه بايدن أي تعديل أو إلغاء.
وقد يتفهم المرء عدم جرأة بايدن وإدارته على الاقتراب من مسائل القدس ونقل السفارة و اغلاق القنصلية في شرق قدسنا المحتلة والمماطلة بإعادة فتحها كون هذه الأمور غير وارد مقاربتها إسرائيليا وعليه تلتزم إدارة بايدن بعدم المساس بكل ما لا يرغب العدو المساس به، ويساعد في ذلك عجز إسلامي وعربي وفلسطيني غير مسبوق.
أما عدم إعادة أمريكا الديموقراطية للاتفاق النووي الذي أنجزته ادارة اوباما الديموقراطية فهو مثار استغراب، ولا سيما ان الدول الأخرى ( بضم الهمزة ) والمشاركة في الاتفاق ليس لديها مشكلة في الاتفاق بصورته الأولى
مضى على تسنم بايدن قمة الحكم ما يدنو من العشرين شهرا وما زالت المفاوضات تجري، مع الوعي الكامل ان إسرائيل تتدخل معارضة ابرام الاتفاق كلما لاحت بوادر ذلك. والسؤال: هل كان ترمب والذي لا يحركه إلا تشيّعه لإسرائيل وكراهيته للإسلام والعرب والفلسطينيين وانتقاده لسلفه اوباما، على ذاك القدر من الإدراك غير الصحيح طبعا لما أقرته الدول الكبرى الأخرى ؟
الجواب قطعا لا، ولكن ما يجري هو إدمان الإدارات الأمريكية المتعاقبة على الوقوف ضد ما يرون فيه مصلحة ومنفعة للمسلمين والعرب.