اللوحة للفنان الليبي معتوق أبوراوي.
طيوب النص

عَــــنِ الشِّعْـــــــــرِ .. ( الجزء الخامس ـ الأخير )

اللوحة للفنان الليبي معتوق أبوراوي
اللوحة للفنان الليبي معتوق أبوراوي

# الْقَصَائِدُ الَّتِي وَعَدَتْنِي بِالْمَجِيءِ غِبَّ اللَّهْفَةِ الْكُبْرَى، لَمْ تُخْلِفْ وَعْدَهَا لِي ..

# الْقَصَائِدُ الَّتِي تُعَانِي فَقْرَ الْعَاطِفَةِ تَوْلَدُ ضَعِيفَةً هَزِيلَةً .. مُرْتَعِشَةَ الْكَلِمَاتِ .. قَلِقَةَ الأَعْمَاقِ .. مُنْهَكَةَ التَّفَاصِيلِ، بَارِدَةَ الْمَعَانِي.

# لَوْلا الشِّعْرُ لَطُوِيَتْ صَفْحَةُ الْحَيَاةِ الْجَمِيلَةُ .. لَصَدِئَ قَلْبُ الدَّهْشَةِ .. وَقَبُحَ مُحَيَّا الْجَمَالِ، وَتَغَضَّنَ وَجْهُ الْحُبِّ .. وَاهْتَرَأَ قَلْبُ الْخَيَالِ .. وَتَصَلَّبَتْ أَرْوَاحُ الْعَاشِقِينَ .. وَعُمِيَتْ عُيُونُ الْكَوْنِ .. وَابْتَأَسَتِ الْكَائِنَاتُ وَأَظْلَمَتِ الدُّنْيَا ..

# الْشِّعْرُ هُوَ الصَّهِيلُ الرَّاكِضُ فِينَا .. الدَّافِقُ فِي رَكْضِنَا نَحْوَ مَخَاضِ الْقَصِيدَةِ .. هوَ اشْتِعَالُ الأَعْمَاقِ بِالأَلَمِ الْفَارِهِ .. وَاحْتِبَالُ الرُّوحِ بِقِيمَةِ الْمَعْنَى .. وَاكْتِظَاظُ دَوَاخِلِنَا بِأَجْنِحَةِ الْبَوْحِ الْوَسِيمَةِ .. ذَلِكُمْ هُوَ الشِّعْرُ..

# شَبَقُ الْقَصِيدَةِ يَحْرِقُ الأَعْمَاقَ .. يَالَصَبْرِ الْوَرَقَةِ وَهْيَ تَتَلَقَّى كُلَّ هَذَا السَّعِيرِ..!؟

# الأَعْمَاقُ رَحِمُ الْقَصِيدَةِ؛ إِذِ الْقَصِيدَةُ جَنِينُ الرُّوحِ .. وَجُنُونُ الرِّيحِ.

# مُتَأَهِّبًا .. أَنْصُبُ فِخَاخَ تَرَبُّصِي لِلْقَصَائِدِ الَّتِي شَرُدَتْ مِنِّي .. لِلتَّفَاصِيلِ الَّتِي غَابَتْ عَنِّي .. لِلْمَعَانِي الَّتِي تَحُومُ حَوْلَ قَلْبِي وَلا تَجِيءُ .. لِلْكَلِمَاتِ الْعَذَارَى الْجَافِلاتِ من أَسْرِ الْمَعْنَى .. لِلْحُرُوفِ الْمَارِقَةِ الْخَارِجَةِ عَنْ سُلْطَةِ الْكَلِمَاتِ .. مُتَأَهِّبًا بِشَرَكٍ لا يُخْطِئُ فَرَائِسَهُ ..

# لِكَيْلا يَخْدُشَ الْكَلِمَاتِ الأَبْكَارَ .. كَيْ لا يَجْرَحَ وَجْهَ الْقَصِيدَةِ .. يَتَرَفَّقُ قَلَمِي بِالْوَرَقَةِ الْعَذْرَاءِ .. يَمُرُّ عَلَى نُعُومَتِها مِثْلَ نَسِيمٍ .. يُقَبِّلُ وَجْنَاتِهَا الْوَرْدَاتِ .. يَسِيلُ عَلَى صَدْرِهَا شِعْرًا .. عِطْرًا .. مَطَرًا ..

# يَكْتُبُ الشَّاعِرُ قَصَائِدَهُ وَيُلْقِيهَا فِي الْبَحْرِ .. فَيَخْضَرُّ .. يَغْدُو حُلْوًا .. يَغْدُو الْكَوْنُ أَحْلَى وَأَرْوَعَ.

