النقد

دراسة لبعض جماليات القصة القصيرة.. قصة الكاغط محمد النعاس أنموذجا [1]

من أعمال التشكيلية فيان سورا

الجزء الثالث: الاشتغال على الحواس في القصة

1.3 تعريف الاشتغال على الحواس

أولا. تعريف بطبيعة الحواس التي سينطلق التصوير الحواسي منها

يتم تلقي الأشياء المحيطة بنا، والمنتصبة أمام حواسنا من خلال تلقيها عبر انتصابها أمام الحواس المُستفزة، والجاهزة فطرياً للتلقي ضمن فضاء محدد يختلف من حاسة إلى أخرى.

ويمكن أن نقسم الأشياء التي تظهر أمام الحواس كما يلي:

1. المرئيات: وهي كافة الأجسام والأطياف المدركة بصرياً، أو التي يتم الإيحاء بشكل ما بكونها مرئية.

2. المسموعات: وهي كافة الأصوات التي نسمعها التي تنتصب من خلال اختراقها لفضاء الصمت ذي العلاقة بحاسة السمع، فتعكس من خلال انتصابها أمام الحاسة فضاءها الخاص الذي يحويها.

3. المدركات شَميَّاً: وهي كافة الروائح التي تدركها الشخصيات أو يتم الإيحاء بشكل ما بوجودها عبر حاسة الشم، ويتحقق لها الوجود عبر انتصابها ضمن حيز الشم، فتصبح مادة لتمييز العقل الذي يدرك اختلافها عن غيرها من الروائح .

4. المدركات لمسياً: وهي كل تلك الأجرام والأجسام الملموسة التي يتم لمسها أو الشعور بملمسها من شخصية أو فاعل ما، مما يحقق لها إدراكاً ضمن حيز حاسة اللمس.

5. المدركات تذوقياً: وهي كل تلك الأشياء التي يتم تذوقها عبر حاسة التذوق، من قبل شخصية من الشخصيات، أو يتم الإيحاء بذلك الفعل بشكل ما، فيكون لها بذلك حضور ضمن فضاء حاسة التذوق[1].

  • ثانيا. آلية الممارسة الإجرائية لحركة التشخيص على الحواس:

أحاول هنا من خلال طرحي لمحاور تحقق الاشتغال على الحواس أن أقوم بحصر شاملٍ للإمكانيات المتاحة للروائي ليمارس وصفه، أو اشتغاله السردي، وهي كما يلي:

المحور الأول: وهو محور الحاسة النوعية التي يشتغل عليها الروائي، هل هي بصرية أم سمعية أم شمية في شكل رائحة ما، وهكذا.

المحور الثاني: اشتغال على الحواس بين المتحرك والثابت، بحيث تتحول المتحركة إلى صورة متحركة، والثابتة لصورة ثابتة مكثفة.

المحور الثالث: هو محور تلك الشخصيات بين الواقعية والخيالية وهو محور معروف في كافة التشخيصات السردية.

من المهم التذكير هنا على الطابع الفضائي للتفكير الإنساني، حيث كل ما هو خارج فضائي هو خارج تفكيرنا، أو وعينا، وكل ما ينتصب أمام مؤسسة حواسنا، موجود ضمن موضع محدد، وعبر إطار فضائي أو حيز مدرك، هو قابل للإدراك. وبحصر كل إمكانيات السرد الممكنة، على خمس حواس تتحرك ضمن أربع فرص من خلال محورين:

بصـري:  ثابت أو متحرك / واقعي أو خيالي.

سمعـي:  ثابت أو متحرك / واقعي أو خيالي.

لمسـي:  ثابت أو متحرك / واقعي أو خيالي.

شمِّـي:  ثابت أو متحرك / واقعي أو خيالي.

تذوقي:   ثابت أو متحرك / واقعي أو خيالي.

كما أن كل الاشتغالات على الحواس السابقة قابلة لأن تحدث بشكل عكسي، وذلك بأن يتصور الراوي أو الشخصية التي تتكلم ملموسات داخلية أو حركة شيء يلمس سطحاً غير جسده وخلافه. إن كل تلك الحواس قد تحضر منفردة، أو متضافرة في تشكيلة من عدة حواس.

2.3 تعريف بدور الاشتغال على الحواس في بناء هذه القصة

لعل قوة هذه القصة تتمثل في اشتغالها الحواسي المميز حيث كانت اغلب المشاهد تأتي من خلال تصوير يحضر فيه اشتغال على حاسة أو اكثر من الحواس، لنتابع ذلك من خلال المشاهد التالية التي نقلناها هنا وقسمناها لأقسام لكي نستطيع الشرح بشكل اكثر وضوحا لأفكارها وأبعاد استخدام كل حاسة ضمنها.

