الطيوب
نظم المركز الليبي للمحفوظات والدراسات التاريخية بطرابلس في إطار موسمه الثقافي للعام 2021-2022م، مساء يوم الأربعاء 17 نوفمبر 2021م، محاضرة من تقديم “علي الهازل” بعنوان (المجاهد الكبير عمر ضياء الدين المدفعي -حياته وجهاده 1889-1967م)، وإلقاء الدكتور والباحث “علي محمد رحومة” الذي تطرق فيها لأبرز مراحل حياة المدفعي ومحطات من مسيرته النضالية حيث أشار إلى أن أبطال الوطن الشرفاء كثيرون ممن نسيهم التاريخ لسبب أو لآخر. فلم يراع حقهم في أن يذكروا كما ينبغي لهم أن يذكروا، رموزا للنضال والهوية العريقة التي حافظت على وجودنا وخصوصيتنا. لم يدرسوا دراسة علمية وافية، ولم ينصفوا في مسيرة الجهاد الليبي ضد الاستعمار الإيطالي الذي انتهى بتحرير البلاد الليبية ونيل الاستقلال، وتابع أن أحد أولئك اللذين كان لهم دور بارز في صناعة التاريخ الحديث هو المجاهد “عمر ضياء الدين المدفعي الضابط الليبي الذي كافح بالسلام وناضل بالحرف والكلمة والموقف والهمة الصامدة زهاء أربعين عاما متواصلة من النضال السياسي والموقف السياسية المشرفة حتى النهاية.
ولفت إلى أن المدفعي آثر في آواخر عمره حياة الظل ولم تكن له سوى حريته واستقلاله، من جانب آخر أوضح الدكتور رحومة بأن أهمية هذه الدراسة تجيء من خلال موضوعها الجديد لتسلط الضوء على مسيرة حياة شخصية جهادية ليبية كبيرة نسيها التاريخ أو تناساها لأسباب سياسية وتكشف عن حقائق وأحداث منسية أو مجهولة في حركة الجهاد والمقاومة الليبية ضد الاستعمار الإيطالي ومراحلة ما قبل الاستقلال (الأحزاب السياسية) وحتى قيام الدولة الليبية المعاصرة، مؤكدا إن هذه الدراسة التاريخية هي بحثية هادفة وإضافة تغطي فجوة من تاريخنا الحديث وتعين الباحثين والمهتمين على معرفة كثير من الأمور الخفية والغامضة.
وأضاء الدكتور رحومة على ملامح السلطة والمشهد الثقافي والطبيعة الجبلية والمجتمع في عصر العهد العثماني الثاني في طرابلس والجبل معرِّجا على ظروف نشأة المدفعي في مدينة ككلة الجبلية وتعليمه وخلفيته الثقافية واستكمال دراسته في الكلية الحربية العثمانية بإسطنبول وتأسيسه العسكري فضلا عن مراحل نضاله وتجربته في مقارعة المحتل الإيطالي في منطقة إقليم طرابلس وأشهر المعارك التي خاض القتال فيها.
فيما قسّم تجربة المدفعي النضالية على عدة مراحل الأولى ضد المحتل الإيطالي والثانية صراعه مع المستعمرين الإنجليز على حدود إقليم برقة وأحداث الحرب السنوسية الإنجليزية وصولا لآخر مراحل المقاومة وهجرته لتونس رفقة مجموعة من المجاهدين والزعماء في أعقاب احتلال الإيطاليين لجبل نفوسة، وأكد الدكتور رحومة أن المدفعي رفض كل الإغراءات والوعود التي قدمتها له إيطاليا ليبقى في تونس مهاجرا وداعما لحركة النضال لمدة 18 عاما فقد حاول بالتعاون مع المهاجرين تأسيس تكتل عسكري للمقاومة من تونس ضد الإيطاليين.
وتناول الدكتور رحومة مشاركة المدفعي في النضال السياسي بعد عودته من ديار المهجر ضمن أنشطة حزب المؤتمر الطرابلسي الذي كان يتزعمه”بشير السعداوي” لكن بعد انتهاء الحراك السياسي وقيام المملكة الليبية المتحدة آثر المدفعي أن يكمل حياته في الظل فنأى بنفسه عن الحياة السياسية حتى وافته المنية في إبريل من عام 1967م، يشار إلى أن الدكتور “علي محمد رحومة” أصدر في شهر إبريل المنصرم كتابا يرصد مسيرة المجاهد “عمر ضياء الدين المدفعي”.