لا تدخل فتاوى التكفير تحت مفهوم الرأي، كما أنها لا تنطوي ضمن إطار الفتاوى الدينية المتعلقة بالعبادات والمعاملات، وإنما تنسلك في مجال التحريض على الكراهية والقتل، لا سيما في خضم ما نواجهه، أو يواجهنا، الآن من انفلات واشتطاط في هذا النوع من الفتاوى الصادرة عن أشخاص ينتمون إلى حركات متطرفة وإرهابية في مقدمتها الوهابية (التي تتسمى باسم السلفية) وداعش.
وعليه ينبغي أن تسعى المنظمات الحقوقية، وما في حكمها، والمثقفون والمفكرون والكتاب المستنيرون من أجل تجريم فتاوى التكفير قانونا، بوصفها تحريضا على القتل وتعميم الفوضى.
لا يحتاج الأمر في فتاوى التكفير حاليا سوى إلى خطيب متطرف يجنح إلى الإرهاب الفكري والمادي في أحد المساجد يعلن، في خطبة جمعة، تكفير شخص، أو أشخاص، أو تيار فكري، أو مذهب ما، حتى تنقلب حياة المعنيين، في ظروف الانفلات الأمني وتفشي التطرف والإرهاب، إلى كابوس دائم يقض المضجع ويكدر النفس ويرهق الروح، ويصبح الخوف على الحياة أمرا شاخصا، وليس مزحة أو تهديدا في فراغ.
وفتاوى التكفير تنهمر، تحديدا، على المثقفين والأدباء والكتاب والفنانين. ورغم أننا ضد فتاوى التكفير، من حيث المبدأ، إلا أن ما يلفت النظر هو عدم صدور فتاوى تكفير ضد من يكرعون من المال العام ويعيثون فسادا في اقتصاد البلاد، من خلال تهريب النفط وكل ما يمكن تهريبه، والذين يستغلون أوضاع المهاجرين الأجانب البائسين ويضاربون في قوت الناس ويخطفون ويعذبون ويقتلون الناس، بمن فيهم الأطفال. كما لم تصدر أية فتوى تكفير ضد الإرهاب والإرهابيين من مثل داعش وما لف لفها. بل المضحك-المبكي أن “الهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية” التابعة إلى الحكومة المؤقتة (أو التابعة لها الحكومة المؤقتة) أصدرت، بمناسبة تحرير بنغازي (حسب تصريحها)، فتوى بعدم جواز الصلاة خلف إمام يجاهر بإباضيته!. الأمر الذي يعني تكفير المذهب الإباضي وأتباعه.
لكن عمليات حربية عاتية انطلقت ضد كتاب أدبي حوى كتابات شباب في مقتبل العمر وفي ريعان تفتحهم الجسدي والذهني والإبداعي، هو كتاب “شمس على نوافذ مغلقة” بتهمة فحشه وترويجه للدعارة، بسبب ورود بضع كلمات عارية فيه. وتم تهييج الرأي العام ضده واستعداء السلطات المخترَقة من قبل التكفيريين عليه، وتوج كل ذلك بصدور فتوى تكفيرية ضد من لهم علاقة به.
______________
نشر بموقع بوابة الوسط