أولا. البعد اللمسي وعلاقته بالجد والمزرعة

  1. صورة بصرية تنحو للبعد اللمسي

 لنتابع ذلك في بداية القصة عند وصول الولد إلى مزرعة جده واستخدام حرارة الشمس وقيظ الظهيرة على الرأس اداة لتصوير احساسه لشدتها:

“(أ) كان صيفاً حاراً شديد القيظ، ذلك الصيف الذي أتيته ولداً في الثانية عشر من العمر صحبة عمي، (ب) الشمس في فؤاد السماء تغرس مسامير أشعتها الحارة في مصب رؤوسنا، الأرض بدت حامية تذوب من فرط الحرارة، (ت) كان يسقي بعضاً من الشُجيرات الملتفة حول البيت تحت هيام الحَر حيث تنشط الجن، تحميه – أو يحسب ذلك- من الشمس (ت) معرقته البيضاء وسحنته الشاحبة، (ث) لم يبدو مهتماً بصوت السيارة ولا توقف محركها ولا حتى إغلاق الأبواب”

في (أ) صورة شاملة بانورامية ضمن إطار زمني ومكاني محدد لكنها تتحول في (ب) لتتحول لصورة تشتغل على بعد اللمس من خلال شعوره بالحر وبأثر الشمس المحرقة على الرأس، بينما ننتقل لصورة بصرية تصور الجد الذي هو محور رؤية الحفيد الصغير في (ت) هذه الصورة تصبح أكثر تركيزا في (ث) على الجد من خلال قبعته (معرقته) البيضاء وسحنته الشاحبة، بينما نجد البعد السمعي من خلال نفي الولد لظهور أثر على الجد من سماعه للأصوات.

  • البعد اللمسي المختلط بالبصري لتصوير الجد

في المقطع التالي يقوم الراوي بتصوير الجد، وذلك  من خلال صورة فيها حضور للبعد اللمسي ثم للبعد اللمسي الممزوج بالبصري، لنتابع ذلك بعد الحوار البسيط التالي الذي كان يديره العم متحدثا للجد عن الحفيد وائل:

(أ) وائل، شفته قداش كبر!

لكزني ثم أردف

بوس يد جدك

(ب) كانت يده خشنة، كقطعة من الخشب لم يتم تنعيمها جيداً وأُهمِلت لذلك، (ت) بشرته الطينية وكأنّ نوعاً من الطَفَل قد هاجمها على آية بقع، (ث) لم أشعر بدفئِها رغم الطقس، ربما لأنها كانت باردة (ج) أو لأن قلبي لم يكن دافئاً وقتها

في (أ) تابعنا الحوار يوجهه العم متحدثا لوالده عن حفيده، بينما في (ب) نجد صورة ذات بعد لمسي عن يد الجد وهي تعكس بشكل غير مباشر صورته قاسيا شديد القسوة، وفي (ت) تابعنا صورة بشرته وهي صورة بصرية لكن فيها أثر لبعد لمسي من خلال الطين والطفل والبقع البارزة على الوجه، ثم نعود للبعد اللمسي في (ث) حيث ينفي الدفء عن يد الجد رغم الطقس الساخن، بينما في (ج) نجد بعدا لمسيا متخيلا حيث القلب لم يكن دافئا. بالطبع لا يمكن تصور دفء القلب إلا في إطار مجازي.

البعد اللمسي والشمي لتصوير المزرعة

نتابع في الصورة التالية الشخصية/ الولد وهو يستكشف المزرعة ونلاحظ أنه قد تم استخدام البعد اللمسي والشمي من الحواس لتصوير عملية الاستكشاف تلك، لنتابع ذلك فيما يلي:

“(أ)  أمضيت الساعات التالية للحدث أكتشف المساحة التي أمامي، (ب) التراب اختلط بقدميْ، جلست منهمكاً تحت الأشجار، (ت) نقشت الشمس في رأسي بعض من أشعتها،  (لمس) المساحة الخضراء تبلل بالندى حذائي،(ث) كان مشبعاً برائحة التراب والعشب والندى(ج)  في الأفق كان الحمام يحلق ثم ينخفض ببطء، ببطء يحرك جناحيه كأنه يحاول أن يوقف الهواء عن إعادته للأعلى حتى تنزل بحقل قمح حُصِد مؤخراً، أسرعت إليها.”

الراوي في (أ) يحدثنا بنمط من سرد تواتري عن استكشافه للمكان في ساعات الظهيرة، ثم في (ب) و(ت) نتابع تصويره للمكان واحساسه به من خلال البعد اللمسي، وقد كانت الصورة اللمسية حقيقية في (ب) ثم صورة متخيلة في (ت) حيث تصور (الولد) أن الشمس قد لامست الراس ببعض اشعتها، بينما نجد البعد الشمي في (ث) من خلال رائحة التراب والعشب والندى ونجدنا مع الصورة البصرية السينمائية في (ج) للحمام المحلق وهو يقترب من فخه.

