طيوب البراح

الأشياء القديمة

منال بوشعالة

من أعمال التشكيلي الكويتي محمود أشكناني


حبي للأشياء القديمة منعني التجاوز
لم يكن عبوري إلا رجوعاً آخر

والمرة التي حاولتُ فيها بجدية
دهستني ذكرى
مؤلمة .. لكني أكابر

تتراكم عليَّ الأشياء بشكلٍ مكثف
بصورةٍ ثقيلة ومُكدسة
مكدسة أشخاص
مكدسة ورق
مكدسة عُقد
مكدسة ذكريات
مكدسة أماكن وأزمنة

أبحثُ عني بيدي فتضيع هي الأخرى داخلي
أنا الآن بِلا يد
بلا سند
بلا مُتكئ
بلا حيطان
أنا كومة أشياء ضائعة
أمشي وأقول هذه لمن ؟
ولا إنسان

كل الأماكن محجوزة
كل السطور ممتلئة
كل المقاعد والساعات
البارحة مثلاً
جربتُ أن أُزيحَ ذكرى من وراء الباب
فانكسر المِقبض

امتلاء .. امتلاء
تضخم ومبالغة
كركبة .. صناديق .. وغبار

بيتٌ مهجورٌ صادفته في طريقنا إلى المزرعة
نافذةٌ تطلُ على نافذة
بابٌ يفتحُ على باب
طريقٌ يؤدي إلى طريق
إلى متى والظهر يستند على زاوية
والانحناء وجعٌ لطفولةٍ مثقوبة
وصورٌ نبحث فيها مَنْ مِنّا أسعد ؟
من منّا أبعد ؟
عُقدٌ بائسة .. ويابسة
وأنا ما زلت جالسة
أَنْظُمُ عُقدي بيدي عقدةً عقدةً لأصنع منها مسبحة
ربما يغفر ليَّ الله
وأنجو من المذبحة

كوماتُ الحزنِ خطيرة
ككوماتِ القشِ المشتعلة
ذكرياتُ الرجال في داخلي غريبة
كخيباتٍ مُفتعلة

اخبئهم في جيبي كل صباح
اَصطفهم رجلاً رجلاً
كي لا يراهم أحدا

جربتُ أن أتخلصَ منهم عند إشارةِ المرور
كي يعبروا طريقي
دون فائدة
رميت بهم في البحر
فوجدتهم في كوبِ الماء الذي شربته
دفنتهم في الحديقة
فنَمُو في أصيصِ الزرع
وهبتهم لله
فناموا في قبري

مؤخراً وضعتهم في البيتِ كتماثيلٍ قديمة
ربما أفقدهم
وما زلتُ إلى اليوم
كلَّ صباح
أترددُ في كسرِ أحدهم.

مقالات ذات علاقة

الكتابة بلسان حال الآخرين

فائزة محمد بالحمد

وطنى …تنهشه الذئاب

المشرف العام

المصعد

المشرف العام

اترك تعليق