قصة

تخاريف

من أعمال التشكيلية حميدة صقر.
من أعمال التشكيلية حميدة صقر.

لا أدري لماذا شعرت بالخوف عندما حلق من فوقي ذلك السرب من الغربان السوداء، وهي تنعق بصوتها المعتاد، وقد كنت أجلس على شاطئ البحر ولم أنتهي من أكل قطعة الخبز التي كانت بيدي، حتى حط غراب على الأرض، وطارت البقية بعيداً حتى اختفت!!

اقترب وظل يبحث بمنقاره عله يجد ما يسد به جوعه، أو هذا ما توارد في ذهني…

أخذت قطعة صغيرة مما في يدي ورميتها له.. اقترب مني وبدأ يأكل، وظل يقفز حتى لم يعد بيني وبينه سوى مسافة بسيطة، لم يبدو عليه الخوف ولم يجفل لحركتي عندما حاولت أن أعدل من جلستي ليتسنى لي رؤيته عن قرب…

نظرت إلى شكله الذي جعل منه حكايات وخراريف يملئها الرعب والتشاؤم؛ وتسألت لما نحن نخافه؟ أليس هو من أرسله الله ليعلمنا كيف نواري سوءاتنا، وندفن ما اقترفته يدانا، لقد كان هذا الغراب الهزيل أعلم منا! لقد كان حكيماً وملهماً.. لم يعلق في أذهاننا سوى إنه يجلب الحظ السيئ والخوف، هل لأن اسمه اقترن بالموت؟ أم لأن لونه مقرون بالحداد والحزن والأساطير الغريبة؟…

اقترب أكثر هو ينقر ما أرمي به له حتى أكمل كل ما في يدي.. ثم ظل يبتعد بمشيته المضحكة حتى طار بعيداً وتركني حائرة، فهل شعر بخوفي وتطيّري منه، هل اقترب مني ليبعد عنه ما نسب له وإنه فقط جائع وضائع، وإنا نحن البشر تخيفنا المعتقدات حتى لو لم نكن نؤمن بها…

لا أدري لماذا تذكرت ذات يوم كيف أخبرتني جدتي إنه يوم توفي جدي عرفت ذلك؛ لأن في صباح ذلك اليوم حط غراب على تلك النخلة أمام بيتنا وظل ينعق حتى الليل؛ لم تفكر جدتي إنه قد يكون جائعاً أو فاقداً لرفاقه!!!

مقالات ذات علاقة

حين غابت الغولة عن حكايات جدتي!!

زكريا العنقودي

وُجُـــوْه..

أحمد يوسف عقيلة

إنه “المهدي زيو”

وفاء البوعيسي

اترك تعليق