ثانيا. الصور البصرية الثابتة

  1.  صورة كرسي بالجد العتيق

نتابع فيما يلي وصفا مميزا للكرسي العتيق الذي كان الجد يجلس عليه :

“(أ)  كان الكرسي مصنوعاً من البامبو المضغوط مع بعضه بعناية، يبدو كعرش ملكٍ قديم، (ب) بعض الحبال التي تضغط الألواح مع بعضها كانت نافرة مما يوحي أن الكرسي عتيقٌ بعض الشيء، (ت) كنت واقفاً لا أدري ما أصنع، (ث) حدجني بنظرة باردة ثم قال: في الدار اللي غادي. (ج) وأشار بيده المنحوتة إلى غرفة وحيدة.”

في (أ) تحديد صناعة الكرسي من خلال صورة بصرية ووصفه بكونه يبدو كعرش قديم، وهو وصف يعكس مشاعره تجاه الجد، بينما في (ب) نتابع المزيد بخصوص هذا الكرسي مع مناقشة الصورة التي يتم تصويرها، في (ت) نتابع الشخصية واقفا، ثم في (ث) نتابع صورة لمسية متخيلة عن برودة النظرة وهو ما يوحي بقسوة الجد، ثم يشير بيده التي تصورها الولد منحوتة نحتا لقسوة تقاسيمها.

  •  صورة بصرية للكرسي في الحجرة

نجد في المقطع التالي وصفا بصريا (على حاسة البصر) لشكل الكرسي في الحجرة القديمة ومظهره الخارجي:

في الضوء بدا تحفةً أثرية. على مسنديه خطوط لولبية لا متناهية في الدِقة بنهاية كل خط منها زهرة الياسمين محفورة بعناية، بظهر الكرسي من الأعلى يمتد نوع من القماش المحشو بالإسفنج لراحة الرأس، النقوش المرسومة على القماش تمثل أنواعاً من الأزهار…”

المقطع السابق يصف الكرسي في الحجرة القديمة، حيث ينهمك الراوي بوصف مميز في رصد تفاصيل شكل الكرسي، وهو وصف يقترب من وصفه السابق لكرسي الجد. تحقق مثل هذه الصور الوصفية سواء منها البصرية أم على غيرها من الحواس  نوعا من الشد للمروي له فيصير حضور الشخصيات ومكونات المكان المختلفة أكثر تجسما وتحققا.

  •  صورة بصرية لتجهيزات الشاي

نتابع في الصورة التالية وصفا لمكونات تجهيزات شراب الشاي في ليبيا، ذلك عبر وصف مميز انتقائي لبعض مكونات (عالة الشاي) منها الصينية والأبريق والكؤوس.

“(أ) كان يحمل صينية، (ب) إبريق شاي أزرق اللون بجسد الإبريق كان رسم لمجموعة من الورود الحمراء والبيضاء يجاهد للبقاء ضد الاستعمال المتكرر، (ت) في فم الإبريق دائرة بيضاء مغلقة بثلاث كؤوس صغيرة (ث) في كل كأس أخاديد طولية مسافة إنش في الأسفل وأخرى أفقية أقل عمقاً في أعلى الكؤوس”

الصورة السابقة ترسم عالة الشاي. الراوي يضعنا من خلال دقة وصفه وحسن انتقائه في تصور لمكونات جلسة الشاي أكثر من تلك التي قد يتصورها المروي له، بحكم ان الراوي قد جسدها بواسطة الوصف البصري الخارجي. نتابع الصورة في (أ) الصينية، ثم في (ب) الأبريق ورسم شكله الخارجي بشكل مميز، ثم اضاف لذلك صورة كؤوس الشاي التقليدية ذات الحزوز العمودية، وهي ثلاثة كؤوس كافية لعدد الجالسين، الجد والعم والولد.

  • صورة بصرية ثابتة للراعي

نتابع في المقطع التالي صورة بصرية للراعي، يصف فيه الراوي شخصية الراعي بأوصاف دقيقة مميزة،، فهو يصف شكله مجملا، ثم يبدأ في تصوير شكله وملابسه وبسمته وصورة وجهه وشعره وشنبه وذقنه وبشرته البيضاء التي اخفتها الشمس قليلا، بينما في (ب) نتابع صورة الراعي وسيجارته وعصاه،  بينما يتابع الراوي صورة الجروح على أصابعه  والحز في رقبته، ثم في (ت) يصفه بكونه شبيها بالنمس، ثم في (ث) ينقل لنا شعوره نحوه بالخوف لوهلة، لنتابع ذلك في المقطع التالي:

“(أ) كان راعي الغنم هذا، صاحب هيئة بارودية ببدلته الليبية الزرقاء وابتسامة الشاي في أسنانه، أنف مدقق وعينان صغيرتيْن، شعره الكيرلي يحاول أن يخفيه بجذبه للخلف، على شاربه شنب أسود كثيف قليلاً، دقن كمدق، لفحة خفيفة من الشمس لم تستطع إخفاء بياضه سوى القليل،  (ب) يد تمسك العصا والأخرى قابضة بإصبعيْن على سيجارة، شدتني جروح على أصابعه كأنه كان مكبلاً من أطراف أصابعه، رقبته كانت حمراء، خيط أحمر يصنع جروحاً داخل الرقبة، (ت) كذلك فهو شبيه النمس، نمس وسيم يخرج من بين أشجار الصنوبر، (ث) خفت لوهلة.”

