من أعمال التشكيلية الليبية نجلاء الفيتوري.
تراث

خَارِجَ النّصّ اللّيلْ ( بُـشْـرَاك يَاعِين بَـعْـد الغَـرَامِـي )

فسانيا

محمود السالمي 

من أعمال التشكيلية الليبية نجلاء الفيتوري.
من أعمال التشكيلية الليبية نجلاء الفيتوري.

نتواصل .. ونواصل البحث فى معاني الأغنية الشعبية ، ولعل من نافلة القول أن الأيام التي كانت تقام فيها الأعراس في الواحة هي أيام معروفة ولها طقوسها التي يعرفها أبناء الواحة صغاراً وكبارا رجالاً ونساءً ، ويشارك فيها الجميع دون استثناء وبالتالي فهي جزء من تقليد عام وتراث تراكمي صار يعيش في العقل الباطن لكل واحد منهم .. وقد رافقت الأغنية الشعبية أيام الفرح ، رغم أن المتأمل قد يرى في الأغنية أغنية مجردة ، وقد يفوته أن يلحظ أن هناك أغانٍ تغنى في المناسبة لمرة واحدة ولاتغنى في غير هذه المناسبة ، ولعل هذا الأمر دفع بالبعض إلى تسمية أغانٍ محددة بأسماء الأيام التي تغنى فيها فنجد أن هناك أغانٍ ( للتمشيط ) وأغانٍ ( للحنة ) وأغانٍ ( للجهاز ) وأغانٍ ( للمرواح ) وأغانٍ (للصبحية ) وأغانٍ أخرى خاصة ترقص عليها العروس فقط .. ونجد عادة أن موضوع الأغنية يتناسب مع اليوم الذي تغنى فيه .. فإذا طبقنا هذه القاعدة على الأغاني الشعبية التي يغنيها الرجال في الأفراح سنجد أن الأمر كما سبق وقلنا ، فإذا اعتبرنا أن أيام الفرح أو الأيام التي تصل فيها الاحتفالات بالعرس ذروتها هي أيام ( الأربعاء والخميس والجمعة ) سنجد أن الرجال يغنون في كل يوم من هذه الأيام أغنية لابد من غنائها لأنها ذات صلة مباشرة بهذا اليوم .. ففي يوم الأربعاء وهو اليوم الذي يسبق يوم ( المرواح ) أو يسبق يوم الزفة يختارون من أغاني النخيخة الأغنية التي يقول مطلعها : يوم الاربعاء ريت صقال نابه على فم بابه وفى الجيل ما ريت لذة اوجابه وفى يوم الخميس الذي هو يوم المرواح عادة ما يغنون : في صبح مبروك ريت الغزالى تقول ريم فالى وسبحان ما صوره الرب العالي وفي يوم الجمعة وهو يوم الصبحية أو اليوم الذي يلي يوم المرواح يغنون مثلا ً : بشراك ياعين بعد الغرامى بسود الميامى وزهواك بالضى بعد الظلامى فكأنهم يبشرون العريس أو الزوج بوصوله إلى مناه ومبتغاه بعد غرام وحب بل هم يبشرونه ب ( سود الميامي ) والميامي تعني العيون فكأنه كان في ظلام وخرج إلى النور فيحق له أن يزهو ( وزهواك بالضي بعد الضلامي ) .. ثم يقولون : بشراك ياعين بشرى جديدة مليحة ووكيدة وزهواك باللي دليلك أيريده وقردي هوى بنت حمرة قليده اطفي غرامي وفى جرتك دوم عطشان ضامي وهم هنا يبشرون العين ببشرى جديدة طيبة وهي أكيدة لا لبس فيها بعد وصوله لمن أحب ، ويحق له يزهو بمن اختارها لتشاركه رحلة العمر ، اختارها بإرادته ووفق ما يتمناه الخاطر ( وزهواك باللي دليلك ايريد ) فهو يستحق أن تشاركه رحلة الحياة ( بنت حمرة قليدة ) أي فتاة ناصعة البياض ذات بشرة متوردة ومشربة بحمرة فهي ( اطفي غرامي ) هي واحدة تطفئ نار الشوق والغرام بعد تعب سنوات وسنوات شبهها بالضمأ في أثرها. بشراك ياعين بعد التعب وجد الغضب وزهواك بمناك بعدن صعب وخليك عنا كلام العرب عليه لا توالى ولا يكرهك صاحبك لولاني في الشطر الأول من هذا البيت يؤكدون أن البشرى مرتبطة بموضوع الجهد والتعب الذي بذله العريس للوصول للمحبوب ، وأن مصدر الزهو لديه أنه وصل لما يريد بعد أن حالت صعوبات عديدة بينهم ( وزهواك بمناك بعد ان صعب ) .. أما في الشطر الثاني فهم يوصون الزوجة أن لا تسمع لكلام الناس فى زوجها ( خليك عنا كلام العرب ) ويطلبون منها أن تهمله ولا تلتفت إليه ( عليه لا توالى ) لأن الغرض من ورائه بث الفرقة والكراهية لمن أحبها قديما ( ولايكرهك صاحبك لولاني ) . ثم : بشراك ياعين وأنت معاهم اشقيتى وراهم اللى بعد لاياس جدد غلاهم ووعدة لكل شيخ جى فى وتاهم وجاب القسامى نبى نشهره الشيخ عبد السلامى فى هذا البيت تزداد مظاهر البشرى للعين لأنها مع من أحبت خاصة وأنها ( شقيت وراهم ) أي بذلت جهدا وتعبت كثيرا للوصول إليه وعانت من اليأس الذي كاد أن يعصف بالموضوع برمته ( اللى بعد لاياس جدد غلاهم ) ولفظة ( لاياس ) لفظة عامية وهي جمع لكلمة يأس.. لذلك فإنه قدم نذرا لكل شيخ وصالح وولي طلب من ربه أن يتم له موضوع الزواج وكلمة ( وعدة ) فى البيت تعني النذر خاصة بعد أن ( جاب القسامى ) وخصص بأنه حاز على بركات ( الشيخ عبد السلام الأسمر ) وهو شيخ وولي غني عن التعريف ويعرفه كل أبناء ليبيا . بشراك ياعين بعد اللهيف وكثر الزنيف وزهواك بمناك قبلاً ايصيف وخده شقع بارقة فى خريف أروي كل ظامى جرى سيل عالشمس داير نسامى هنا يبشرون العين بعد ( اللهيف ) أي بعد اللهفة و( كثر الزنيف ) لتؤكد ارتباط الموضوع بالقلب فهو لا ينام الليل من ( الزنيف ) والتي تعني هنا تحديداً ( التنهيد المتواصل ) أو الزفير الذي هو ناتج عن سهر وأرق وألم … ثم يشير إلى جمال خد المحبوبة كبارقة السحاب التي أنزلت مطرا سقت كل عطشان وضامي ( وخده شقع بارقة فى خريف أروي كل ضامي ) حتى ( جرى سيل عالشمس داير نسامى ) فكأن بارقة السحاب هذه قد أجرت سيلا مع هبوب نسائم المساء.

مقالات ذات علاقة

ماني صافي

حميد أبوبكر الديب

النصائح الثلاثة

المشرف العام

النانة الطرابلسية

المشرف العام

اترك تعليق