حوارات

المفكر الليبي الدكتور إبراهيم الفقيه: القذافى قتل روح الإبداع والتألق في عقول الكتاب والأدباء

المفكر الليبي الدكتور إبراهيم الفقيه في حوار خاص لوكالة أنباء التضامن :القذافى قتل روح الإبداع والتألق في عقول الكتاب والأدباء..وثورة 17 فبراير خلقت ليبيا جديدة ستكون مركزا للإشعاع الثقافي بين جميع الدول

أحمد ابراهيم الفقيه يحاضر في طرابلس حول المستقبل العربي

رغم حجب النجومية عن الجماهيرية الليبية في العهد البائد، إلا أنه استطاع أن يجعل من نفسه نجما يسطع في سماوات أخرى عديدة، كما استطاع أن يجعل من اسم بلده ذكرا مستمرا على مأدبات الأدب والفكر في كثير من دول العالم وعلى رأسها أمريكا وايطاليا والصين؛ فقد كان حريصا على أن يكون جسر تواصل للثقافة العربية بين القوى المستنيرة .

الكاتب والمفكر الليبي الكبير الدكتور أحمد إبراهيم الفقيه هو احد الكتاب العرب المعروفين والذين قدموا إسهامات عديدة في القصة والرواية والمسرح والدراسات العربية المختلفة، حيث قدم ما يزبد عن 40 رواية و15 مجموعة قصصية و20 مسرحية عرضت على المسارح العربية والايطالية والأمريكية والصينية بعد ترجمتها للغات عديدة، كما تولى أمانة اتحاد كتاب وأدباء ليبيا

التقينا به وأجرينا معه هذا الحوار والذي أكد خلاله أن ليبيا الآن وبعد ثورة 17 فبراير أصبحت تعيش حالة من الصحوة الإبداعية التي تؤهلها لأن تكون مركزا للإشعاع الثقافي والادبى في منطقة شمال إفريقيا والمغرب العربي،وذلك بعكس ما كانت عليه أيام حكم القذافى الذي ظل لعقود عديدة جدارا عازلا أمام حرية الإبداع والثقافة.

باعتبارك أحد الكتاب المخضرمين في ليبيا، هل تنظر إلى ليبيا الآن بعين مغايرة لما كانت عليه قبل ثورة 17 فبراير من الناحية الثقافية؟

بالتأكيد؛ فبعد الثورة ارتفع صقف الحرية والإبداع إلى حد يمنع ما كان موجودا قبلها من تذمر وإحباط لدى الكتاب قي ليبيا، وليبيا الجديدة اليوم حريصة على أن يكون لها دور فاعل ومتميز في جميع المؤسسات الفكرية والثقافية التي تعمل على تعزيز اللحمة بين شعوب القرة الأفريقية والأسيوية وتنشيط التبادل الثقافي والحضاري قيما بينها، مؤخرا شارك وفد من ليبيا قي المؤتمر السادس لاتحاد كتاب وأدباء أفريقيا وأسيا الذي عقد مؤخرا بالقاهرة ويهدف إلى جمع شمل الأدباء الكتاب من سائر الدول الأفريقية والأسيوية في أكثر من مائة دولة في القارتين ،كما بهدف إلى تشجيع الإبداع والتجديد وحفظ التراث الأدبي ونشره.

ولقد شارك الوفد الليبي بشكل ايجابي في المناقشات واقتراح البرامج التي تضمن تفعيل دوي الإتحاد الذي ظل يعانى على مدى أربعين عاما من الركود،واقتراح إعادة تفعيل المجلة التي اشتهر بها وهى” مجلة اللوتس “، كما تم اقتراح إعادة تفعيل دور إتحاد الكتاب والأدباء الليبيين كي يعود إلى سابق عهده من حرصه على تنظيم الندوات والمؤتمرات التي تساهم في نشر الفكر والتراث الليبي .

وعندما تستقر الأوضاع وتنتهي الفترة الانتقالية ستعمل على استضافة هذه المؤتمرات الفكرية العالمية في ليبيا باعتبارها موقع جغرافي مهم بين دول المشرق والمغرب، ونسعى الآن إلى تفعيل الدور الليبي وإبرازه في ثوب جديد بعيدا عن السفه والارتجال الذي وسم النظام السياسي القديم.

