طيوب النص

ذات لقاء

من أعمال الفنانة التشكيلية "مريم الصيد"
عناق، من أعمال الفنانة التشكيلية “مريم الصيد”

نلتقي ونفارق، وتمض السنون ونلتقي من جديد، ويالا لهفة اللقاء بعد الفراق، الذي يأتي من دون موعد سابق، صدفة كما يقولون! وما أكثر الصدف في حياتنا الغريبة والسعيدة.

نحن لم نختر أقدارنا ولم نخطط لشيء، فقط كنا نظن بأننا خططنا لكل شيء، لكن في النهاية الله يختار ويقدر كل شيء، فنحن لا نحسن التدبير، ولكننا خلقنا بأرواح وأفكار مختلفة، منا من عاش مرتاح البال، ومنا من عانى وكابد، وحمل على عاتقه مالم يكن في الحسبان، فلله در السنين التي  لوّعت أفئدتنا، وعانقت أدمعنا، فما فائدة اللقاء بعد فوات الأوان، ما فائدة الابتسامة بعد مرور ستين خريفًا!

العمر لا يتكرر مرتين، والسنون لا تنتظر أحدا، بل هي تركض، وعبرنا  في القطار الذي أخذنا لسنوات عديدة وبعيدة، لكننا في النهاية سنلتقي في شوارع كانت مهجورة أو هجرناها منذ زمن، ولم نعد نمر على أرصفتها.

ذلك التاريخ الذي يتحدث عن كل شيء، لم يسجل تلك اللحظات المحفورة في قلوبنا، بل خانه التعبير في ذلك الوقت، فهناك أشياء لا تحكى، وهناك لحظات وثواني من الصمت، لكنها تقول كل شيء، أنا لست أنا وإن كنت، والمجد يعيش بداخلي، تقاسمته مع الآخرين، لم أحرم احدا احتاجني شيئا ..

لكن تبقى عبارات ولحظات صمت، ومواقف، ولقاء عابر، التاريخ نفسه، وقد جسد كل شيء، لملم أوراق الشجر المتناثرة والملقاة على الأرض.

عندما ظلموني لم أدافع عن نفسي، تركت الحكم لقاضي السماء الذي لا يغفل ولا ينام، وغادرت في صمت، وتركت هنالك كل الأسئلة الموجهة الي تنتظر إجابات، ولم أجب أحدا! أفضلُ الصمت الكبير في معظم الأحيان، وخاصة إذا كان الكلام لا يجدي نفعًا.

نهاجر كما تهاجر الطيور، ونمر بصمت على أماكن اعتدناها وتركناها لغيرنا، لأن مكاننا أصبح في عالم آخر، قد لا يفهم البعض فلسفتنا وأبجديتنا. هذه الأبجدية الغامضة؛ هي رحلة طويلة من العمر الغالي، وفي كل مرة نتنفس الصعداء بعد مرور العديد من السنوات الطويلة والصعبة. أما أنا، فلا أتنازل ولا ألتفت الى الوراء حتى وإن خسرت كل شيء، فليست كل القلوب مثل بعضها، هناك قلوب رخيصة وهناك قلوب عظيمة ومعطاءة لا تنسى أبدًا.

دمت أيها القلب نابضا بحب الغير.

ذات يوم كانت هناك أمنيات، وذات يوم تلاشت.. سنهاجر في كل مرة ونعود لنلتقي، ولكن ليس كل لقاء هو اللقاء المنتظر، هناك نفوس عظيمة ولقاءات أعظم …

مقالات ذات علاقة

فكر مرتين!!

عبدالقادر الفيتوري

بورتريه مرضية النعاس

أحمد الفيتوري

ماذا يمكنني أن أفعل..

محمد بن لامين

اترك تعليق