الطيوب : متابعة وتصوير / مهنّد سليمان
وسط حضور نخبوي لافت أقيم مساء يوم الأربعاء 5 من شهر إبريل الجاري لقاء حواري مع الكاتبة والقاصة الليبية “عزة المقهور” قدمه وأداره الكاتب “حسين المزداوي”، وذلك بفضاء محمود بي بالمدينة القديمة طرابلس ضمن فعاليات ليالي المدينة، وقد تضمن الحوار طرح مجموعة من الأسئلة حول التجربة الإبداعية للقاصة في مجال القصة القصيرة، وتطرقت المقهور لبواكير انطلاقتها ككاتبة للقصة وعلاقتها بوالدها القاص الراحل “كامل المقهور” مشيرة إلى أن والدها الراحل كان يريد الكاتب مكتملا ناضج الامكانات بينما هي تدافع عن حقها في التجريب والمران والتراكم المعرفي وتابعت : لم يُعطني والدي فرصة المحاولة لأثبت قدرتي على فعل الكتابة فقد كان ينتظر دائما لاسيما أولئك اللذين يعملون معه في مجال القانون أو في الأدب أن يكتب قصة قصيرة مكتملة منذ البداية فلا يطيق صبرا ولم يكن لديه رحابة صدر ليشجع وينتظر حتى نشق مسارنا في الكتابة، وأردفت المقهور بالقول : حين اكتشف والدي في يوم من الأيام ما أكتبه من خواطر شعرية ونثرية ككل البنات المراهقات آنذاك أخذني جانبا ناصحا إيّاي بالقراءة ثم القراءة ولا تستعجلي ممارسة الكتابة.
تعددية مصادر الإبداع
فيما أوضحت المقهور قائلا : اليوم أعتقد من خلال تجربتي بأن القراءة ليست مصدرا وحيدا للعملية الإبداعية فقط لكن أيضا المشاهدة والتأمل والاستماع والرؤية والملاحظة والتقاط التفاصيل فكل هذه هذه العوامل تشكل في مجموعها التراكمي إلهاما للإبداع، وبالتالي نجد هنا بأن القراءة غير كافية على أهميتها كونها تصقل المخزون اللغوي للكاتب لذا هنالك مصادر أخرى للإبداع إلى جانب القراءة، مضيفة بالقول : في بداياتي لم أكن على درجة كبيرة من الثقة لأكتب خصوصا إزاء عملاق أدبي كوالدي ما جعلني أنصرف عن الكتابة والنشر إلى ما بعد رحيل والدي عن الحياة، مردفة : وكانت أولى مشاريعي الكتابية التي كتبتها عرضتها إحداها على الكاتب الراحل “رضوان أبوشويشة” وعُرف عن أبوشويشة عدم المداهنة والمجاملة فقال لي أنت كاتبة قصة قصيرة ومذ ذاك الحين شرعت في الكتابة والنشر على عدة مواقع إلكترونية المغمورة وبذا أعتبر أني كتبت متأخرة تقريبا في سنوات الأربعينيات من العمر لأني لم أكتشف نفسي باكرا.
الإلتباس الشائع
كما تطرقت المقهور إلى حدوث ما سمتها بالـ(الشوشرة) في الوسط الأدبي الليبي حينما اعتزمت الكتابة مضيفة : كان ثمة اعتقاد أن والدي ترك بعض القصاصات وأنا بدوري أخذتها وقمت بتهذيبها وتشذيبها ومن ثم نشرها وهو أمر عار عن الحقيقة فالوسط الأدبي وقتذاك ليس من السهل أن يتقبل فكرة أن يكتب أحد ما في سن متقدمة فالمرأة لدينا عادة ما تكون لديها أولوياتها الأسرية وانشغالاتها الاجتماعية ما يؤخر اكتشاف قدرتها على الإبداع إلا متأخرا لذا نجد الكثير من النساء يكتبن في مرحلة لاحقا من أعمارهن، وأردفت بالقول : إنني لست متأثرة بما يشاع حول ما أكتبه بنشري لقصاصات والدي الراحل لكن في المقابل أجدني سعيدة ولا يضيرني بأن أكون امتدادا طبيعيا لمسيرة والدي الأدبية.
الدليل إلى الشخصية الليبية
من جانب آخر أكدت المقهور قائلة : أنا على قناعة أن الشخصية الليبية موجودة في القصة الليبية القصيرة ففي ضوء الشكوك حول أسئلة من هو الليبي ؟ ومن هي الليبية ؟ وماهية شخصيتها ووصلت بالبعض للتشكيك حتى في ارتباطنا بالبقعة المكانية وتابعت : إن المكان هو الأساس لأن التاريخ هو لسان الجغرافيا ما يعني أن الجغرافيا هي المتن الأساس، والشخصية الليبية ليست عملية سياسية بقدر ما هي عملية وجدانية اجتماعية مكانية لذا دائما ما أنصح في حالة وقوعنا في نوع من الشك في شخصيتنا الليبية علينا بالرجوع للقصة الليبية القصيرة فهي الجنس الأدبي الذي يُعبر عن (زينوبة، وخدوجة، وفاطمة إلخ) بكل تمثلات الواقع الاجتماعي لليبيين، ولا يجب انتظار السياسي ليُعرّف عن الشخصية الليبية بواسطة الدعوة السياسية وهذه الأخيرة تتكوّن من معطيات موجِّهة للتعريف بالشخصية الليبية من ناحية سياسية بيد أنها غير حقيقية، وتحدثت الكاتبة عن جوانب حيوية من ذكريات طفولتها وصباها مع المكان وعناصره التي تتماس مع موجودات الأرض وتفاصيل طقوس الحياة أوان ذاك الزمن.