الراوي صور لنا الراعي بجروح في يديه والحز على رقبته دون أن يشير بأي شكل لشك الشخصية/ الولد في كونه هو أحمد الميت قبل سنوات.

  •  صورة بصرية ثابتة للنعجة من عين الراعي:

بينما هنا ينقل لنا الراوي حديث الراعي عن النعجة ثم يصورها الراوي

“وأشار إلى النعجة الكبيرة مجدداً، كان رأسها الأسود يتضح فيه تقدم العمر عن باقي النعاج، يغطيها صوف كثيف ملتصقة به بقايا روث وقش، بأعلى الصوف بقعة سوداء وحيدة صغيرة- قيمتها ليست مادية.”

حيث يقوم بتصويرها بشكل مميز وينقل لنا صورة البقعة السوداء في أعلاها فيها وكذلك صورة بقايا الروث وهكذا مما يشعر المروي له بحضورها أمامه

ثالثا. الصور البصرية المتحركة

  1.  تصوير بصري متحرك لصيد الحمام

نتابع هنا صورة متحركة بصرية يصور من خلالها الراوي قيامه بصيد أحد الحمامات، الراوي كان ينقل الصورة منه ثم ينتقل إلى الحمامة، لنتابع ذلك هنا:

“(أ) وجلست أنتظر دخول طرائدي في الفخ وبعد ساعات من الانتظار والملل وخسران الأمل في إمكانية أن تخدع إحدى الحمامات وجدت طريدتي، (ب) كانت حمامة بيضاء، نزلت صحبة أخرى مثيلتها لكنها تكبرها حجماً، اقتربت الحمامة بجانب السدة، ببطء وبخوف، (ت) كنت أمسك بحبل لففته على قطعة خشب جعلت السرير يصنع زاوية حادة مع الأرض، (ث) دخلت الحمامة إلى السدة ولكنها كانت في الزاوية، (ج) لم أكن أريد أن أخاطر بفقدانها أو تكسير أي شيء فيها، انتظرتها حتى دخلت وسط الفخ وسحبت الحبل، استعصى الأمر أول مرة،  (ح) فزعت الحمامة الصغيرة، ولكن قبل أن تفرد جناحيها، (خ) نجحت في اصطيادها، أولى طرائدي…. أمسكت بها”

في (أ) يصور لنا انتظار الطريدة أو أي شيء يصطاده، ثم في (ب) صورة الحمامة التي اقتربت من الفخ. في (ت) نتابع ما يقوم به الراوي/ الصياد حيث يصف لنا ما يمسك به، بينما في (ث) نتابع دخول الحمامة إلى الفخ، ثم في (ج) نتابع هواجسه حيالها ورغبته في عدم تكسيرها أو ايذاءها، ثم في (ح) و(خ) نتابع صورة الحمامة في الفخ وسعادته بأول صيد يصطاده. الصور السابقة على بساطتها ظاهريا إلا إنها ترسم لنا هواجس طفل بشكل مميز وتوتره ورغبته في عمل شيء ما في زمن وجوده في المزرعة.

  •  صورة بصرية متحركة (سينمائية) متخيلة للدم والقتل

“(أ) أتذكر بعد أيام من وصولي رؤيتي لجثة طائر حمام يبدو أن جُرذاً ما قد اقتنص فرصة تواجده بالغرفة، (ب) كان مقطوع الرأس، (ت) الدم في ريشه يذكرك بالطريقة التي يتم تحضير الجان بها، (ث) هناك قصص كثيرة للجان في رأسي.”

الصورة البصرية السابقة أداة لرسم توجس الفتى وإخبارنا عن الهواجس التي تنتابه بخصوص الدم والجثث وغيرها من الافكار التي قد تكون أداة لرسم البعد الغرائبي فيما بعد. تابعنا  في (أ) صورة الطائر الذي قد يكون أحد الجردان، ثم نتابع في (ب) بُعداً أكثر فجاعة يخص رأس الطائر المقطوع.  ثم المزيد من التفعيل للبعد الفاعل غرائبيا من خلال صورة الدم في الريش التي تحيل الولد لبعد الخوف من قصص الجن التي سيتذكرها في (ث).