كيف كان القذافى يتعامل مع الكتاب والأدباء؟

في بداية عهد القذافى عندما حدث الانقلاب الذي أوصله للحكم تفاءلنا واستبشرنا خيرا؛ خاصة وأن العهد الملكي كان يفرض نوع من التحفظ على الاتحادات والنقابات وعلى المجتمع المدني بكل مفرداته وكان يوجد فيتو على إنشاء اتحاد للأدباء،لذا عندما انتهى هذا العهد كان لدينا أمال عريضة في التحول نحو الأفضل .

وفى عام 1972 دعيت إلى مؤتمر عام في ليبيا وقررنا إنشاء اتحاد للكتاب والأدباء الليبيين وتحملت عبء إنشائه ووقتها واجهت نوع من المماطلة على مدى عدة سنوات حيث أن النظام الحاكم كان يريد مجرد ديكورات وليست مؤسسات بمعنى الكلمة ولكنى تمكنت أخيرا من إنشاء الاتحاد، وفى عام 1977 وقع عليه الاختيار ليكون هو المضيف لاتحاد الأدباء العرب وكانت هذه لحظات نجاح للاتحاد، ولكن بعد ذلك بدأ القذافى يشطح شطحات غريبة وخرجت عليه “نوبات جنون” حيث أصدر ما عرف بالكتاب الأخضر واعتبره دستور ليبيا والطريق لإنهاء مشا كلها وكل مشاكل البشرية، وقام بدمج النقابات الفنية مع اتحاد الأدباء وسماها رابطة الأدباء والفنانين وأضيفت إليها أيضا الصحفيين وأصبحت “رابطة الكتاب والفنانين والصحفيين”،وتولد لدينا نوع من الإحباط واللاجدوى في التعامل مع هذا الكيان فالإنسان لا يستطيع أن يحرك يد في جسد ميت، وتم إعادة هيكلة الرابطة فيما بعد ولم يكن الهدف من وراء ذلك هو تفعيل دورها وإنما كان الهدف تحييد دورها وتحويلها إلى جسم ميت وظيفته فقط تنظيم المؤتمرات والندوات والأمسيات التي ترسخ حالة القمع والإرهاب الفكري المنتشرة في ذلك الوقت حتى تحول إلى أداة طيعة في يد النظام وانفض عنه الأدباء ذوى الشأن وأصبح مجرد ديكور لا معنى له، ووضع تحت”جزمة” النظام ولم يعد له مقر وصدرت كيانات أخرى انضم إليها أناس لا علاقة لهم بالمشهد الثقافي والادبى في ليبيا، وكان القذافى يرفع دائما شعار “لا للنجومية في الجماهيرية الليبية”.

“لا للنجومية في الجماهيرية” شعار له مغزى بعيد؛ فإلى أي مدى بلغ حرص القذافى على تطبيقه؟

لقد اشتهر القذافى بهذا الشعار وكان أول من أطلقه ويقصد من حظر التألق والشهرة والإبداع والإنتاج والنجاح، وقد بلغ حرصه على تفعيله إلى أبعد مدى حيث أنشأ خصيصا إدارة الأمن الداخلي وهى جهاز للبوليس السري يعادل أمن الدولة في البلدان الأخرى وكانت مهمة هذه الإدارة التي عرفت بإدارة مكافحة النجومية؛ توظيف كل ما لديها من أدوات قمع وقهر لمنع أي اسم الشهرة والذيوع.

ولكنك ورغم هذه الحرب على الإبداع وعلى الأدباء أصبحت واحدا من الكتاب المعدودين وتم تصنيفك كصاحب أطول عمل في تاريخ الأدب؛ فكيف حققت هذه المعادلة الصعبة؟

عندما جاء القذافى إلى الحكم كنت بالفعل كاتبا معروفا ولدى كتابين بعنوان “البحر لا ماء فيه” ،”اربطوا أحزمة المقاعد” وكانا يدرسان بالجامعة ، ورغم محاولات الطمث والإلغاء التي شنها القذافى عليِ وعلى كل الأدباء إلا أنه لم يستطع أن يؤثر علينا لأننا كنا ضربنا جذورنا في عمق الأرض ولكنه استطاع أن يؤثر في الأجيال التي جاءت فيما بعد، وقد حاول القذافى ارغامى لأكون قلما محليا ولكنى وبالرغم ذلك ملكت ناصية النشر في كل المنابر العربية وكتبت في عهد القذافى أكثر من 20 رواية و40 مسرحية عرضت على المسارح العربية والايطالية والأمريكية بعد ترجمتها، وقدمت أضخم أعمالي “رواية خرائط الروح” وجاءت في ألفى صفحة كأضخم عمل روائي عربي في اثني عشر جزءا وبعمر عشر سنوات من الاستغراق والبحث الكثير.

