عائشة الأصفر
أين لي بعربة اليقطين الجنية أخبئك فيها ؟ سنكمل حياتنا بعيداً عن هذا الفضاء المجنون، سنرحل إلى براحٍ أوسع، سأصنعكَ قبضةً من طين لتكونَ الوحش المنقذ لي ،بتُّ أخاف هذا الجنيّ وهاتين العينين المشعتين في سقف الغرفة الممسوسة المظلمة، أهرب منهما إلى وسادتي أدفنُ وجهي فيها ،أشتمُّ رائحة أُمي ،أغوصُ في مسارب حبٍ ،تُهدهدني يدان. ويأخذني ظلام الحنين..
في حفلة مدرستنا (مدرسة عائشة الإبتدائية) بالمنشية ذات نهاية عام، أُطفأتْ الأنوار، وسَرقَتْ الساحرة المولود الجميل، فانتحرت أمُّه، بكَتْ الصغيرات أمامَ مسرح مدرستنا وتفاعلتْ الأمهات الحضور حزناً واحتجاجاً.
كان “الركح” أرضية المسرح مثبتاً على براميل حديدية اسطوانية كبيرة تطوّعت بها أُسر التلاميذ ،وفي حركة كرنفالية جميلة كسمفونية جاز صاخبة ، يُدحرجُ التلاميذ البراميل في الشوارع القريبة لتكتظَ بها ساحة المدرسة تهيئة لصنع المسرح..تراصتْ البراميل واقفة ملتصقة ببعضها في حميمية ،وجُمّلتْ بسواتر وأروقة البيوت التراثية المزركشة بذكريات الجدَات، عُلقت المصابيح الملوّنة والبالونات مختلفة الأشكال.. و كل الأعلام تعانق علم فلسطين، وتنتشر صور الفدائيين والمجاهدين مع المختار ،والورود البلاستيكية منثورة عليه هنا وهناك، المدرسة كلها تضحك ملء شدقيها والأمهات جميعهن مدعوات لمعانقة رقص أطفالهن وغنائهم وهم ينسجون الحكايا متنكرين بأزياء الفلكلور على مسرحهم الذي صنعوه.
أريد مدرستي.. سأرقص رقصة الجن على مسرح البراميل !