  • صورة بصرية لحالة الانتحار في الزريبة

هنا العم ينقل ما اخبره به (أبن العم) علي قبل أن ينتحر. الصورة يرسم فيها علي صورة أخيه أحمد/ حمودة، وهو معلق في الحبل، وهي صورة شديدة الدقة وفيها نقل لمشاعر من شخص رأى الحدث المفجع:

“(أ) لم يكن على طبيعته منذ أن شاهد أخاه معلقاً بجذع شجرة السرو تلك التي تظلل الزريبة، (ب) راعي غنم في صبراتة يموت هكذا (ت) يفصل بينه وبين الأرض قدميْن، حبل سميك من الفلين، (ث) كان المشهد يطارده طيلة حياته (ج) حدثني عن صورة أخيه التي تأتيه في المنام، عينان حمراوان مشبعتان بالموت، وجه إسود بعد جفاف الدم داخله، ثوبه المليء بروث الأغنام، (ح) رائحة الزريبة التي كانت خليطا من صوف الحيوانات المسكينة ورائحة الجثة، (خ) ذكر لي كل شيء، (د) أخوه ينظر للأغنام، فاغراً فيه، (ذ) يداه الخشنتان كانتا جريحتين ربما من مقاومتها للحظات الأولى للموت (ر) وقنينة بلاستيكية بها بقايا شراب البوخة، (ز) كان يذكر وقوفه وارتعاده بقيَ هنالك يسمع ثغاء الشياه والتصاقها في إحدى زوايا الزريبة تنظر إليه جائعة وجسد أخيه معلقاً،”

في (أ) نتابع صورة علي وقد لخصها العم في جملة: لم يكن على طبيعته منذ ان شاهد اخاه معلقا…، بينما نجد في (ب) مناقشة طبيعة المكان واستغرابه لكون الراعي يقوم بعملية الانتحار، ثم في (ت) يرسم صورته معلقا – وبينه وبين الأرض مسافة قدمين فقط – بحبل من الفلين سميك، ثم في (ث) ينقل لنا العم تواتر مطاردة مشهد الأخ المنتحر له، ثم في (ج) صورة بصرية مهولة لشكل الأخ الذي يحضر له في المنام مع حضور الرائحة من خلال روث الأغنام، لينقلنا مباشرة في (ح) لرائحة الزريبة والجثة، ثم في (خ) تحديد أن الأخ ذكر كل شيء عن الحادثة له، ويبدأ في نقل باقي الصورة لنا: الأخ المعلق في (د) صورته فاغرا فاه، ثم في (ذ) ملمس يداه، ثم في (ر) صورة تستكمل المشهد لقنينة الخمر المحلي، ويعيد لنا العم ما يذكره علي بخصوص وقوفه وارتعاده وصورة ثغاء النعاج الخائفات جائعات ويذكرنا في النهاية بصورة الأخ المعلق. صورة مميزة شديد التأثير على الشخصية وفعل تصوير مميز ينتقل من الراوي الثاني العم إلى الراوي الأول الأخ علي وبينهما يستخدم كل ماهو ممكن لجعل الصورة شديدة التأثير وجعل حادثة انتحار الأخ الثاني منطقية.

رابعا. الصورة ذات البعد الشمي

  1. صورة الغرفة وبعدها الشمي

نتابع في المقطع التالي صورة الغرفة وقد امتزج فيها البعد الشمي بالبعد البصري الممتزج بشيء من اللمسي لنتابع ذلك هنا:

(أ) كانت أجواء الغرفة مليئة بالغبار ورائحة الحبوب والعطَن، رائحة روث الفئِران وفراءها أيضاً امتزج بجوها، (ب) الكثير من الفخاخ منصوبة في زوايا المكان، (ت) أيضاً رائحة الجُبن العفِنَة المستخدمة في الفخاخ قد أضافت إلى روائح الغرفة شيئاً إضافياً يزيد من نفور النفس منها، (ث) وكنتُ أفكر، كيف يمكن لجدي أن لا يطيق دخولها، (ج) شباك العناكب في السقف الناتئ الهرِم، (ح) أكياس للحبوب والعلف مصطفة بطريقة عبثية، كان هناك كيس من العَلف مثقوباً من أسفله يبدو أنّ قارضاً ما كافح ليثقبه ويفتح المئونة لأبناء قبيلته (خ) وللطيور التي تتسلل صباحاً إلى الغرفة، بعيداً في الزمَن.

في (أ) نتابع الصورة الشمية، وهي تنقسم للغبار من جهة وللروائح من جهة أخرى ومن تلك الروائح : الحبوب والعطن وروث الفئران وفرائها. بينما نجد في (ب) صورة بصرية لمكونات ذات علاقة بالمكان، ثم في (ت) نعود للبعد الشمي من خلال صورة شمية حول العفن النتاج من جبن الفخاخ، ثم يتحول ليحدثنا متخيلا إمكانية دحول الجد لها، ثم وجدنا أمامنا البعد البصري في (ج) من خلال صورة شباك العناكب في السقف مع تصوير ذلك السقف بصريا فهو ناتئ وهرم، ثم نتابع صورة بصرية في (ح) لمكونات الحجرة فيها أكياس الحبوب المصطفة بشكل عبثي، وهو ما يعكس عدم تنظيم الجد لحبوبه، ويستخدم الراوي احد الأكياس المثقوبة ليصور – من خلال كلمة (يبدو) – قارضا ما وهو يقوم بفتحها. بينما في نهاية الصورة في (خ) نجد صورة الطيور المستفيدة من الثقب السابق.