ما هو الدور الذي لعبه الكتاب والأدباء أثناء ثورة 17 فبراير؟

لقد اعتبرنا جميعا الثورة فرصة تاريخية للتغيير وقررنا جميعا وقتها الوقوف إلى جانب الشعب سواء أرحل القذافى أم رحل وكنا دائما نراهن على الشعب وقدرته على اقتناص حريته السليبة وقام كل كاتب وأديب حيال ذلك ولكن بشكل فردى حيث أدى كل فرد في مكانه ومجاله ما يقدر عليه تجاه ثورة هذا الشعب وبغية إنجاحها، وبعدما نجحت الثورة في مصر وتونس اشتعلت في ليبيا وقد أعلنت عن موقفي منها قبل نهاية فبراير ووقتها لقبت من قبل النظام بالخائن والعميل وتمت مهاجمة منزلي وجاءت إحدى العائلات لتسكنه ولكن الجيران منعوهم بالقوة وهددوهم وقالوا لهم “لا تأمنوا على أنفسكم وأولادكم إن بقيتم في هذا المنزل”.

ما هي الصورة التي تتمنى أن يكون عليها اتحاد الكتاب والأدباء الليبيين مستقبلا؟

أتمنى أن يبدأ بداية صحيحة وأن يؤدى دوره في إحياء التراث والثقافة الليبية كما كان في أوائل عهده في السبعينات وأتمنى أن تتعدد الكيانات التي تعمل على إثراء الحياة الأدبية والفكرية في ليبيا خاصة وأن طبيعة المرحلة الراهنة تدعوا إلى تعدد الأفكار والكيانات حيث لم يعد هناك تكتل واحد لكل الناس، وأنا الآن لدى منتدى أدبي خاص بى واستطيع من خلاله أن أكون عضوا مشاركا في اتحاد الكتاب العرب

ما هي المصادر التي يعتمد عليها الاتحاد في تمويل أنشطته؟

قوانين الاتحاد تنص على أنه مفتوح لاشتراكات الأعضاء وهى العمود الفقري للاتحاد، وعوائد مطبوعات الاتحاد، الهبات والمساعدات التي يتلقاها بشرط أن تتفق مع أهداف الاتحاد وأنشطته . ولا يجوز توظيف أموال الاتحاد في مشروعات استثمارية فهي مخصصة فقط للإنفاق على تحقيق أهدافه.

مقالات ذات علاقة

غالية الذرعاني: الرواية الليبية بخير برغم ظهورها المتأخر.

رامز رمضان النويصري

الشاعرة: خلود الفلاح / رقم حسابي دائماً يشكو البرد و الوحدة

المشرف العام

الكاتب فرج الترهوني: نحيا كابوسًا والوطن يتباعد كل يوم

محمد الأصفر

تعليق واحد

عادل القانوني 20 يناير, 2013 at 13:05

القذافي قتل الإبداع وأنت ساعدته على ذلك أيها المفكر والأديب العالمي!
ألم تدعي أن قائدك المقبور كاتب مهوب وقصاص لا يشق له غبار في مقدمتك لإحدى كتبه الأضحوكة؟ ألم تتلق مقابل ذلك المعاملات الخاصة والمنح والجوائز والإقامة المرفهة في مصر بعيدا دولة الحقراء ورفقة أساطين الأدب والصحافة ، والهلافيت منهم الذين وظفتهم أنت شخصيا للإشادة بالقذافي وعقد الندوات في معارض الكتاب وجامعة القاهرة ليدعي امثال سمير سرحان ووزير التعيم العالي في مصر بأن قائدك مفكر عالمي وأديب إنساني في مصاف طاغور وتولستوي؟
قاتلكم الله أيها الأفاكون! لاتظنوا بأن الشعب الليبي جاهل أو مغفل .. ولا تتقيأوا في وجوهنا هذا الكذب الصراح .. القذافي قتل الإبداع بسكاكينكم ورماحكم وكان المقابل أن صرتم عالميين .. بالموهبة نعم ولكن بنفوذ الطغاة أيضا الذي تذوب أمام دعمه والإنضواء تحت مظلته كل موهبة وابداع .. والتاريخ لا يرحم يا سيد الفقيه!

رد

اترك تعليق