في كتاباته نراه يركز بشكل كبير على معنى (الكيان)، ومفهوم (الهوية)؛ فبعد عودته إلى ليبيا، بدأ في التساؤل عن معنى الهوية الليبية، ومفهوم الوطن الليبي، والشخصية الليبية، ومن هنا كانت بداية الانطلاقة التي أججها صاحب كتاب (السنوسية في برقة) السير “إيفانز بريتشارد” الذي قال في كتابه أن ليبيا ما هي إلا مجتمعات وجزر معزولة لا يربطها أي شيء، فما كان منه إلا أنه بدأ في مشروع (كراسات ليبية)، التي احتوت على الكتب الثلاثة (معنى الكيان – كلمات إلى وطني – الشخصية الليبية).
*
إنه الكاتب ” عبد الله محمد محمد القويري”، والذي ولد بـ(سمالوط) بمحافظة المنيا بمصر، في 7 مارس 1930. إذ لجأت عائلته إلى جنوب مصر هرباً من اضطهاد الإيطاليين.
درس وتعلم بالمدارس المصرية، حتى حصوله على الليسانس في الجغرافيا، من كلية الآداب جامعة القاهرة، في العام 1955.
بعد ذلك بعامين، عادي إلى ليبيا، وتحديداً مدينة بنغازي، أي في العام 1957، ليعمل سكرتيراً للشؤون البرلمانية بمكتب وزير الدولة للشؤون البرلمانية حتى العام 1965، وعضواً متفرغاً باللجنة العليا لرعاية الفنون والآداب منذ تاريخ إنشائها وحتى 1966.
في 1965، أنشأ دار الوطن للنشر، واستمرت لعام.
عمل بالمؤسسة العامة للصحافة بطرابلس، في أوائل لعام 1973. وفي ذات العام في شهر يوليو عين وزيراً للدولة ورئيساً لمجلس شؤون الإعلام بحكومة اتحاد الجمهوريات العربية.
*
كتب الراحل “عبدالله القويري”، القصة لقصيرة والمسرح والنقد، وترجمت بعض قصصه إلي اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية، وكتب في أدبه وفكرة عديد الدراسات والأبحاث، وحوالي ثلاث رسائل جامعية.
بدأ نشر بداياته القصصية في الصحف والمجلات المصرية، حيث كان يقيم هو عائلته التي هاجرت إليها إبان الاحتلال الإيطالي لليبيا، ولقد كانت هذه القصص ابنة بيئتها وعبرت عما كان يحدث ويضج به المجتمع المصري خاصة وإنه جايل ثورة يوليو. ومجموعته القصصية (حياتهم) هي صياغة لنماذج إنسانية مصرية، تمثل جزء من الحياة الريف المصري.
وعند عودته لليبيا، توقف في بنغازي لفترة، وكان يحتاج كمبدع، لبعض الوقت للتأقلم مع بيئة غريبة عنه، بالرغم من أصالة انتسابه لها، وهو ما سيكون المحور الأساس لفكره، متمثلاً في (الكيان والهوية)، حيث الغربة هي العالم الذي يقوم عليه العالم القصصي عند “القويري”، ولهذه فإن أبطال قصصه، لا يتصالحون مع الواقع الذي يعيشون فيه، لعدم قدرتهم، أو لرفض المحيط الاجتماعي لهم. وهو في قصصه، يهتم بإبراز هندسة عوالم شخصيات قصصه، من خلال إبراز سماتهم الذاتية، رصد هويتهم، شكل انفعالاتهم، سلوكهم الاجتماعي. وتظل الفكرة هي الأساس الذي يسعى “القويري” إلى تمكين القارئ منه، ويسعى إلى إظهارها.
بعد عودته إلى ليبيا كان أول ما نشره مسرحية (عمر المختار)، شيخ الشهداء، وربما كان “القويري” يبحث فيها هم الشخصية الليبية التي يريد، والتي خصها بثلاث كتب: كلمات إلى وطني، معنى الكيان، الشخصية الليبية.
عرف الراحل بأسلوبه المنظم، والتخطيط المسبق لما يريد أن يكتب، وتركيزه على الموضوع الوحد حتى الانتهاء منه، دون الخروج والتشعب في مواضيع جانبية. كما إن لغته تخلو من الحشو والإطناب، رشيقة ونابضة. أما أهم الأمور التي كان يعول عليها ثقافياً، الحوار، في قدرته على خلق مناخ ثقافي وحضاري علي المستوى.
*
صدر له:
عمر المختار، المطبعة اليوسفية، 1959 – مسرحية.
حياتهم، مكتبة الفرجاني، 1960 – قصة.
العيد في الأرض، المكتب التجاري، 1963 – قصة.
الجانب الوضئ، دار الحقيقة، 1965 – مسرحية.
الشعاع، دار الوطن، 1965 – مسرحية.
الفرصة والقناص، دار الوطن، 1965 – قصة.
قطعة من الخبز، دار الوطن، 1965 – قصة.
كلمات إلى وطني، دار لبنان، 1965.
الزيت والتمر، دار المغرب العربي، 1967 – قصة.
طاحنة الشيء المعتاد، الدار القومية للنشر، 1971 – نقد.
أشياء بسيطة، دار الكتاب العربي، 1972 – سيرة.
خيط لم ينسجه العنكبوت، دار الكتاب العربي، 1972 – قصة.
الصوت والصدى، دار الكتاب العربي، 1972 – مسرحية.
عندما تضج الأعماق، دار الكتاب العربي، 1972 – نقد.
ستون قصة قصيرة، الدار العربية للكتاب، 1975 – قصة.
ذلك العساس، الدار الجماهيرية، 1984 – نقد.
حروف الرماد، الدار الجماهيرية، 1984 – نقد.
علامات مهجورة، الدار الجماهيرية، 1985 – نقد.
دراسات في الأدب، الدار الجماهيرية، 1986.
زيتونة أم عريفة، الدار الجماهيرية، 1993.
المعاناة من أجل شيء – مسرحية.
معنى الكيان، دار لبنان.
الشخصية الليبية.
رحلة الاقتراب – قصة.
الوقدات – نقد.
*
توفي الكاتب “عبدالله القويري” يوم الجمعة؛ الـ17 من شهر يناير للعام 1992. وكان في آخر أيامه قرر الانتقال للعيش بمدينة (مصراتة) التي ينتمي إليها، حيث ابتنى داراً هناك.