خامسا. الصورة السمعية والسمعية المختلطة بحاسة اخرى

  1. البعد السمعي للحفيد واللمسي للجد والمزرعة

لنتابع المقطعين التاليين حيث نجد توظيف حاسة اللمس للجد وما يخص المزرعة من عمل أو حركة وتخصيص البعد السمعي لما يخص الولد:

(أ) اليوم التالي، كان جدِي يزرع شجرةً ما، (ب)  كانت يداه إحداهما تمسك بعنق النبتة كأنها تشد خناقها، قبضته محكمة على منتصف النبتة، الفروع الصغيرة والقليلة والوريقات الخضراء كانت تلامس ساعده مبللة إياه بما تبقى من الندى، (ت) كنتُ أراقبه من كرسيي والملل يكاد يقتلني، عمي غادر الصباح الباكر، (…) (ث) في الصورة الوضع السمعي وهو السكوت تناولت وجبة الإفطار التي أعدها لي ساكتاً، استيقظ هو مع آذان الفجر، كنت أسمعه يتحرك في أنحاء المنزل ببطء مع صوت المؤذن الذي كان منخفضاً جداً وكأنه ينبع من أرض أخرى،”

في المقطع السابق نتابع تصوير الراوي لصباح اليوم التالي بين الحفيد والجد، نجد في (أ) خبر ما يقوم به الجد، ثم في (ب) نتابع اللمس حيث الحفيد يتابع جده ويلحظ كيف يلمس الجد الأشياء في بقوة، ثم في (ت) خبر سفر العم، ثم في (ث) صورة سمعية لفعل الجد تتضمن السكوت، ثم باقي ما يسمعه الحفيد كان صوتيا مسموعا بينما في المقطع التالي الذي هو مباشرة بعد المقطع السابق نتابع نفس الطريقة من جديد:

“(أ) أمسك النبتة وأدخلها ببطء في الحفرة التي حفرها لها، كانت التربة لازالت ندية، لونها البرتقالي المبلل متكدساً على الأعشاب الخضراء أضاف نكهة للمشهد، (ب) شدني صوت محرك سيارة يتوقف. كان الصوت قريب، (ت) كان يمكنني أن أسمع صوت فتح أبواب السيارة ثم إغلاقها بقوة من خلف السور حيث كان المنزل مبنياً على الطريق الترابية التي تفصل المزرعة عن المقبرة المقابلة، سمعتُ صياح بلغة لم أفهمها، ربما كانت إيطالية، اللحن الذي سمعته كان شيئاً قريباً للإيطالية، كلمة واحدة كان الصوت يرددها إلى أن حفظتها ” اسبيزيوني” ثم صوت بندقية يغطي الأفق، (ث) هرعتُ واقفاً، تركت صحن البيض أمامي، كنتُ أنظر إلى جدي، (ج) كان لايزال يزرع شجرته، وضعها بمكانها وأغدق عليها بعض التراب الذي ظل يربت عليه بعد ذلك، (ح) كان غير مبالٍ بما يجري، سمع صوت كرسيي يتحرك، إلتفت إليْ ثم نادى عليْ: جيب الشجرة. وأشار بإصبعه إلى شجيرة صغيرة شبيهةً بالأولى أمام المخزن. (خ) اختفى الصوت، كان أضغاث أحلام…”

في (أ) نجدنا من جديد نبدأ عبر صورة الجد ويقدمها الراوي بحاسة اللمس ثم في (ب) و(ت) نجد البعد السمعي بواسطة حضور الصوت للحفيد والبعد الغرائبي الذي تمثله الأصوات المتخيلة للموتى في المقبرة المجاورة، ثم في (ث) نتابع انفعال الشخصية نتيجة للصوت، ثم في (ج) عودة للجد وحاسة اللمس وهو يشتغل على زراعة شجرته، ثم في (ح) العودة للسمعي من جديد بعد اللمسي عبر نداء الجد، الجميل ويبدو كأنما هذا البعد السمعي الواقعي يطرد البعد السمعي المتخيل السابق في (خ). نظام من اشتغال متناوب متميز للحواس وتحول من اللمس إلى السمعي مع حضور الخبر من الحين للآخر.

  •  تصوير بصرية وسمعي متحرك

يقوم الراوي بوضعنا في صورة بصرية حيث يرسم فعل متكرر يوميا في (أ) ثم يصور في (ب) أماكن الموت وهي المقبرة الإيطالية التي تبدو بتربتها ورخامها مكونة من لون مرقط بالعشب ولون أبيض للشواهد الرخامية، الراوي يبدأ بالبصري أثناء حركة الفتى ومتابعته للمزرعة ويتم فيها التركيز على الأماكن التي تحيل لخطر ما، بينما فيما بعد نجدنا مع البعد السمعي حيث تهاجم الأصوات الغرائبية الولد وهي بشكل ما نتاج ما يراه بصريا في نفس المقطع.