# الْقَصَائِدُ الصَّادِقَةُ لا تَضِيعُ، إِنَّهَا تَطِيرُ خَافِقَةً بِجَنَاحَيْهَا في الْمَدَى الْفَسِيحِ .. الْقَصَائِدُ الْعَظِيمَةُ نُسُورٌ عِمْلاقَةٌ تَأْبَى الْقُيُودَ .. تَرُومُ الْحُرِّيَّةَ وَالانْطِلاقَ لِتَبْقَى..

# لَقَدْ هَطَلَ غَيْمُ الشِّعْرِ فِيَّ حَتَّى أَغْرَقَ رُوحِي ..!

# شَيْءٌ فِي الأَعْمَاقِ يَنْكَسِرُ؛ لَعَلَّ أَحَدَهُمْ تَعَثَّرَ بِقَافِيَةٍ عَذْرَاءَ فَكَسَرَهَا ..!؟

# الْقَصِيدَةُ الْعَذْرَاءُ تُقَبِّلُ بِحُنُوٍّ شَفَتَي قَارِئِهَا الْعَاشِقِ، وَتَمْضِي لِسُكْنَى قَلْبِهِ..

# أَلْثَغُ بِالْقَصِيدَةِ؛ تَتَسَابَقُ الْعَصَافِيرُ عَلَى تَقْبِيلِ فَمِي.

# لِمَاذَا تَتَأَخَّرُ الْوَرَقَةُ بِالتَّهِيُّؤِ؛ فَالْقَصِيدَةُ أَسْرَعُ مِنْ بَرْقٍ، أَعْجَلُ مِنْ فِكْرَةٍ ..!

# لَنْ أَتَوَرَّطَ فِي تَفَاصِيلِ الْعِنَاقِ .. دُونَ أَنْ أَتَشَهَّاكِ أَوْ أَتَرَغَّفَكِ .. سَأَخْلُصُ مُبَاشَرَةً إِلَى لَثْمِ شَفَتَيْكِ .. سَأَتَوَرَّطُ دُفْعَةً وَاحِدَةً فِي الْغَرَقِ بِنَهْرِ الْعَسَلِ .. فَاعْذُرِينِي أَيَّتُهَا الْقَصِيدَةُ ..!

# تِلْكَ الْحَمَائِمُ .. الْعَصَافِيرُ .. الْفَرَاشَاتُ .. الْغُيُومُ .. الأَنْسَامُ .. الأَشْذَاءُ .. زُكَامُ الْحَدِائِقِ ..عَطْسُ الْبَسَاتِينِ .. سُعَالُ الْمَوَاسِمِ .. زَفْرَةُ الرِّيحِ .. تَجَشُّأُ الْبَرَاكِينِ .. إِنَّهَا شَهْقَةُ شَّاعِرٍ لَيْسَ إِلاَّ .. !!؟

# الشِّعْرُ يُسْقِطُ عَشْرَةَ مَعَانٍ بِلَفْظَةٍ وَاحِدَةٍ، أَمَّا النَّثْرُ فَيَحْتَاجُ لِصَفْحَاتٍ كَامِلَاتٍ – أَحْيَانًا- لِيُسْقِطَ مَعْنًى وَاحِدًا.

# أُدْخِلُ يَدِي إِلَى جَيْبِي فَتَغْدو بَيْضَاءَ من غَيْرِ سُوءٍ، أُدْخِلُهَا إِلَى قَلْبِي فَتَخْرُجُ بِشَعْبٍ مِنَ الأَطْفَالِ وَالشُّعَرَاءِ وَالعَاشِقِينَ ..

# الشِّعْرُ الَّذِي يَنْقُصُهُ الْجُنُونُ يَفُقُدُ رُوحَهُ ..

الرُّوحُ الَّتِي يَعُوزُهَا الْجُنُونُ تَفْقِدُ نَبْضَهَا ..

النَّبْضُ الَّذِي لا يُسَعِّرُهُ الْجُنُونُ يَخْسَرُ رُوحَهُ ..

____________________

‫#‏من_شذراتي_عنِ_الشعر_الواردة_في_كتبي_الشذريَّة‬:

* حدث في مثل هذا القلب ..

* ربيعٌ على جناحي فراشة ..

* لذاذاتٌ على شفة الرحيقِ..

* مفخَّخٌ الهواء بكِ.

مقالات ذات علاقة

نقر خواطرٍ

محمد دربي

وحشة

مقبولة ارقيق

ولا تكف عن الابتسام

المشرف العام

اترك تعليق