“(أ) كنت أفعل تقريباً الأشياء نفسها كل يوم، أختبئ في حقل القمح مراقباً الحمامات، أصعد إلى خزان المياه لأتمكن من رؤية القرية بوضوح، (ب) الجبانة عبارة عن حيوان مرقط بالعشب والقبور البيض، أتفرج على مزرعة الحاج بشير، يمكنني أن أتبين في الأفق زريبة الأغنام خالية على عروشها، (ت) الزريبة التي مات فيها الأخوان،(ث)  الطريق الذي يفصل بين الجبانة ومزرعتنا حيث السيارات اللامرئية، (ج) أشاهد الجبانة بتمعن، (ح) استجمع ذاكرتي الصوتية في الليالي الثلاثة السابقة، صرير الريح، تخبط النوافذ، أشياء تتكسر، (خ) ومشهد السيارة اليومي كل صباح عند العاشرة تماماً بذات التفاصيل، محرك سيارة، قرقعة أبواب ثم أحدهم يصيح ” اسبيزيوني “، (د) ربما أحدهم يقوم بتفتيش الموتى، والبحث عن حي بينهم…ربما.”

  • الصورة السمعية لتفعيل الغرائبي

المقطع التالي  نجد فيه نفس النظام السابق حيث الراوي يصور لنا صورا سمعية من خلال ما يتخيله الفتى من اصوات، وهي تقدم بصيغة متواترة مما يوحي بانها مستمرة وغير متوقفة أو منتهية، لنتابع ذلك فيما يلي:

(أ) في الليل، كان المكان ينقلب إلى حفل من الأصوات المرعبة، (ب) كنت أنام في غرفتي وحيداً استمع لصوت سقوط برميل ما، أوراق الشجر تصفعها الرياح، كلاب الجبّانة تنبح، نافذة إحدى الغرف تتحرك وتصطدم بالحائط مصدرة قرقعة قوية، أصوات أخرى لم أتمكن من تبينها تتراوح من العالية إلى المنخفضة، (ت) كنتُ دائماً ما أواجه صعوبة في النوم، أفحص سقف الغرفة بعيني، (ث) أحرك رأسي ناحية أي خيال تصنعه لي عينايْ،(ج) كنت لا أنام مرتاحاً أبداً، يأخذني النوم إلى أحلامي متى ما أراد هو، استيقظ النهار التالي ولا أدرِ كم لبثت مستيقظاً حتى تغلب على حفلتي النوم…”

لنتابع النظام المميز في المقطع السابق حيث الراوي يرصد لنا ما يشعر به الولد من أصوات يسمعها تقلقه، تبدأ لصورة في (أ) من خلال التأطير زمانيا ومكانيا للحدث المربك وهو تعالى الأصوات مجهولة المصدر، ويبدأ في تحديد لك الأصوات المختلفة في (ب) كسقوط برميل، أو اوراق شجر تصفعها الريح وهكذا، ثم يقوم في (ت) بالانتقال للبصري ليرسم لنا معاناته فهو لا يجد أمامه إلا سقف الغرفة ويستمر البعد البصري حيث يصور الراوي/الشخصية نفسه ليضع أمامنا كم القلق الذي يعيشه، ثم ينتقل في (ج) إلى الخبر حيث يخبرنا بعدم نومه مرتاحا بصيغة متواترة ويلخص لنا ما يحدث في كل ليلة من السهر وصعوبة النوم.

4. صورة سينمائية بصرية في نهاية القصة

وفي نهاية القصة نجد صورة بصرية سينمائية تعكس توتر الولد، فهو يبحث عن الراعي المتخيل الذي كان يظهر له وأراد ان ينقل له حزنه من جده الذي لا يريده ولا يرييد كتابته ولا كاغطه، كما نتابع رمزية رمي الكاغط في الزريبة في النهاية

“(أ) ركضت أبكي إلى احمد، لم أجده، بحثت في زريبة الأغنام عنه، (ب) كانت الزريبة خالية على عروشها، بقايا حبل يتدلى من شجرة  تتوسطها، أحواض المياه والطعام كانت مليئة بالتراب والأوساخ كأنها هجرت منذ سنين، كانت عصا احمد ملقياً بها بجانب باب الزريبة، لا وجود له ولا للأغنام في المرعى ولا حتى في ما تبقى من الأماكن التي كان يمكن أن يكون بها ذلك الوقت من النهار، (ت) كنت لا أزال أحمل الكاغط، نظرتُ إلى كلماتي التي كتبتها، (ث) لازال الدمع ينهمر من عيني، بللت الكاغط بدموعي، (ج) كنت أقرأ كلماتي وشريط من لا مبالاة جدي يمر، عصرته وألقيت به في الزريبة.”

هذه السرعة تتناسب مع حجم التوتر في نهاية القصة، حيث الشخصية يعيش حالة انفعال كبيرة ويبحث عن الراعي المتخيل أحمد ليشكي له همه ويحكي له عن فعل الجد. في (ب) نجد صورة بصرية للزريبة مكونة من: بقايا الحبل، وعصا الراعي أحمد، والأوساخ تملئها، في (ت) الشخصية ينتقل من صورة المكان إلى صورته هو ذاته وإلى كلماته وما كتبه، ثم في (ث) صورة الولد ودموعه وشعوره بالألم ثم في (ج) نتابع صورة الكاغط وما يتخيله عن فعل الجد.

سادسا. خلاصة عن الاشتغال على الحواس

تميزت قصة الكاغط بالتوظيف المميز للصورة التي فيها اشتغال على الحواس، بل إن عديد الحواس التي نجدها من العادة مهملة كانت حاضرة ولها توظبفها ومنها حاسة الشم وحاسة اللمس.

كانت الصور تتباين بين المتحرك والثابت وكانت أغلب الصور الثابتة تعتمد على الجانب البصري في تكوينها، وكان من الصور الثابتة صورة كرسي الجد ومكوناته التي صورها الراوي تصويرا مميزا، كما قام بتصوير الكرسي في الحجرة المهملة، كما تمّ تصوير مكونات جلسة الشاهي (العالة) بشكل مميز وتمّ تصوير الراعي صورة مميزة تعكس ثقافة الراوي ووعيه المميز وكان فيها تركيز على جعل الصورة واضحة مختلفة عن كل تصور اخر من خلال وصف دقيق لمعظم مكونات وجه الشخصية. كما تمّ تصوير النعجة بصريا، كما تابعنا صورا متحركة فيها تصوير لعملية صيد الحمام وحركته في الجو، وصورة أخرى لطائر لحظة اقتناصه جردا.

كان البعد الحركي في هذه الصورة إيحائي؛ بمعنى أنها تتكون من لقطات مختلفة لكن المعنى العام يعبر عن حركة سابقة وتالية فيها، كما كان هناك صورة لحمودة منتحرا معلقا في الحبل في الزريبة، وكان التركيز ضمنها على البعد البصري مع حضور بسيط لبعدي: الشم (الرائحة)، واللمس.

كان غالبا ما يتم توظيف البعد اللمسي عند تصوير الجد لإشعارنا بخشونته بالإضافة لتصويره بصريا صور توحي ببعد لمسي مثل صورة وجهه، كما تمّ توظيف البعد اللمسي مختلطا مع حواس اخرى مثل البصري لدمج صورة شمس الظهيرة في الصيف مع لسعات الشمس المُحْرِقة، البعد اللمسي استخدم أيضا لوضعنا في صورة المزرعة والعملأو الحركة فيها، حيث تابعنا مقاطع كان فيها عمل الجد في المزرعة يقدم عبر صورا لمسية، أيضا عندما تمّ تقديم استكشاف الولد للمكان كان ذلك لمسيا وشميا من خلال رائحة الندى والعشب.

بينما كان البعد السمعي الأداة المناسبة لوصعنا في إطار الجانب الغرائبي المتمثل في تلك الأصوات المخيفة التي تحيل للبعد الفنتازي، حيث كنا نتابع الصور السمعية لتلك الأرواح المتخيلة المقيمة في مناطق مجاورة للمزرعة، وكان الولد متوترا بل خائفا منها، وتسببت في إرهاقه نفسيا، خاصة وهو لا يرى حضور هذا البعد السمعي عند الجد.

 تم توظيف البصري مع السمعي لوضعنا في وضع الشخصية ومشاعره، كما كان يتم توظيف الخبر غير المتعلق بالحواس لتقديم خلاصة عن الموقف السردي في لحظة محددة.

كانت هناك مشاهد يتم توظيف الصور التي تشتغل على حاسة الشم ومنها صورة حجرة التخزين في البيت التي كانت صورتها شديدة السوء، مع تداخل روائح الفئران وعفن الجبن المستخدم لقتلها وغيرها من الروائح المختلفة، مما جعل الصورة شديدة السوء وتقدم انطباعا سيئا للطفل القادم ليعيش مع جده في المزرعة في أول ساعة له هناك، كما يمكن أن نلاحظ أن الأرض قد يتم تصويرها شميا بنقل صورة مكونات التربة وما فيها. بينما تابعنا في نهاية القصة صورة سينمائية بصرية يتم تصوير آلام الفتى المكسور الباحث عن الراعي المتخيل احمد ولم يجده. كانت لحظة درامية انتقل فيها الراوي بالمروي لهم من صورة لأخرى سريعا ليضعنا في لحظات حزن الشخصية وقد كان التصوير مميزا خاصة ونحن نتابع البكاء والدموع وغيرها من الأشياء الدالة على الألم.


[1] عبد الحكيم المالكي، آفاق جديدة في الرواية العربية، الفصل السادس


[1] محمد النعاس، قصة الكاغط، يمكن الاطلاع على القصة على هذا الرابط بموقع بلد الطيوب:

http://tieob.com/%d9%82%d8%b5%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%83%d8%a7%d8%ba%d8%b7/

مقالات ذات علاقة

وجها القمر

أحلام المهدي

بصماتُ امرأة في سوق الحشيش

إبتسام صفر

الحبكة الغائبة في القصة القصيرة جدا

المشرف العام

اترك تعليق